ماذا يحدث في عفرين ولماذا يصر المهجرين على العودة الآمنة؟
خشية من تكرار سيناريو الساحل السوري ومدينة السويداء يشكل شرط العودة الآمنة إلى مدينة عفرين حق لا يمكن التنازل عنه، ومطلب أساسي لمهجري عفرين.
					سيلفا الإبراهيم
الطبقة ـ بينما يعيش أهالي عفرين في خيم مصنوعة من أقمشة لا تقيمهم درجات الحرارة المرتفعة في الصيف ولا قسوة البرودة في الشتاء، يحتل المرتزقة منازلهم في مدينة عفرين، وفي وقت تنتظر فيه عائلات عفرين المهجرة سلال غذائية من المنظمات الإنسانية يعتاش المرتزقة من بساتين المهجرين الذين تركوها بعد ارتكاب المجازر بحقهم.
تعتبر العودة الآمنة إلى مدينة عفرين مطلب أساسي لنازحي عفرين الذين تهجروا قسراً مرتين، الأولى أثناء هجوم الاحتلال التركي على مدينة عفرين والثانية خلال الهجوم الأخير الذي شنه المحتل ومرتزقته على مدينة الشهباء.
تقول النازحة ليلى محمد أنها مثل آلاف النازحين والنازحات الذين يتحملون ظروف التهجير، وتعيش مع أطفالها في الخيمة المهترئة التي لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء على أمل العودة إلى عفرين "نعاني كثيراً في المخيم، وهذه ليست المرة الأولى التي نعيش فيها هذه الظروف، فمنذ احتلال عفرين وعلى مدار 7 سنوات هذا حالنا، وتهجيرنا الثاني هو الأصعب على الإطلاق".
ولظروف عائلية اضطرت ليلى محمد أن تزور عفرين منذ فترة، وذلك بعد 7 سنوات من النزوح، وتصف مدينتها بأنها "ليست كما تركناها، بل تغيرت كثيراً".
وتسرد على لسان الذين التقت بهم قصص مرعبة من الظلم والاستهداف الممنهج "تعرض العائدون للانتهاكات من الضرب والاعتقالات والتعذيب، وغالبيتهم يخشون الخروج من منازلهم خشيةً تعرضهم للضرب أو الاعتقال على يد المرتزقة التابعين للاحتلال التركي، والكرد أكثر من يخافون على أنفسهم، لأنهم الأكثر تعرضاً للاستفزازات والضرب والاعتقال دون مبرر، بينما النساء حبيسات منازلهن في ظل الفوضى التي تشهدها المدينة، فبعد الساعة الخامسة عصراً لا أحد يخرج من منزله حفاظاً على حياته".
وأشارت إلى أن مقرات الاحتلال التركي لا تزال موجودة في المدينة وبلداتها رغم القول بأن الحكومة المؤقتة هي المسيطرة على الوضع "يشتكي الأهالي من انتهاكات المرتزقة المتكررة بحقهم، كقطع الأشجار، ومنع رعايتها، والذي تسبب بجفاف الأشجار وذبولها، وهذا ما قلص من المساحات الخضراء التي كانت ميزة عفرين، فالكثير من العائلات التي بقيت في عفرين منعت من سقاية أشجار البساتين والاهتمام بها، فالمرتزقة يقومون بجني المحاصيل وإعطاء أقل من نصف القيمة لأصحاب الأرض".
وبينت أن "منازل المدنيين الذين هُجرواً قسراً منها تسكنها الآن عائلات المرتزقة من الغوطة الشرقية وغيرها من مدن سوريا، فضلاً عن سرقة محتويات المنازل والخراب، فالمرتزقة الذين خرجوا من المنازل وعادوا إلى مسقط رأسهم، سرقوا الأبواب والنوافذ وحطموا أسوار المنازل وجدرانها".
وقالت إن لا أحد يقبل العودة إلى عفرين بوضعها الحالي "لن نعود إلا تحت حماية قوات سوريا الديمقراطية وبإدارة ذاتية من أبنائها وبناتها فلا أحد يقبل الرضوخ للاحتلال، ونطالب بتقديم الدعم لإعادة إعمار منازلنا التي دمرها المرتزقة".
وأكدت أن "إعادة الحماية والإدارة لأبناء عفرين ليس مطلب المهجرين فحسب بل مطلب من يرزحون الآن تحت ظلم الاحتلال ومرتزقته، لأنهم يعانون الأمرين، فالكثير من العائلات قصدت العودة إلى منازلها إلا أن العائدين تعرضوا للاعتقال والتعذيب وغالبيتهم عادوا وسكنوا الخيم بعد ما رأوا واقع عفرين بعد الاحتلال، وهذا ما يدفعنا للتأكيد على مطلب العودة ألآمنة والكريمة لأرضنا، ولن نقبل بعودة مذلة إلى عفرين بل نريد عودة جماعية بضمانات قانونية وحماية دولية، والأهم من كل هذا أن تكون عفرين محمية ومدارة من قبل أبنائها وبناتها، لأننا لا نسمح بأن يتعرض شعبنا لإبادة كما حصل في الساحل السوري والسويداء، وهذا السيناريو متوقع".
ويعتبر ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم، أحد أهم بنود اتفاقية 10 آذار/مارس التي وقعت بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي وأحمد الشرع "الجولاني".