'مهما فعلوا لن نترك شنكال'

بعد الفرمان الـ 74 الذي تعرض له المجتمع الإيزيدي، بدأت شنكال بلغتها وعقيدتها في بناء استقلاليتها وإدارتها الذاتية تدريجياً على أساس أفكار الحياة الحرة. في المقابل، وفي السنوات الثماني التي أعقبت الفرمان، تعرضت للعديد من الهجمات الأخرى

 أفين زندا

شنكال - شنكال وفي غضون ثماني سنوات وعلى الرغم مما تعرضت له من معاناة وآلام في المجزرة تحولت من موطن المجزرة إلى موطن الحياة الحرة. يمكن للمرء أن يرى علانية وبكل وضوح الجمال الذي بناه المجتمع الإيزيدي في كل منطقة وقرية وحي في شنكال.

من هذه الأماكن قرية السكينية الواقعة في الجهة الجنوبية لجبل شنكال. تعيش 20 عائلة في هذه القرية، وقد أقامت دائرة الصحة مستشفى للشعب في وسط القرية حتى تتمكن قرى المنطقة من تلبية احتياجاتهم وبهذه الطريقة تم تلبية احتياجات الأهالي الصحية.

لكن الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني هاجموا الأهالي على الدوام حتى بعد الفرمان وذلك لإخلاء شنكال. نتيجة لهذا التعاون الوحشي، تعرضت شنكال للغارات الجوية عشرات المرات. ففي شهر آب/أغسطس وهو شهر أسود بالنسبة للمجتمع الإيزيدي، هاجمت الدولة التركية ومرتزقتها شنكال بشكل متكرر. في 16 آب/أغسطس عام 2021 هاجمت الدولة التركية أحد قيادات المجتمع الإيزيدي سعيد حسن، والمقاتل في عيسى خوديدا بطائرة مسيرة، في اليوم التالي عندما توجه الإيزيديين إلى خيمة العزاء التي أقيمت لهؤلاء الشهداء. هاجمت الدولة التركية ومرتزقتها مرة أخرى مستشفى السكينية بوحشية.

أسفر الهجوم على مستشفى السكينية عن مصرع 8 أشخاص، 4 منهم من العاملين الصحيين، و4 من مقاتلي وحدات مقاومة شنكال من المكونين العربي والإيزيدي. وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لشهداء مستشفى السكينية توجهنا إلى القرية.

 

"لقد عانينا في الفرمان من مصاعب العمر بالكامل"

تجولنا قليلاً في القرية، وذهبنا إلى المستشفى المدمر. أعادتنا هذه الصورة المؤلمة إلى تاريخ السابع عشر من الشهر. رأينا أماً من مسافة بعيدة وتوجهنا نحوها بسرعة. الأم التي كان تدعى ليلى مراد، رحبت بنا بلهفة مثل جميع الأمهات، عندما قالت إن القرية هادئة، هززنا رؤوسنا وعرفت هي أيضاً لماذا اخترنا القرية وتوجهنا إليها. قالت ليلى مراد "قريتنا كانت جميلة جداً، لذلك هاجمتنا الدولة التركية عدة مرات".

وأضافت "كنا نعيش في سيبا الشيخ خضر، لكن قبل الفرمان بخمس سنوات عدنا إلى قريتنا في السكينية. كانت قريتنا جميلة جداً. فليعاقب الطاووس الملك أولئك الأعداء، فالكثير من بناتنا وأولادنا وأمهاتنا وشيوخنا قتلوا وأُهينوا دون ذنب أو سبب. بسبب تلك الهجمات قرر مجتمعنا مغادرة جبل شنكال، وعندما فررنا لم يكن يوجد لدينا حتى كأس ماء. لقد كان واضحاً أن كل واحد منا قد واجه صعوبات. ولكن نشكر الطاووس الملك، فقد بدأ شعبنا العمل بعد الفرمان وأعادوا بناء شنكال أفضل من ذي قبل".

