مبادرة "الحارسات" تسلط الضوء على دور النساء خلال الثورة السودانية
سلطت مبادرة "الحارسات" الضوء على دور النساء خلال الثورة السودانية، ووثقت الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلين/ات في السجون.
ميساء القاضي
الخرطوم ـ أسست هادية حسب الله مبادرة "الحارسات" وهي مبادرة نسوية تشكلت إبان ثورة ديسمبر برفقة ثمانية نساء أخريات تجمعن من أجل إثبات الوجود النسوي في الحراك.
ثورة ديسمبر أو الثورة السودانية هي سلسلة من الاحتجاجات السودانية التي اندلعت في التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2018، في بعض المدن السودانية بسبب ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتدهور أوضاع البلاد في كافة المستويات.
وبدأت الحارسات العمل في كل ما يخص حراك الناس في الشارع بدءاً من الإعلان المواكب للخروج في التظاهرات، فقد شاركت الحارسات بقوة في مراحل الثورة، وتم اعتقال عدد من عضوات المبادرة، ولم يثنيهن ذلك عن المضي قدماً من أجل انتصار الثورة وتحقيق أهدافها.
وأوضحت رئيسة مبادرة "الحارسات" هادية حسب الله لوكالتنا أن الحارسات بعد سقوط النظام وعلى أرض اعتصام المتظاهرين أمام القيادة العامة، خصصن خيمة للمبادرة لتعكس دور النساء في الثورة وتوضح مطالبهن.
"حكاوي السجون"
كان إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية واحدة من المطالب التي نادى بها المتظاهرين وتبنتها الحارسات كمطلب مهم يجب أن يتوحد الجميع حوله، وأشارت هادية حسب الله إلى إنهن قمن بتوثيق الانتهاكات التي كانت تقوم بها تلك الأجهزة عبر إحدى الأنشطة تحت عنوان "حكاوي السجون" سلطت من خلالها الحارسات الضوء على حكايات الناشطين والمتظاهرين والانتهاكات التي تعرضوا لها خلال فترات الاعتقال وكان هذا الأمر بمثابة دعم نفسي لمن تعرضوا لهذه الانتهاكات مما خفف عنهم معاناتهم.
وبرزت أهمية نشاط مبادرة الحارسات في تقديم الدعم النفسي للضحايا بعد فض اعتصام القيادة العامة، حيث عملت الحارسات بجد من أجل رفع آثار الصدمة عن المتظاهرين في ذلك الوقت عبر عدد من المشاريع التي قامت بها المبادرة، وعن ذلك تقول "كنا مجموعة ناشطات فقط لكن عندما بدأنا العمل على تقديم الدعم النفسي، شعرنا بالحاجة إلى تنظيم أنفسنا أكثر وقمنا بتسجيل الحارسات كمنظمة، ومنذ ذلك الوقت نعمل على كافة القضايا التي تخص النساء وتحقيق العدالة لهن وحراسة قيم الثورة وهي الحرية والسلام والعدالة".
مصالح النساء أولاً
وأشارت إلى أن مبادرة الحارسات وضعت أمام أعينهن هدف المحافظة على قيم الثورة وما جاءت لتحقيقه لكن قضايا النساء تأتي في المقدمة ويتضح ذلك جلياً من خلال الأنشطة التي تقوم بها "واحدة من القضايا المهمة بالنسبة لنا هي مسألة مشاركة النساء في العملية السياسية لأننا حريصات على وجود المرأة في المجال العام، وبالتالي نحرص على الإسهام في القضايا المختلفة عبر المكاتب التخصصية المختلفة للمبادرة".
وأضافت "لدينا حوالي تسعة مكاتب مختلفة في أنشطتها منها حارسات الصحة وحارسات الروح تعملن في مجال الصحة النفسية وهو أول المكاتب التي عملت بعد فض الاعتصام لمعالجة الصدمات النفسية التي نشأت عن تلك الحادثة، وحارسات البلد وحارسات درء الكوارث وحارسات الكلمة وغيرها من المكاتب التي تعمل على أنشطتها بشكل مشترك، لا نعمل بشكل منفصل حيث يجمعنا المكتب التنفيذي فهو يضع الخطط والاستراتيجيات المختلفة ونعمل معاً بروح استثنائية".
