لبنى عز الدين... رغم كافة المعوقات كللت مسيرتها بالنجاح

مسيرة طويلة كللت بالنجاح رغم المعوقات والصعوبات التي واجهتها، لتصبح مثالاً يحتذى به بين النساء، بعد مساهمتها في الحفاظ على البيئة وحل النزاعات وإدارة الأزمات.

فاديا جمعة

بيروت ـ رغم الزواج في سن مبكرة وظروف الهجرة، حققت العديد من النجاحات في مجالات عدة، لتكون لبنى عز الدين نموذج المرأة الناجحة في المجتمع.

رحلة طويلة حققت خلالها لبنى عز الدين وهي في العقد السادس من عمرها، العديد من الإنجازات رغم كافة الظروف التي اعترضت طريقها في المجتمع، محولةً جميع المعوقات إلى قوة لترمي بالفشل خلفها وتملئ جعبتها بتجارب ونجاحات حققتها مبرهنةً بذلك أنه لا وجود لما يسمى بـ "المستحيل".

بدأت رحلة لبنى عز الدين من بلدة دير قانون النهر بقضاء صور اللبناني، وهي في التاسعة عشرة من عمرها، حيث توجهت بعد زواجها في سنٍ مبكرة وتأسيس الأسرة، إلى بلاد المهجر، لتعود بعد سنوات طويلة للاستقرار في بلدها لبنان.

وتقول "بدأت مسيرتي الطويلة في ساحل العاج حيث ترشحت لانتخابات الجالية اللبنانية عام 1984، في وقت كان الترشح للانتخابات محصور على الرجال، كنت اعتبر أول امرأة تتقدم للترشح لتلك الانتخابات، وقد تخللت تلك التجربة بالفوز، كنت مؤمنة بما لدي من أفكار وقدرة على تقديم الكثير للجالية اللبنانية"، مشيرةً إلى أنه فيما بعد قاموا بتأسيس مدرسة لبنانية ـ أفريقية تجمع بين أبناء الجالية اللبنانية والمواطنين الأفارقة، بالإضافة إلى نشاطات ثقافية اجتماعية وترفيهية بهدف تعزيز التواصل بينهم.

وبالرغم من حملها تابعت نشاطاتها الاجتماعية ودراستها الجامعية لتحصل على إجازة في الهندسة الداخلية، لم تتوقف لبنى عز الدين عند ذلك، بل خاضت تجربة جديدة مع عودتها إلى لبنان "كان قد تم إنشاء بلدية جديدة في بلدتي، فبادرت بزيارة البلدية وفي جعبتي الكثير من الاقتراحات والأفكار التي من الممكن العمل عليها لتحسين أوضاع البلدة وتجميلها، وتكللت مبادرتي بالتجاوب إلا أن أهل البلدة أبدوا استغرابهم وكانوا يسألونني دائماً لماذا تترددين إلى البلدية وماذا تفعلين هناك بين الرجال؟، ولكن لم أعر ذلك انتباهاً".

 

دمج النساء في العمل

وحول تعزيز دور النساء ودمجهن في العمل أوضحت "قمت بتأسيس لجنة نسائية في بلدية دير قانون النهر عام ٢٠١٣، بالتعاون مع بعض النساء في البلدة، لتعزيز مشاركة المرأة وتنمية قدراتها من خلال نشاطات البلدة الثقافية والبيئية والاجتماعية"، لافتةً إلى أن "تلك الخطوة لفتت انتباه نساء البلدات المجاورة اللواتي حضرن للمشاركة في نشاطاتنا، حيث أصبحنّ مثالاً يحتذى به وكان يتردد إلى مسامعنا أن كل عمل ناجح خلفهُ النساء، وترجمت هذه الخطوة كنقلة نوعية لعمل المرأة ومشاركتها في العمل البلدي في مناطقنا الجنوبية".

ومن بين النشاطات التي يقومون بها إقامة معارض للأعمال اليدوية والحرفية والمونة والصناعات الغذائية وصناعة الصابون وغيرها التي اشتهرت بها البلدة "واكبنا النساء عبر دورات تدريبية في البلدية لدعمهن وتنمية قدراتهن، استناداً للحاجات التي نرصدها كنا نطلق المشاريع المختلفة"، مضيفةً "أصبحت معظم نساء البلدة منتجات تشاركن في معارض كبيرة على صعيد لبنان أما على صعيد البلدة فكانت المعارض والاحتفالات فرصة أولى لمشاركة المرأة والرجل على حد سواء في الإجتماع بمكان واحد بعد أن كانت المشاركة تنحصر على الرجال فقط".

