مبادرة "ياء الملكية" تعمل على ملف الصحة الإنجابية والجنسية في أسوان
العمل على ملف الصحة الجنسية والإنجابية أمر بالغ في الصعوبة، خاصة إن كان في نطاق متأثر بالعادات والتقاليد الراسخة والتي يعتبر الحديث عنه درباً من التجاوز الأخلاقي، وهو ما يجعل المهمة شاقة على المؤسسات التي تعمل على هذه الملفات.
أسماء فتحي
القاهرة ـ تعمل مبادرة ياء الملكية في محافظة أسوان ذات الطبيعة القبلية المعقدة بالعادات والتقاليد المتجذرة على تصحيح المفاهيم الخاطئة في ملف الصحة الإنجابية والجنسية لدى المرأة.
تعتبر مبادرة "ياء الملكية" واحدة من المبادرات العاملة على ملف شائك وضروري وهو الصحة الجنسية والإنجابية والأهم أنها تقوم بعملها في محافظة أسوان ذات الطبيعة القبلية المعقدة بالعادات والتقاليد المتجذرة في نفوس الأفراد.
لمحافظة الصعيد في مصر طبيعة خاصة، تتحمل النساء فيها الكثير من الانتهاكات والأزمات دون أن تتمكن من الإفصاح عنها، ولا يمكن إغفال حجم انغلاق المجتمعات داخل القرى خاصةً تلك البعيدة عن مركز المدينة وصعوبة العمل على تنمية الوعي فيها خاصةً إن كان الأمر مرتبط بالصحة الجنسية والإنجابية للمرأة.
وللتعرف أكثر على تجربة العمل على هذا الملف وحجم التأثير فيه كان لوكالتنا حوار مع عضوة مبادرة "ياء الملكية" شيماء أبو زيد، والتي تعمل داخل محافظة أسوان في مجال التوعية بالصحة الجنسية والإنجابية للنساء، فضلاً عن تصويب الأفكار المغلوطة حول تلك المنطقة المظلمة في العقول هناك.
مبادرة ياء الملكية لها طبيعة خاصة وتأثير على واقع المرأة في أسوان، فهلا تحدثتم أكثر عن مجالات عملها واهتماماتها؟
نعمل في محافظة أسوان ذات الطبيعة القبلية التي تحتوي على الكثير من العادات والتقاليد المغلوطة والمؤثرة سلباً على حياة النساء وحقوقهن على ملف الصحة الإنجابية والتربية الجنسية.
ووجهنا عملنا في مبادرة "ياء الملكية" لجميع الأسر في العديد من القرى وحتى مدينة أسوان ذاتها التي تحتوي على الكثير من الأفكار التي تحتاج العمل على تصحيحها خاصةً مسألة التربية الجنسية التي تعتبر واحدة من القضايا الشائكة والتي لا يتم التعامل معها بالشكل الطبيعي.
ونظراً لطبيعة محافظة أسوان المحافظة والتي تقف عاداته وتقاليده وأفكاره عائقاً كبيراً في مواجهة التغيير الثقافي صادفنا في بداية عملنا الكثير من الصعوبات، ولكن مع الوقت تمكنا من كسب تأييد مناسب فقمنا بعدد من التدريبات التطوعية للنساء.
وقد كانت هناك فائدة متبادلة مع المتدربين وممن تواجدوا في جلساتنا التوعوية خاصةً في مسألة ختان الإناث والمراهقة التي لا تعلم عنها الفتيات الكثير ولمسنا غياب كامل للمعرفة حول الثقافة الجنسية وكأنها منطقة مظلمة كلياً في عقولهم.
الحديث عن الثقافة الجنسية والصحة الانجابية أمر شائك وقطعتم هناك العديد من المعوقات التي صادفتكم فكيف تعاملتم مع واقع الصعيد المنغلق تجاه هذه الأفكار؟
سلكنا في بداية عملنا الطريق الأبسط من خلال عقد دورات "جلسات الحكي"، وحاولنا معرفة مستوى الفئات المستهدفة متحدثين عن أسس التربية الجنسية السليمة، لنتجه بعدها إلى إصلاح المفاهيم الخاطئة في وعي الفئات المستهدفة، ومناقشة العيب في تقديرهم ومخاوفهم الخاصة بهذا الملف.