وأكدت هادية حسب الله أنهن محافظات على روح الثورة والاعتصام "تسود بيننا درجة عالية من التعاون ورغبة في العمل المشترك غير ذلك ما يميزنا هو أننا مختلفين في الأعمار والأعراق بشكل كبير، وبرغم التفاوت العمري الذي هو أحد الحواجز الكبيرة في مجال العمل العام ويكثر الحديث عن وجود فجوة عمرية تخلق تفاوت في التفكير، إلا أننا نتعامل مع هذه الاختلافات بتسامح ونتقبلها".
العالم بعيون النساء
ولفتت إلى إن العدد الأول من مجلة "الحارسات" سيرى النور في الأيام القادمة وعرف هذا الإصدار بأنه محاولة لرؤية العالم بعيون النساء، مشيرةً إلى أنها مجلة متنوعة تخاطب كل النساء وهي نتاج جهد "حارسات الكلمة"، أما "حارسات الروح" فتقمن بنشاطات مختلفة بدأً من تدريب الفئة الشابة على المعالجات النفسية الإسعافية وأيضاً تعملن من خلال مجموعات المساندة والدعم النفسي وأيضاً تعمل الحارسات في التثقيف والعمل الاجتماعي، بزيارة النساء في أماكنهن وتنظيم نشاط "جبنة فاهمة" وهو نشاط لتبادل الخبرات بين النساء عبر زيارة النساء في الأحياء، وطرح مواضيع متعلقة بهن.
وأوضحت هادية حسب الله أحد نشاطات الحارسات المختلفة وهو تخصيص مساحة للنساء في مقر المبادرة لمشاهدة كأس العالم، ولأنه يصادف حملة الـ 16 يوم تقوم الحارسات بتناول قضية من قضايا النساء في هذا النشاط فقد قمن بتسليط الضوء على إحدى ضحايا العنف السياسي وهي ست النفور أحمد بكار التي قتلت في إحدى التظاهرات.
ست النفور أحمد بكار تخرجت من كلية التمريض، ووهبت حياتها للعمل الإنساني وكانت مشاركة في اعتصام القيادة العامة في خيمة منسوبي الحقل الطبي، وبعد فض الاعتصام ظلت تواصل رحلتها في العمل الطوعي في مجال الإسعافات في المواكب الاحتجاجية، حتى قتلت في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 عندما كانت تشارك في الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير.
وأوضحت هادية حسب الله أن الحارسات نظمت أيضاً عدد من الورش التدريبية للنساء اللواتي ترغبن في الاستقلال المادي وبدء مشاريع في مجالات الخياطة والتطريز وصناعة المعجنات وغيرها من المجالات، فهي منتجات سهل العمل عليها وتوفر دخل مادي للنساء يساهم في استقلالهن وتحررهن.
طعن أمام المحكمة الدستورية
وأكدت أن حراسة الحارسات لقيم الثورة ليست محكومة بوجود النظام الديكتاتوري فقط، فستقوم الحارسات بحراسة قيم الثورة حتى عند توفر المناخ الديمقراطي الذي يصبو إليه الجميع، وقد كانت الحارسات يقظات جداً لحراسة قيم الثورة إبان فترة الحكومة الانتقالية، فقد قدمن طعن أمام المحكمة الدستورية للمطالبة بحق النساء الدستوري الذي نصت عليه الوثيقة الدستورية بمشاركة النساء بنسبة 40% في هياكل الحكم المختلفة ولم تلتزم الحكومة الانتقالية بهذا الأمر فقامت الحارسات بتنظيم حملة كبيرة "قدامية" وقدمن طعناً للمحكمة الدستورية بمجرد تشكيلها تتوقع الحارسات النظر فيها والتعامل بحذر مع ما أنجزته النساء.