'ما زلت أؤمن بأني سأصل يوماً إلى ما أريد'
"بداية النجاح ليست بالشيء الصعب ولا تحتاج تلك الطاقة التي يحتاجها الاستمرار"، تقول إسعاف بليلو، عن تجربتها في العودة إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع دام لأكثر من 30 عاماً
رنيم الاحمد
الرقة ـ "بداية النجاح ليست بالشيء الصعب ولا تحتاج تلك الطاقة التي يحتاجها الاستمرار"، تقول إسعاف بليلو، عن تجربتها في العودة إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع دام لأكثر من 30 عاماً.
إسعاف بليلو ابنة مدينة الرقة في شمال وشرق سوريا، قررت متابعة دراستها رغم أن عمرها بلغ 50 عاماً، فبعد افتتاح جامعة الشرق في مدينة الرقة في 27 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢١ من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية، باشرت بتقديم أوراقها لتكمل حلمها وتم قبولها في كلية التربية.
تقول "انقطعت لفترة طويلة عن الدراسة ولم يكن لدي أي أمل لاستكمال دراستي، فقد كانت لدي ظروف منعتني بسبب زواجي، وانتقالي للعيش في القرى، بحكم عمل زوجي. ظلت الفكرة مؤجلة لكن بقيت متابعة دراستي الجامعية في مقدمة أحلامي، وخلال تلك السنوات عملت في التدريس".
وتضيف "افتتاح جامعة الشرق في مدينة الرقة اتاح الفرصة للطلاب المنقطعين لاستكمال تعليمهم، فقدمت أوراقي وتم قبولي في المفاضلة في فرع التربية معلم صف ومن ضمنها كورس لغة إنكليزية، نتيجة خبرتي في مجال التدريس"، مشيرةً إلى أنها "بحاجة للتعليم الأكاديمي لتقوية معلوماتي لكي أفيد طلابي في المستقبل".
لا يقف طموح إسعاف بليلو عند الدراسة الجامعية بل تؤكد أن خططها المستقبلية تتضمن الدراسات العليا لأن الدافع والاجتهاد موجودان كما تقول.
تطور المجتمع في السنوات الأخيرة فأصبحت الفتاة تكمل دراستها لتتفوق على أقرانها، لكن المجتمع لم يكن كذلك كما تؤكد إسعاف بليلو "كنت في مدينة اللاذقية وبعد انتقالي إلى الرقة وجدت بيئة تختلف عن البيئة التي كنت أعيش فيها، بحيث أن أغلب الفتيات تجدن صعوبة في التنقل، أو الدراسة، إضافة لعدم وجود جامعات في الرقة، وهناك الكثير من الفتيات فقدن حلمهن باستكمال تعليمهن ووجدن أنفسهن زوجات صغيرات وأمهات للعديد من الأطفال".
بعد انقطاع استمر لأكثر من ربع قرن لا بد أن تكون الصعوبات كبيرة، وهو ما أشارت إليه عندما قالت إن التنسيق بين المسؤوليات هو ما عملت عليه لتجد وقتاً للدراسة.
الصعوبات تضمنت أيضاً ولوج الجامعة بين طلاب ما زالوا في العشرينات من عمرهم "شعرت بالقلق والتخوف من فكرة الفارق العمري بيني وبين طلاب الجامعة، ولكن عندما بدأت بحضور المحاضرات، تلقيت مساعدة كبيرة منهم، وتعاون من الكادر الجامعي". مضيفةً "من الصدف الجميلة أني زميلة لعدد من طلابي الذين كنت أدرسهم".
أما التحديات فهي نظرة الاستهزاء والكلمات المحبطة من قبل المحيطين بها "تعرضت للانتقاد والسخرية من قبل بعض الاشخاص أصحاب الفكر المتحجر، وفي المقابل تلقيت الدعم والتأييد أولاً من عائلتي وأقاربي وصديقاتي".
واختتمت إسعاف بليلو حديثها بالتأكيد على أن "المرأة مثال للعلم والتطور، فعندما تتعلم وتوسع ثقافتها وتقوي من شخصيتها، وتدخل معترك الحياة تصبح قوة كبيرة، وعنصر فعال في المجتمع، ولذلك أهمية كبيرة لأننا في مرحلة بناء مجتمعنا".
رئيس قسم العلوم الاجتماعية والناطقة باسم مكتب المرأة في جامعة الشرق نيروز مسلم بينت أن حالة إسعاف بليلو مميزة وحثت النساء المنقطعات لاستكمال تعليمهن، مشيرةً إلى المعاناة التي تعيشها العديد من الفتيات جراء العادات والتقاليد "الفتيات تعانين من عدم قدرتهن على السفر، وتزويجهن بسن مبكرة واقتصار عملهن على أداء الواجبات المنزلية".
وأكدت أنه فيما يخص إسعاف بليلو فهي طالبة متميزة كونها كبيرة بالسن وهي ملتزمة بدوامها "نحن كمكتب للمرأة نمد يد العون لأي امرأة تريد أن تكمل دراستها وتعليمها".