وهناك أفكار جمعية حول مفهوم كلمة الجنس وربطها بكل ما هو خارج عن الأدب والأخلاق السليمة، وحاولنا أن نغير تلك المفاهيم من خلال الشرح المفصل حول الثقافة الجنسية وأهميتها كونها واحدة من الحقوق الإنسانية فضلاً عن سرد أهمية ذلك وتأثيره على المجتمع.
وتمكنا من الربط بين الثقافة الجنسية والصحة الإنجابية بخلق حياة أكثر أتزاناً وقدرتها على تحقيق معادلة الأمومة الناجحة، ومثل هذه النقاشات ساعدت في إزالة الكثير من المعوقات التي تحول دون قدرة النساء على الوصول للمعلومات الصحيحة وأحدثت تغيير حقيقي وإن كان محدوداً ولكنها أثبتت أن الأسس التي نعمل عليها منضبطة وسليمة.
وقد نوعنا في أساليب وأدوات الطرح باستخدام الفن والمسرح والرسومات والجرافيك للوقوف بشكل أكثر وضوحاً على مشاكل الصحة الإنجابية والجنسية للمرأة.
خلال عملكم داخل المجتمع في أسوان بالطبع صادفتكم العديد من التجارب النسائية هلا تحدثتم عن جانب منها؟
طبعاً صادفنا العديد من التجارب السلبية والإيجابية منها، فمن التجارب والمواقف الإيجابية قابلنا أولياء أمور أخبرونا أنهم لا يعرفون كيف يقومون بتربية أطفالهم جنسياً ويرغبون في ذلك، وبالمقابل صادفنا نساء أبدوا رغبتهم في الحصول على معلومات صحيحة ينقلونها لأطفالهن مع اهتمامهم بمعرفة ادواتهم في تحقيق ذلك، وهو أمر أثار إعجابنا إلى حد كبير.
وبعض الأمهات جاءوا إلينا باحثات عن الثقافة وأكدن أن الزمن أختلف وأن الانترنت بات يعرض لأطفالهن الكثير من الأفكار التي قد يكون بعضها مؤذي، لنقوم بتقدم العون للنساء في مختلف احتياجاتهم.
وأما عن الجانب السلبي فقد صادفنا نساء رفضن تماماً الاستماع لأية معلومات أو أفكار تتعلق بالجانب الجنسي متأثرات بالعادات والتقاليد المتجذرة بداخلهن، وهو الأمر الذي جعلنا نتنوع في طرق الوصول إلى هذه الفئات من المجتمع، فأحياناً نبتعد عن الشكل الأكاديمي حتى نصل لعقول وقلوب الحضور.
ماذا عن أكبر معوقات عملكم في المبادرة وكيف تمكنتم من أزالتها؟
كانت من أكبر الأزمات التي صادفتنا خلال عملنا هو وجود العديد من الفتيات اللواتي كن ترتدننا إلينا لتزيدن من ثقافتهن لكن بسبب خوفهن من الوصم المجتمعي لم تستطعن الانضمام إلينا، كما صادفنا فتيات كان لديهن الكثير من الأفكار المغلوطة التي تم نقلها من الأمهات بسبب قلة وعيهن وإدراكهن الخاطئ للجانب الجنسي والصحة الإنجابية.
واضطرت الكثيرات منهن للتحايل على الأمر وأخبار أولياء أمورهن بأنهن تذهبن لندوة حتى يتم السماح لهن بالخروج من المنزل لكونهن شغوفات برفع معدل وعيهن وثقافتهن في هذا الملف.
أما عن أسلوب تعاملنا مع تلك المعوقات فقد قمنا بتوفير مفتاح لكل قرية متمثل في الليدرات (قائدات) لتسهيل التواصل مع النساء هناك وتطمينهن، وهو الأمر الذي يجعل من مهمة عمل مبادرة "ياء الملكية" سهلة وخلق مساحة خالية من المخاوف مع الفئات المستهدفة.