لم تكتفي لبنى عز الدين بتلك الخبرات والمهارات التي اكتسبتها وما قدمته من أعمال "دائماً كنت أشعر بأنني قادرة على تطوير نفسي لخدمة المجتمع ومن هنا كنت أتابع مختلف التدريبات التي من شأنها تعزيز وتنمية قدراتي فخضعت لدورات في القيادة وتدريب المدربين وتعزيز قدرات المرأة، وشاركت في كتابة مقالات في مجلة البلدية عن المرأة وضرورة مشاركتها في العمل البلدي والاجتماعي".

ولتساهم في الحفاظ البيئة وحرصاً على الصحة العامة أقدمت في عام 2017 على تأسيس جمعية "Univers" البيئية "بالمشاركة مع مهندسين زراعيين وبيئيين من قريتي أنشأنا الجمعية البيئية التي ساهمت من خلال نشاطاتها من مشاريع ومعارض في توعية الأهالي وإشراكهم في الحفاظ على البيئة، من بين تلك المشاريع كان هناك ما يصبو في خدمة بلدة دير قانون، وكانت باكورة أعمالنا معرض الزهور البيئية، من ثم بدأنا نسلط الضوء على كيفية استخدام الطاقة البديلة والزراعات البديلة ومن المشاريع التي نفذتها الجمعية حديقة نموذجية إلى جانب التدريبات على الزراعة العضوية بدون أسمدة كيميائية وكان الهدف منها تعزيز الزراعة البيئية حرصاً على الصحة العامة".

كما أنها بالتعاون مع عائلتها أطلقت مشروع الزراعة العضوية "بدأنا بالعمل عليه في الوقت الذي كان المجتمع يهمل فيه موضوع الزراعة والأرض واعتمدت بشكل كلي على شراء الخضار من الأسواق، رغم انتشار وباء كورونا آنذاك في البلاد التي تشهد منذ سنوات أزمة اقتصادية، فكنا السباقين في هذا المجال وبطريقة تعتمد على تخصيب الأرض بدون أسمدة كيميائية من خلال زراعات متنوعة في مسافة قصيرة تعالج بعضها البعض ومن خلال هذا المشروع استقطبنا زبائن يهمهم هذا النوع من المنتوجات، ليتوسع المشروع ويشمل عدة قرى مجاورة".

وإلى جانب ذلك أطلقت مشروع "تنمية مهارات"، لتعليم النساء الحرف اليدوية والخياطة "استهدفنا خلال المشروع مختلف الأعمار، حتى أن المركز تحول إلى مكان تلاقي وفسحة للنساء للحديث عن مخاوفهن وهواجسهن وفرصة للاستفادة من أوقات فراغهن".

 

حل النزاعات وإجازة في الوساطة

وبعد عام على تأسيس الجمعية تلقت مجموعة من التدريبات مع المركز المهني للوساطة حول كيفية الإدارة وتفادي النزاعات والوساطة المجتمعية والعائلية لتحصل على منحة دراسية في الجامعة اللبنانية خولتها للحصول على إجازة في ممارسة مهنة الوساطة وإدارة وتفادي النزاع "استثمرت المهارات التي اكتسبتها في إفادة مجتمعي فقمت بمهام الوسيط في نزاعات عدة ولم يكن الأمر سهلاً فعادةً لا تعمل المرأة كوسيط فالأمر اقتصر على الرجال فالوساطة في مجتمعاتنا أعتادت في التردد على كبير العائلة وشيخ الصلح ورئيس البلدية والمشايخ والمحاكم لحل نزاعاتها، كانت نقطة إيجابية وأسعدني أن أكون عضو في شبكة الوسطاء المحليين في لبنان وعضو في شبكة صانعات السلام في لبنان"، مشددةً على ضرورة إشراك المرأة في كافة المجالات، وعلى النساء الإيمان بقدراتهن ولا تستسلمن أمام العوائق، وأن تسعين لتحقيق ذواتهن وأهدافهن ولا تتركن الصعاب والظروف تتغلب عليهن.