معاناة الصحفيات الفلسطينيات في قطاع غزة

يدفع الصحفيين في قطاع غزة ثمناً مضاعفاً في ظل الحرب المستمرة فهو إما أن يكون هو الضحية وإما أن تكون أسرته هي عنوان الخبر، فضلاً عن أنه يعيش ما يعيشه الأهالي من حياة تحت القصف وبلا أي مقومات للحياة أو العمل.

رفيف اسليم

غزة ـ تعاني الصحفيات الفلسطينيات معاناة مزدوجة خلال الهجوم على قطاع غزة، فكونهن فرد ضمن العائلة عليهن أداء مهامهن المنزلية الروتينية التي قد تكون قاسية وليس من السهل إتمامها في ظل نمط الحياة المفروض، ومن جهة أخرى يقع على عاتقهن واجب ومسؤولية التغطية لكافة الأحداث، مجابهات الخطورة والمتمثلة بالاستهداف المباشر والمتعمد من قبل القوات الإسرائيلية.

قالت الصحفية الفلسطينية رولا نصار، أن الحرب غيرت نمط حياه النساء والفتيات بمدينة غزة خاصة الصحفيات، فهن مطالبات بتأقلم مع نمط الحياة القاسي الذي خلفه الهجوم كالغسيل على اليد بسبب انقطاع الكهرباء، وإشعال النار لعدم توافر الغاز في المنطقة، والمساعدة في نقل المياه من نقاط التغذية النشطة، والعمل لأوقات طويلة حتى يتم تغطية غالبية الأحداث.

وأوضحت أن عملها سابقاً كصحفية كان بشكل دائم في مجمع الشفاء الطبي على الرغم من خطورة المكان واستهدافه أكثر من مرة، عدا عن الهجمات البرية المتكررة، وقد رافق ذلك نزوح عائلتها من المنزل، لافتة إلى أن الكثير من المناطق التي تذهب إليها للتغطية تطولها القذائف ولا تدري هل ستعود أم لا.

وأضافت أن الاستهداف المتعمد للمؤسسات الصحفية منذ بدء الهجوم على غزة وقصف منازل الصحفيين أو الاستوديوهات الخاصة بهم، ساهم في خلق مشكلة حقيقة بتوافر المعدات الصحفية، فأصبح الغالبية العظمى يتدبر أمره بالهاتف الذكي، عدا عن أزمة الشحن وإمكانية توافر أجهزة الطاقة البديلة المناسبة للشحن.

وعن الأنترنت قالت إن منطقة شمال قطاع غزة انعزلت عن العالم لمدة أشهر ومع بدايات عودة الأنترنت لم يكن الأمر يسيراً، بل كان شاقاً فتصوير المواد يستغرق ساعات وتصديرها يحتاج لذات المدة بعد إيجاد سطح مبنى عالي تتمكن عبره من التقاط إشارة وإيصال الهاتف الذكي بالشبكة العنكبوتية، في ظل تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع التي تمثل رعب حقيقي يذكر الصحفية على الدوام أنها قادرة على إنقاذ روحها وقتما شاءت فتترك ومن ثم تعود وهكذا.

ومن الصعوبات أيضاً بحسب رولا نصار، وسائل النقل فمع منع القوات الإسرائيلية بإدخال الوقود لشمال القطاع على وجه الخصوص لا يجد العاملين في قطاع الصحافة والإعلام غالبية الأحيان سيارة تقلهم فيضطرون للمشي عدة ساعات كي يصلوا مكان التغطية، بدلاً من الاعتذار من الضيف، تحت أشعة الشمس الحارقة ووسط شوارع خطرة ومدمرة في غالبية الأحيان.

وأضافت أنها مع كثافة التغطية تتجه دوماً للقصص الإنسانية التي تبرز معاناة الناس فتتجه لتلك المناطق التي تنسحب منها القوات لسماع إفادات المحاصرين هناك في محاولة يائسة لحشد الرأي العام الدولي ومحاولة توثيق ما يحدث.

ولا تنكر رولا نصار أنه على الرغم من أن هناك دعم من الأهالي إلا إنها تواجه مواقف صعبة خلال التغطية فالبعض لا يقبل التعامل معها بشكل قاطع كتلك المرأة التي صرخت في وجهها كي لا تصور نجلها الوحيد الذي أنجبته بعد 10 سنوات والمصاب بأمراض عدة، والعائلات التي تغلق في وجهها الباب حينما تعرف عن نفسها وغايتها في توثيق ما يحدث.

وهي لا تلقي اللوم على تلك العائلات أو ربما الشخصيات التي ترفض التعاون لأن القوات الإسرائيلية خلقت حالة من الرعب لدى مواطنين تجاه الصحفيين بعد استهدافهم في كل مكان في الطرقات، المشافي، مراكز الإيواء وداخل بيوتهم، فأصبح الجميع يخاف الاقتراب من الصحافة خشية استهدافه "في إحدى المرات عرضت على مسنة إيصالها بمركبة خاصة وعندما شاهدت الدرع أصبحت تصرخ تريد النزول بأسرع وقت مهددة برمي نفسها"، ذلك الدرع الذي حولته إسرائيل إلى مصيدة، فهي عندما ترى شارة "press" أو لون الدرع الأزرق الغامق تسعى لاستهداف العربة أو المكان دون أي رحمة، متسائلة ما الذنب الذي ترتكبه هي وزملائها الصحفيين المدنيين لينالوا ذلك العاقب القاسي؟ منتزعين أرواحهم وهم في ريعان الشباب وكم صحفي يجب أن يقتل لتطبيق الحماية التي كفلها القانون الدولي ومحاسبة مقترفي تلك الجرائم.

وأوضحت أنها تحاول توثيق عملها خلف الكاميرا ونشره لتثبت للعالم أنها مدنية لا تقترف أي اختراق، لكن قوانين مواقع التواصل الاجتماعي تحارب كل ما هو فلسطيني، فتحذف تلك المقاطع المصورة وتهددها بحذف الحساب، مؤكدة أنها لن تتوقف عن توثيق يوميات عملها والمواقف الصعبة التي تمر بها في كل يوم وستستمر بالتغطية.