مفهوم وفلسفة شعار "Jin Jiyan Azadî"
تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة الأمريكية ماري دالي أن الحركات القومية لا تحرر المرأة بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكن الانتفاضة الشعبية في إيران والتي بدأت بقيادة النساء تحت شعار "Jin Jiyan Azadî" تختلف عن باقي الحركات القومية.
شادي أحمديان
مركز الأخبار ـ "Jin Jiyan Azadî" هو الشعار الرئيسي للانتفاضة الثورية للشعوب المضطهدة في إيران ضد حكومة الجمهورية الإسلامية الأبوية المعادية للمرأة، هو الشعار الأكثر تقدماً الذي تم ترديده في جميع أنحاء العالم. تشير كلمة امرأة Jin"" في هذا الشعار إلى النساء اللواتي كنّ تعشن في ظل أنظمة الحكومة والقانون والنظام الأبوي، فهن تناضلن طوال حياتهن وتدافعن عن حقوقهن، وتحمل رسالة مفادها أنه ما دامت النساء في المجتمع لم تحصلن على حقوقهن الإنسانية فإن المجتمع لن يفهم معنى الحرية.
هذا الشعار الذي استخدم لأول مرة من قبل الكرد، يشير إلى أن حرية المجتمع لا يمكن أن تتحقق إلا بضمان حقوق المرأة. النساء كنصف المجتمع لهن تأثير كبير على البنية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وخاصة البنية السياسية للمجتمع، فإذا تم تجاهل حقوقهن الاجتماعية، سيتضرر الرجال بقدر تضرر النساء، بمعنى آخر، إذا اعتبرنا المجتمع كجسد إنسان واعتبرنا الرجال والنساء نصفين من هذا الجسد، فإن عدم استخدام قدرات وإمكانيات المرأة نتيجة التمييز المنهجي، فسيحدث شلل نصفي لهذا الجسد، حرمان المرأة من التمتع بحقوقها الفردية والاجتماعية يعني حرمان المجتمع بمجمله لأنه لا يستخدم نصف طاقاته.
من ناحية أخرى يتسبب التمييز القانوني بين الجنسين الموجود في الأسرة والمجتمع في حدوث وتصعيد التوترات الأسرية وتفاقهما يخلق شكلاً من أشكال العنف والاضطرابات الاجتماعية التي يمكن أن تعرض المجتمع لخطر انعدام الأمن. من بين أمور أخرى، يمكن أن نذكر زيادة المشاكل العقلية والنفسية، وزيادة معدل الطلاق، وزيادة الجرائم الاجتماعية، والقتل الزوجي، وهروب الفتيات، وجرائم الشرف، والدعارة والانتحار، والتضحية بالنفس. يجب التأكيد على أنه إذا كانت الأسرة لا تتمتع بالأمن النفسي والسلام والسعادة، فإنها ستنشئ جيلاً بعيداً عن مؤشرات الصحة النفسية.
كما أن للمرأة تأثير كبير على المعادلات السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع بسبب دورها الأساسي في إنتاج الثقافات الفرعية الاجتماعية نظراً لكونها مسؤولة عن تربية الأطفال. تشير انتفاضة "Jin Jiyan Azadî" بقيادة النساء والفتيات في إيران وشرق كردستان إلى نفس النقطة المهمة التي أنشأت المرأة الواعية، بالإضافة إلى النضال من أجل حقوقهن، جيلاً يسعى إلى إحداث تغييرات جوهرية.
أظهر شعار "Jin Jiyan Azadî" أنه حتى القضاء على الحد الأدنى من التمييز، بما في ذلك حق المرأة في التعليم، يمكن أن يخلق تغييرات سياسية واجتماعية كبيرة، وبالتالي وفقاً لاعتقاد العديد من النساء والرجال الكرد، يحرر النساء من القوانين المناهضة للمرأة والتمييز بين الجنسين ضروري، ولن تؤدي إلا إلى تحرير المجتمع. بعبارة أخرى، حرية المرأة هي حرية المجتمع. في الانتفاضة الأخيرة في إيران، أدت المقاومة الفريدة للنساء والفتيات في الخط الأمامي للنضال إلى استمراره وتحويله إلى انتفاضة شعبية في جميع أنحاء البلاد. حتى مع تلاشي الاحتجاجات تستمر ألسنة النيران مشتعلة تحت الرماد، وبالرغم من كل الأساليب التي تتبعها لم تتراجعن عن انتفاضتهن.
تشير كلمة حياة Jiyan"" أيضاً إلى أن نفس "الحياة" مهم جداً، بمعنى أنه يمكن القول إن الوقوف والمقاومة هما اللذان يضفيان المعنى على الحياة. لا تريد كلمة الحياة قمع الحاجات الداخلية التي يضحي بها القانون والدين وما إلى ذلك. هناك الحاجة إلى علاقة حرة مع الجنس الآخر، وحاجة إلى ظروف اقتصادية مواتية، ورعاية اجتماعية والسعادة... إلخ.
تريد كلمة الحرية "Azadî" أن تلقي بظلالها على رؤوس كل الناس وتشمل الحريات السياسية والاجتماعية والمدنية، وبعبارة أخرى أسلوب حياة حر. في ظل الحرية تتمتع جميع الأعراق سواء أكانت دينية أو لغوية أو غير ذلك، بحقوق المواطنة.
يريد جيل الشباب/ات هذه الحرية للأقليات الجنسية، إنهم مهتمين بهذه الحرية أكثر من أجيالهم السابقة. من وجهة النظر هذه، يمكن تفسير سبب الترحيب بشعار "Jin Jiyan Azadî" من قبل النساء والفتيات والشباب/ات في إيران، وكذلك الرأي العام لشعوب العالم. يظهر ذلك التكرار اليومي لهذا الشعار وتحوله إلى اتجاه عالمي.
يعتقد بعض المفكرين الغربيين أن هذا الشعار مختلف للغاية وتقدمي بطريقته الخاصة وكلمة امرأة تحمل رسالة واضحة مفادها أن الحرية لا يمكن أن تتحقق دون ضمان حقوق المرأة ومن وجهة النظر هذه فإن شعار "Jin Jiyan Azadî" ينقل الرسالة.
إن ثورة "Jin Jiyan Azadî" بالدور الأساسي للمرأة والشباب/ات هي علامة على هذا الحدث المهم الذي نواجهه هو أكثر من مجرد ثورة سياسية يبدو أن هذه الثورة لا يمكن تفسيرها في إطار نظريات علم الاجتماع الكلاسيكي ويجب على علماء الاجتماع إنشاء كلمات ونظريات جديدة لها.