ما العائق الذي يقف أمام اقتحام الفتيات للتخصصات التي يحتكرها الرجال؟

يدل ارتفاع نسبة نجاح الفتيات في شهادة البكلوريا خلال السنوات الأخيرة على حرص الفتيات على الدراسة، لكن السؤال هل يمكن للفتيات اقتحام التخصصات التي كانت حكراً على الرجال؟

سارة جقريف

الجزائر ـ شهدت الجزائر خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الفتيات الناجحات في شهادة البكالوريا مقارنة بعدد الذكور، بل وصلت إلى الضعف وكما هو الحال بمجرد الإعلان عن نتائج هذا الامتحان المصيري، الذي جاء هذا العام في الثامن عشر من تموز/يوليو، بدأ الحديث عن التخصصات الجامعية التي تستقطب الناجحين.   

 

ماذا عن التخصصات؟

تشير الإحصائيات السنوية للناجحين في البكالوريا بالجزائر إلى أن نسبة الإناث تزيد عن 60% مقابل أقل من 40% للذكور، وقد بلغ عدد الناجحات ضعف عدد الناجحين في الامتحان خلال العام الماضي، كما جاءت ثلاث فتيات في المراتب الثلاثة الأولى وطنياً قبل ذلك بعام واحد، أما في الدورة الأخيرة قدرت نسبة نجاح الطالبات في مدارس أشبال الأمة ذات الطابع العسكري، 100% مقابل 79% للطلاب.

قالت الخبيرة الدولية في مجال البترول شذى الإسلام بن محسن، إن نسبة نجاح الإناث في البكالوريا تجاوزت نسبة نجاح الذكور في السنوات الأخيرة، وهذا يدل على حرص الفتيات على الدراسة بشكل عام خاصة في امتحان البكالوريا والذي يعتبر امتحان مصيري، مؤكدةً أنه على الفتيات أن تحددن خطواتهن القادمة في المسار العلمي والمهني.

وأوضحت أنه "مقابل هذه النسب كان يفترض أن نرى عدداً كبيراً من الفتيات في مجالات الهندسة والبترول وغيرها من التخصصات التي كانت حكراً على الرجال، لكن أعتقد أن إقبال الطالبات على التخصصات الهندسية والتقنية ورغم ما يشهده من ارتفاع مقارنة بالسنوات الماضية، مازال محدوداً وغير كافي ولم يصل بعد للمستويات التي نتطلع إليها".

وأرجعت شذى الإسلام بن محسن هذا الأمر، إلى عزوف فئة كبيرة من الفتيات عن الإقبال على هذه التخصصات على غرار مجال النفط والغاز الذي يعتبر مجالاً بقي لوقت طويل جداً حكراً على الرجال، ووجود مهندسات فيه بمثابة أمر شاد سوءاً في الجزائر وفي البلدان العربية عموماً.

وعن تحديات التخصصات التقنية أضافت أنه على المهندسات اللواتي تطمحن إلى التواجد في هذا المجال بالذات، إدراك مدى صعوبته من جهة ومدى أهميته من جهة أخرى "اليوم هناك الكثير من التسهيلات التي تقدمها الشركات في المجال من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من المهندسات، وقد أثبتت الدراسات أن وجود نساء في هذه المجالات يؤدي إلى إنتاجية أكبر في القطاع، وليس فقط من الناحية الإنتاجية وإنما من ناحية التخطيط الاستراتيجي، ومن ناحية الأفكار وحل المشكلات التي تواجه الشركات، فبمجرد وجود المنظور المختلف عن المنظور العام في مثل هذه المجالات التقليدية، هو أمر جيد ويأتي بنتائجه على المدخول المصرفي لهذه الشركات".

 

 

تكنولوجيات الاتصال الحديثة بوابة الطالبات نحو الفرص

من جهتها أشادت يسرى وفاء بكير طالبة في تخصص هندسة النفط في الجزائر بالمساهمات التي تقدمها النساء في شتى المجالات على المستوى العربي أو العالمي، والبصمات التي يتركنها في المجتمع، مؤكدةً أنه منذ سنوات اكتسحت المرأة مجالي التعليم والطب بجدارة ثم أصبحت رائدة في مختلف المجالات والتخصصات وهو أمر يستحق الإشادة والتشجيع.

وقالت إن ارتفاع نسبة الناجحات في شهادة البكالوريا مقابل الناجحين، أمر إيجابي ونتيجة عدة عوامل منها العزيمة التي تمتلكها المرأة ورغبتها في النجاح وتحقيق استقلاليتها وكذلك تكنولوجيات الإعلام والاتصال التي ساعدتها في الانفتاح وتوسيع نطاق أهدافها ورفع طموحاتها.

وأشارت إلى أن المرأة اليوم أصبحت في الصف الأول مع الأطباء والعلماء، ومنهن مهندسات وحتى رائدات فضاء، وقد كسرت جميع القيود في صراعها مع الرجل من أجل فرض ذاتها "كانت بعض التخصصات حكراً على الرجال، مثل هندسة النفط لكن في الوقت الراهن، نسبة تواجد الإناث في هذا التخصص ترتفع شيئاً فشيئاً، وهذا راجع لعدة عوامل منها الانفتاح وتعزيز مكانة المرأة في المجتمع، والسياسة التي انتهجتها الشركات العاملة في مجال هندسة النفط، والقائمة على التنوع في مجتمع العمل من جنسية وعرق وجنس، بحيث تحقق انسجام وبيئة فعالة للعمل، وهو ما عزز حظوظ المرأة في هذا التخصص".

وأضافت أن هناك عوامل أخرى منها استفادة المرأة لمواقع التواصل الاجتماعي في خلق شبكة علاقات مهنية مع أشخاص وإطارات من نفس التخصص، مروا بنفس التجارب والخطوات وبالتالي التطلع لتصبح مثلهم أو أحسن "من تجربتي الخاصة وبمجرد انتقالي إلى الجامعة كانت أغلب التعليقات من أفراد المجتمع استغراب وتساؤلات عن أسباب اختياري لهذا التخصص الذي يعتبرونه حكراً على الرجال، خصوصاً إذا كان الفرع الذي ترغب الفتاة في مواصلة دراسته هو إنتاج النفط أو الحفر".

وعن تحديات وآفاق التخصص قالت "سابقاً كان عدد الذكور طاغي جداً مقارنة بالإناث، مثلاً في فصل دراسة هندسة النفط، ومن بين 30 طالب نجد على الأكثر ثلاثة أو أربع فتيات، وهذا يعود إلى قدرة الرجل على التنقل والبحث عن عمل في المجال بعد التخرج، على عكس المرأة التي تجد صعوبة في السفر من أجل تقديم سيرة ذاتية في شركة على سبيل المثال".

وأكدت أن الوضع تغير اليوم لأن ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيات الاتصال الحديثة، سمحت للمرأة بالوصول إلى الفرص والوظائف بسهولة، كون أغلب الشركات أصبحت تعتمد على تسجيل أولي عن بعد".

وشددت على أن الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي والانخراط في النوادي العلمية والشبكات مثل الشبكة الجزائرية للنساء في العلوم، خلال مرحلة الدراسة الجامعية يسمح للطالبات بالوصول إلى فرص التدريبات، والمنح العلمية والأنشطة المدفوعة التكاليف وبالتالي زيادة فرصهن في سوق العمل مستقبلاً وتطوير مهاراتهن أكثر فأكثر في جميع التخصصات التقنية وتلك التي كانت تنسب للرجال.