 

"لقد كانوا يأتون إلى مستشفانا من كل مكان"

عندما سألنا ليلى مراد إذا ما كان بإمكانها التحدث عن المستشفى، قالت لنذهب ونرى الوجه الحقيقي للدولة التركية معاً. كان لدى ليلى مراد الكثير من المشاعر القوية لدرجة أنها تحدثت دون أن نطرح عليها أي سؤال عن بناء المستشفى والشباب الذين عملوا فيها وشخصيتهم.

بدأت ليلى مراد وصف المستشفى بهذه الكلمات "بعد الفرمان عمل شبابنا بجد لتثقيف أنفسهم وأصبحوا جنوداً وأطباء. في السابق كانت مستشفى السكينية مدرسة للأطفال، ولكن بعد الفرمان انتقلوا جميعاً إلى أماكن أخرى، وتُركت المدرسة فارغة وتحولت إلى مستشفى بجهد كبير. عندما كنا نذهب إلى المستشفى، نلقى احتراماً وتقديراً، وكان الناس سعيدين جداً بهذه المستشفى. عندما كنا نرى أنهم من أبنائنا كنا نذهب بكل سهولة وراحة ونخبرهم بكل أمراضنا، وكانوا يقدمون لنا الخدمات ويعالجوننا مجاناً. لقد تعلموا مهنتهم بجهودهم الخاصة".

 

"تعرض مستشفانا للهجوم أمام أعين العالم"

قالت ليلى مراد "كنا نعتقد ونقول إن المجزرة التي تعرضنا لها قد انتهت، لكن فقدنا بقية أصدقائنا أيضاً في المجزرة التي تعرضت لها المستشفى"، تحدثت بالتفصيل عن كيفية إخراج الشهداء والجرحى من المستشفى واحد تلو الأخر "لم نكن نتصور أبداً أن المستشفيات ستتعرض للهجوم، لأن هذا لم يحدث في أي مكان في العالم. لكن حدث ذلك في شنكال وأمام أعين العالم كله. عندما سمعنا صوت القصف، خرجنا جميعاً من منازلنا ورأينا أنهم قصفوا المستشفى. ذهب زوجي وابني لنجدتهم. على الرغم من أن الناس ذهبوا لنجدة وإنقاذ الجرحى، إلا أن العدو واصل الهجوم وقام بقصف المستشفى أربع مرات".

وأوضحت "عندما كانت المستشفى قائمة، لم نكن نحن فقط من نتلقى العلاج فيها فقد كان الأهالي يأتون من القرى العربية وسكان الموصل أيضاً يأتون لتلبية احتياجاتهم الصحية في هذه المستشفى".

 

"لا يريدون أن ندير أنفسنا"

قالت ليلى مراد "في الواقع، لا يريدون أن يعمل الناس من أجل أنفسهم. يريدون تدمير وإبادة الإيزيديين. يعلم الجميع أن الكريلا أنقذونا بعد أن تم تدميرنا وأعادونا إلى جبالنا مرة أخرى. هؤلاء القادة الذين يتم استهدافهم هم جميعاً أبناءنا. يريدون منا ترك شنكال حتى يتمكنوا من وضع كل هذه الأراضي تحت سيطرتهم".

 

"شنكال تاج فوق رؤوسنا"

ووصفت ليلى مراد حبها لشنكال بهذه الكلمات "حتى لو أنهار العالم فلن نتنازل عن شنكال ولن نتخلى عنها. طالما يوجد واحد منا، طالما أن أعيننا مفتوحة وطالما كان هناك طفل على صدر أمه، فلن نترك شنكال. شنكال تاج فوق رؤوسنا، شنكال أغلى ما نملك".

 

https://1128498596.rsc.cdn77.org/video/17-08-2022-sengal-ledana-nexwesxaneya-sikeniye%20%281%29.mp4