معاناة المرأة بين واجباتها الزوجية والأسرية وصحتها النفسية والجسدية

يشكل العراق نمطاً مختلفاً في تفاصيل الزواج وتداعياته فالزوجة تسكن في بيت العائلة، وفي مجتمع مشحون بالصبغة الذكورية تكون آلة عمل مستمر داخل المنزل لخدمة زوجها وعائلته

غفران الراضي  
بغداد - ، وأطفالها دون حقوق واضحة أو اهتمام صحي. 
(س.س) ربة منزل متزوجة ولديها ثلاثة أطفال تقول عن تجربة زواجها "لم أكن أعرف أن الزواج سيحولني لعاملة منزل مع قيود أهل زوجي، فأنا مجبرة على النهوض في الساعة ٧ صباحاً ولا أتمكن من الذهاب لغرفتي الخاصة إلا بعد الساعة ٩ مساءاً". 
وتعيش مع أهل زوجها البالغ عددهم ١٣ فرداً في بيت مساحته ٢٠٠م2 وتلتزم بارتداء ملابس معينة؛ لأنها لا تملك أي خصوصية "أشعر بالتعب كثيراً فأنا وزوجة شقيق زوجي نتناوب على أعمال المنزل من تنظيف وغسل الملابس وإعداد الطعام والخبز بكميات تناسب عدد أفراد الأسرة". 
وعما تعانيه من تعب تقول "في الصيف أكاد أموت من شدة الحرارة وأنا أعد الخبز، وأكاد أتجمد في الشتاء وأنا أنظف باحة المنزل". ومع ذلك تجد أن ما تعانيه طبيعي إذا ما قورن بما تعانيه الزوجة في منازل أخرى وتضيف "عندما أتحدث مع والدتي تقول إنها تحملت حياة قاسية في أيام شبابها ويتم التعامل معها بقسوة من قبل أهل زوجها".
وتسعى س.س لتعليم وتدريب أولادها على المساعدة ليتقاسمو بعض الواجبات البسيطة لخدمة أنفسهم وخاصة ابنها البكر الذي يبلغ من العمر ١٠ أعوام، تقول إنها تعلمه أن يقدم الماء لشقيقته "أحفزه لفعل النشاطات البسيطة لكي يصبح رجل يحسن معاملة شقيقته وزوجته عندما يكبر".
فيما تعيش (ص.ع) مع عائلة زوجها التي تتكون من ٨ أفراد أغلبهم رجال وهي زوجة الابن البكر فتقوم بجميع أعمال المنزل لوحدها في كثير من الأحيان. تقول عن فترة صعبة مرت بها أثناء حملها لطفلها الأول "لم أكن أعرف الحمل وتداعياته كنت أتعب بسرعة واتصبب عرقاً، ولكني أضطر لمواصلة العمل والوقوف لساعات طويلة لغسل الأواني". 
وتضيف عن تجربة اسقاط حملها الأول "لم أحظى بالعناية التي تحتاجها المرأة الحامل لهذا تعرضت لإسقاط طفلي الذي أخذ من صحتي الكثير، وبعدها أصبحت أكثر اهتماماً بنفسي لذلك على كل امرأة أن تهتم بصحتها وألا تنتظر من الزوج أو أي شخص أن يهتم بها". مبينةً أن على النساء التعبير عن شعورهن بالتعب والإرهاق وعدم الضغط على أنفسهن في سبيل إرضاء الزوج.    
الأمر لا يختلف كثيراً مع (ف.س) وهي موظفة إدارية في وزارة الكهرباء وليست ربة بيت تقوم بكل أعمال منزلها والاهتمام بالأطفال من دون أي مشاركة أو مساعدة تذكر من الزوج "زوجي يرى أن مساعدتي في أعمال المنزل أمر معيب وانتهاك لكرامته كرجل مع أنني امرأة عاملة واقضي وقتاً طويلاً خارج المنزل إلا أنني أقوم بكل أعمال المنزل وكذلك الاهتمام بمراجعة دروس أطفالي".     
عن طريقتها في المحافظة على صحتها النفسية مع كل ما تتعرض له من ضغوطات كأم وامرأة عاملة تقول "أحاول أن أخصص وقت لنفسي".
مدربة التنمية البشرية والمهتمة في الأسرة والمجتمع زينة الصباغ تعتقد أن المرأة عمود الأسرة وأساس وجودها وقوتها" المرأة هي العطاء الذي لا ينتهي للأسرة تهتم بجميع التفاصيل المتعلقة بها".
وتجد أن دور المرأة في الأسرة متعب ومرهق عندما يتضمن واجبات أعمال المنزل بالإضافة إلى رعاية الأطفال وتوفير احتياجاتهم والاهتمام بالرعاية التربوية والتعليمية أيضاً "جسدياً المرأة العراقية تستهلك قوتها في إهمال المنزل خاصة في الأسرة الكبيرة والسكن المشترك وهذا له تأثير حتى على مفهوم الجهد النفسي للمرأة". 
وتعتقد أيضاً أن الجهد النفسي مكمل للجهد الجسدي لذلك مراعاة التوازن غاية في الأهمية، وتؤمن بضرورة المحافظة على الصحة النفسية للمرأة وتجديدها من خلال تخصص وقت للاسترخاء والراحة في منتصف النهار على أن يتعاون أفراد الأسرة من زوج وأبناء الزوجة في بعض الأعمال.
وفي الختام حذرت زينة الصباغ من عدم الاكتراث لصحة المرأة من بقية أفراد الأسرة أو عدم اهتمامها بنفسها لأن ذلك سيولد اضطراب نفسي يؤثر على سلوكيات تعامل الأم مع الأبناء.