ما هي أكثر الجوانب لفتاً للانتباه في ثورة Jin Jiyan Azadî؟

بعد الحركة الثورية لـ Jin Jiyan Azadî أدرك الشعب أن الحرية والمساواة ليستا شيئاً سيحدث نتيجة لحدث أساسي سياسي أو اقتصادي كبير، أو أن عليهم "الانتظار" حتى ذلك اليوم، وتأجيل كل نضالاتهم الصغيرة، بل عرفوا أن عليهم فعل ذلك الآن.

جوان كرمي

كرماشان ـ النظام الأيديولوجي لدى السلطات الإيرانية يركز على جسد المرأة فهي شرف المجتمع، وملكية دينية للرجل، وسلعة، وساحة معركة للمصالح والأفكار، فمن أبرز الجوانب في ثورة Jin Jiyan Azadî التي شهدتها إيران وشرق كردستان هو نضال المرأة من أجل استعادة حقها في امتلاك أجسادها.

تسليع أجساد النساء في نظام الحداثة الرأسمالية هو قضية عالمية تؤدي إلى تفاقم الاستغلال وعدم المساواة بين الجنسين، ولكن عندما يتم دمج هذه الأشكال الحديثة من عدم المساواة والتمييز مع الأنظمة التقليدية للنظام الأبوي والطقوس الكارهة للنساء، وخاصة الإسلام السياسي، فإنها تخلق ظاهرة خطيرة ومعادية للمرأة كما في نظام الدولة الإيرانية.

منذ البداية الأولى لثورة 1953 انطلقت النساء بمسيرات احتجاجية، خاصة ضد ما يسمى بمشروع "الثورة الثقافية"، وهتفن لعدم الوقوع في قبضة طغيان آخر، وفي غياب المنظمات السياسية الجادة للنساء في إيران والنظر في عمليات التطهير التي طالت آلاف السجناء السياسيين اتخذت هذه المعارضة شكل الاحتجاج الاجتماعي والمدني، وحافظت دائماً على إمكاناتها في هذا المجال، ولكن على الرغم من أن النساء شكلن جزءاً كبيراً من الاحتجاجات والسجينات السياسيات، إلا أنهن لم تظهرن كمعارضة رئيسية للنظام الاستبدادي كما في ثورة Jin Jiyan Azadî.

ورغم أن هذه الحركة الثورية لم تؤد إلى تغييرات جوهرية في المجال السياسي ولم تؤد إلى إنجازات موضوعية، إلا أنها أدت إلى تغييرات جوهرية وربما لا رجعة فيها في المجالين الاجتماعي والثقافي، فهناك تغيرات ملحوظة في مستوى وعمق المجتمع ولا يمكن تجاهل تأثيرات ثورة Jin Jiyan Azadî في هذه التغييرات.

ويمكن ملاحظة وبحث هذه التغيرات في مجال القيم والأعراف والمعتقدات والسلوك والملابس واللغة والأدب الشعبي والرسمي، ورغم أن كل هذه التغيرات كانت تحدث بشكل تدريجي خلال العقود القليلة الماضية، إلا أنه بعد الحركة الثورية المذكورة، بدأت النساء تقاومن بطريقة أكثر شجاعة وتهتفن بلغة واضحة عما عبرن عنه سراُ من قبل.

قررت النساء أن تصرخن من أجل الحرية والمساواة الآن وألا تسكتهن وعود الغد، هذا الغد الذي وعدت به كل من الحركات الليبرالية والماركسية والقومية بشكل ما، واعتبرته المتغير التابع للتغييرات التي أرادتها، فمن وجهة نظر "الليبراليين" يمكن تحقيق الرخاء وسيادة القانون من خلال توسيع العلمانية والديمقراطية الغربية والسوق الحرة، و"الماركسيين" يرون أن ذلك يتحقق من خلال الثورة الاشتراكية والملكية العامة لوسائل الإنتاج، أما "القوميين" فيعولون على التحرر الوطني للأمم المضطهدة في إيران. وبهذه الطريقة يتم ضمان الحرية والحقوق للمرأة أيضاً، ولقد كان هذا هو الاسم الرمزي لقمع صوت النساء في جميع أنحاء إيران خلال القرن الماضي.

يمكن دراسة وبحث الحملات المتزايدة لرفض الحجاب الإجباري، والمشاركة وحتى قيادة الاحتجاجات، ومواجهة الأدبيات الجنسية في المجتمع، ومواجهة قتل النساء والعنف والتحرش الجنسي، فمن المطالب الأساسية للمرأة الآن هو حقها في امتلاك جسدها، وهو ما يخفى في كثير من هذه المطالب السياسية والاجتماعية. إن الحق في تغطية الجسم أو عدم تغطيته، وإظهاره أو عدم إظهاره، والحق في نشر صورة الوجه والجسم، كلها تشير أيضاً إلى هذا الحق الأساسي.

وفيما يتعلق بالحق في نشر صورة الوجه أو الجسد، فإن القضية التي تعترض عليها النساء منذ فترة طويلة أن إعلانات نعي الرجال تحتوي دائماً على صورة لهم، ولكن في الإعلان المتعلق بوفاة المرأة، كثيراً ما يرفض أهالي المرأة وأقاربها نشر صورة لها، وهو ما يعتبر رفض لحق المرأة في امتلاك جسدها.

لكن الآن، وسط التغيرات الاجتماعية والثقافية الملموسة والموضوعية التي تسارعت بعد ثورةJin Jiyan Azadî نرى أن صور النساء تستخدم أكثر فأكثر في إعلانات النعي، وتحترم العائلات هذا الحق الأساسي للمرأة. لقد أدركوا أن الحرية والمساواة ليست شيئاً سيحدث نتيجة لحدث أساسي سياسي أو اقتصادي كبير، أو أن عليهم حتى ذلك اليوم أن يجلسوا وينتظروا ويؤجلون كل نضالاتهم الصغيرة؛ بل يجب أن يعيشوها في الحاضر ويتم وضعها موضع التنفيذ، ويجب نقلها إلى ساحة الحياة الحقيقية، الآن!