معاناة النازحات في مراكز الإيواء خلال العدوان الأخير على غزة

لا تزال المرأة الفلسطينية تتعرض للعديد من الانتهاكات التي تستحوذ على الكثير من طاقتها وتفرض عليها القيود لتسلب منها حقوقها وتلك الانتهاكات ناتجة عن جرائم "الاحتلال الإسرائيلي"، أو قسوة المجتمع ومن حوله عليها

نغم كراجة 
غزة ـ ، إضافة لذلك تكون المرأة الأكثر ضرراً حال وقوع الكوارث والأزمات، فتضطر أن تنجو من هذه المصاعب بنزوحها لمراكز الايواء واللجوء هروباً من الواقع المرير الذي فُرض عليها.
من بين النساء النازحات في مراكز الإيواء خلال العدوان الأخير على قطاع غزة أسمهان عبد القادر التي تقطن في حي الشجاعية بالقرب من تل المنطار، تقول "كنت مضطرة لإخلاء منزلي لأنه قريب جداً من الحدود الشرقية، وهذا يشكل خطراً كبيراً على أسرتي، نزحت لمدارس وكالة الغوث حيث أن بيت عائلتي صغير جداً لا يتسع لي ولأبنائي وشعرت بالعجز المطلق ولم يكن هناك أي شيء متوفر من المستلزمات الأساسية لنا وعانينا من كثرة عدد النازحين وعدم وجود أي منفس وأخذ راحتنا بشكل محدود على الأقل، واضطررت بالبقاء بملابسي طيلة فترة العدوان حتى انتهائه؛ لأنه لا يمكنني طلب بعض الاحتياجات النسائية الخاصة من أحد في مراكز الإيواء، وأيضاً كان أبنائي ينامون جائعين وبنفس ملابسهم دون العناية بالنظافة الكاملة". 
وفي سياق آخر تقول (ك. م) التي تبلغ من العمر 26 عاماً "أنا حامل في بداية الأشهر الأولى واضطررت لإخلاء المنزل قبل قصفه فهرعت من منزلي إلى مدرسة الأونروا لأنه المأوى الوحيد المتواجد لدينا في هذا الوقت، ونسيت جلب أدواتي الخاصة وأدوية الحمل للعناية بالجنين فكان كل ما يشغلني في هذه اللحظة أن أهرب من منزلي سالمة".
وعن مركز الإيواء تقول "مركز الإيواء لا يتوفر به أي نوع من الخدمات غير المبيت به فقط، كنت بحاجة لاستعمال العلاج ومتابعة حالتي الصحية، ولم يكن هناك مواد تنظيف وتطهير كافية والالتزام بإجراءات الوقاية لتجنب الإصابة بالفايروس، وهذا جعلني قلقة جداً لأنني حامل وراودني الخوف طيلة فترة العدوان بسبب كثرة النازحين، لكني بقيت متأملة أن أخرج من هذه المحنة بسلام وأمان".
وتقول الأخصائية النفسية لدى مركز شؤون المرأة الفلسطينية سلمى السويركي التي تقطن في مدينة غزة "في الآونة الأخيرة بالتحديد خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة نزحت العديد من النساء إلى مراكز الإيواء ومدارس وكالة الغوث (الأونروا) التي تعد أكثر الأماكن التي كانت تقدم الخدمة للنساء النازحات خلال فترة العدوان الأخير على القطاع، وهؤلاء النساء هن أكثر هشاشة في المجتمع حيث البيوت التي يقطنها غير مهيئة للعيش فيه فترة طويلة لأنها إما تكون في المناطق الحدودية أو قابلة للسقوط في أي لحظة، فتضطر النساء لمغادرة بيوتهن والنزوح لمراكز الايواء أو لبيوت أقاربهن". 
وتابعت سلمى السويركي أن هناك أسباب ودوافع وراء نزوح المرأة لمراكز الايواء "إن الدافع الأساسي هو النفسي فكلاً منَّ يخاف على نفسه وأسرته وبيته من أي أذى وبحكم هذا السبب يتم إخلاء المنزل والنزوح لمراكز الايواء، وبعض النساء أعربن على أنهن مضطرات على ترك بيوتهن لإجراءات الأمن والأمان، فعلى سبيل المثال تم تهديد بعض المنازل بالقصف خلال العدوان فأصبح الخيار الوحيد هو المغادرة الفورية للمكان، وكانت مدارس الأونروا هي الملجأ الأساسي للنساء لأن جميع مناطق قطاع غزة حينها هددت بالقصف". 
وكان لانتشار جائحة كورونا آثار وضغوط نفسية على النساء، حيث تزامن وجود الفايروس مع بدء العدوان على قطاع غزة، وبحسب ما روت سلمى السويركي "شعبنا متعود بالفطرة على العلاقات الاجتماعية والتعامل مع بعضهم من خلال تبادل الأدوات والمستلزمات في مراكز الإيواء والبيوت المستضيفة، ولكن بعد انتشار فايروس كوفيد ـ 19 زاد التشديد داخل تلك المراكز للحفاظ على الحالة الصحية، ومن باب الحرص كان لابد أن تلتزم كل أسرة بإجراءات الوقاية كارتداء الكمامة وقت أطول واستعمال أدوات خاصة لكل فرد وهذا شكل عجزاً كبيراً لدى العائلات".
وأضافت "الكثير من النساء عندما توجهن إلى مركز شؤون المرأة الفلسطينية، قالوا نضطر للذهاب إلى بيوت عائلاتنا البعيدة عن الاعتداء في النهار لقضاء حاجاتنا ونعود بالليل لمراكز الايواء فقط للمبيت، نظراً لأن المؤسسات وجمعيات الرعاية كانت حريصة للغاية خلال جائحة كورونا على استقرار الحالة وعدم انتقال الوضع للأسوأ".
وبينت بأنه يجب عند نزوح النساء إلى مراكز الإيواء توفير الاحتياجات الأساسية لهن "إن أكثر ما تحتاجه النساء هي اسعاف نفسي أولي حيث تعرضت الأسر لعدة صدمات نفسية، وخروجهم من منازلهم دون أخذ الاحتياجات الأساسية، وإضافة لذلك كان هنالك نقص كبير في المأكل والمشرب في مراكز الإيواء".
وطالبت سلمى السويركي المؤسسات الحكومية التي تستطيع الوصول لتلك الفئات النازحة بتأمين الاحتياجات الأساسية مثل المأكل والمشرب والملبس، "نحن كمركز شؤون المرأة قمنا بدورنا وقدمنا 285 حقيبة حماية للنساء اللاتي طلبن الخدمة من خلال الخط المجاني 1800333666". 
وأوضحت سلمى السويركي الآليات والسياسات التي يجب اتباعها لحماية المرأة داخل مراكز الإيواء "عندما توجهت النساء إلى مراكز الإيواء خلال فترة العدوان تعرضن لبعض من المشكلات كالتحرش، والاعتداءات سواء بالإيماءات أو الحديث، وهذا كان له تأثير سلبي على نفسية النساء، لذلك لابد من توفير غرفة لكل أسرة في وكالة الغوث لتفادي المشكلات وإعطاء المرأة مساحة من الحرية واتخاذ هذه الآلية عند حدوث الحروب والنكبات، ومن جانب آخر عمل لقاءات توعوية مستمرة للنساء النازحات خلال العدوان ليتمكنوا من تخفيف الضغط النفسي الذي يتعرضن له وكيفية التعامل مع الأبناء أثناء العدوان والاستفادة من الوقت".