لبنانية تتحدى التنميط بهواية تعتبر حكراً على الرجال

أثبت العديد من النساء جدارة كبيرة وتفوق في مختلف المجالات بالرغم من الصعوبات والانتقادات ونظرات الاستغراب التي تلاحقهن فكانت التجربة بالنسبة لهن طوق نجاة وكسر لجميع الحواجز.

فاديا جمعة

لبنان ـ بقيت بعض المهن والهوايات حتى يومنا هذا حكراً على الرجال في مجتمعاتنا، متحصنة بالأفكار البالية والعادات والتقاليد المرتكزة على التنميط والتمييز على أساس النوع الاجتماعي، إلا أنه هناك نساء اخترقن هذا الحصن بالإرادة والتحدي ورفض حصرهن داخل إطار محدد.

فاطمة كرشت من بلدة قانا الجليل قضاء صور جنوب لبنان، أم لأربعة فتيات وشاب وحيد، عملت لعدة سنوات على مساعدة زوجها وعائلتها في زراعة الخضار وإعداد المونة وصناعة الصابون، لكن مع تدهور الوضع الاقتصادي وإصابة زوجها بمرض السرطان، بات تأمين الاحتياجات صعب للغاية ويقع أغلبه على كاهلها.

كانت فاطمة كرشت تهوى منذ البداية صيد السمك، حول ذلك تقول "أجد متعتي وراحتي النفسية في الساعات التي أقضيها على الشاطئ".

 

هواية بالصدفة

وأوضحت "بدأت ممارسة هواية الصيد البحري بالقصبة في بداية عام 2000 بعد أن عانيت من حالة اكتئاب دفعتني لتناول أدوية المهدئات والمنومات التي جعلتني مخدرة لسنوات طويلة، كنت اتردد للجلوس مقابل شاطئ البحر بحثاً عن مكان يمنحني بعض الراحة والطمأنينة وفي أحد الأيام طلبت من زوجي أن يصنع لي قصبة صيد بلدية وكان لي ما طلبت، فبدأت بعدها بتعلم الصيد، ووجدت متعة كبيرة في هواية تعرفت عليها بالصدفة، كنت أفرح كلما اصطدت سمكة ما دفعني لاستبدال صنارتي بأخرى أكثر تطوراً".

 

إصرار وتحدي

وعن التحديات التي واجهتها بينت "واجهت معارضة كبيرة من أشقائي والمجتمع حتى زوجي كان متأثراً بما كنت أتعرض له من انتقادات ورفض لكوني المرأة الوحيدة التي تمارس هواية يعتبرها حكراً على الرجال في بيئتنا ومجتمعنا ولكنني لم أبالي وتحديت بالإرادة القوية جميع الانتقادات التي واجهتني، واستمريت بالتردد إلى البحر في مدينة صور عند شاطئ الكورنيش الجنوبي برفقة ابني بادئ الأمر ومن بعدها بدأ زوجي وبقية أولادي بمرافقتي والصيد معي حتى أعتاد الناس أيضاً على مشاهدتي اصطاد فبت جزءاً من المشهد اليومي للشاطئ".

وأضافت "كنت أواجه كل من يعترض على هوايتي بقولي "لا هي حرام ولا عيب " حتى فرضت نفسي وهوايتي على الجميع ولم أعد أواجه أي معارضة من أحد وصار الصيد جزء من ممارساتي اليومية".

 

دعم وترحيب

وأوضحت أنها إلى جانب المعارضة لاقت دعماً وترحيباً من المارة ورواد الشاطئ الذين كانوا يجلسون بقربها ويتحدثون إليها ويبدون احتراماً وتقديراً لما تقوم به، مؤكدة أنه "لا فرق بين امرأة ورجل إلا بالتكوين الطبيعي وغير ذلك لا يعنيني وأرفض التمييز لأننا كنساء لدينا القدرة على فعل كل شيء" .

وقالت فاطمة كرشت في ختام حديثها "تعافيت من مرضي بهواية احببتها، لم انطو على نفسي وألتزم الفراش ولم أعط أي اهتمام لما يقوله الناس وللعادات الهشة والأفكار الخاطئة، لذلك أتوجه لكل النساء بأن يحذون حذوي وأن تخرجن بجرأة وبعزيمة قوية وثقة بالنفس إلى العمل وممارسة هواياتهن مهما اختلفت، فلا فرق بين امرأة ورجل ولا يوجد مهنة أو هواية حكر على أحد".