كيف تغيبت عروض آذار عن خشبة المسرح في قطاع غزة؟

دُمرت العديد من المسارح سواء بشكل جزئي أو كلي، كما أن عمل المؤسسات قد تضاءل مما أثر على النتاج الفني في المدينة المحاصرة، وقد طال ذلك الأمر الفنانين الذين قُتل بعضهم خلال الحرب وفر عدد كبير منهم خارج البلاد.

رفيف اسليم

غزة ـ دمرت الحرب في قطاع غزة العديد من المسارح التي كانت تجد النساء على خشبتها مساحة واسعة للحديث عن قضاياهن ومشاكلهن، خاصة في شهر آذار الذي يعتبر شهر المرأة وليس يومها العالمي فقط، فما بين العنف وقصص النجاح، والإعاقة، والمرض كانت تولد عنقاوات فلسطين من جديد خلف تلك الستارة التي تسدل بعد تصفيق حار من جمهور يحب المرأة ويدعمها.

أكدت المديرة الفنية في جمعية "بذور" للثقافة والفنون والناشطة في مجال الدراما والمسرح منال بركات، أن الحركة الثقافية ما قبل عام 2023، شهدت نهوض كبير في قطاع غزة، كون جميع المسارح كانت فعّالة سواء بتنظيم الورشات أو العروض المسرحية لتتوقف تلك الحياة بشكل كُلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بسبب الظروف الصعبة التي عايشتها المدينة من قصف، وتجويع، ونزوح.

وأضافت أن المسارح من حيث البناء غالبيتها قد دُمرت سواء بشكل جزئي أو كلي، كما أن عمل المؤسسات قد تضاءل مما أثر على النتاج الفني في المدينة المحاصرة، وقد طال ذلك الأمر الفنانين الذين قُتل بعضهم خلال الحرب وفر عدد كبير منهم خارج البلاد للنجاة بحياتهم من الغارات التي لم تكن تهدأ على مدار الساعة.

وقد استطاعت جمعية مسرح "بذور" تأدية رسالتها طوال فترة الحرب على قطاع غزة، بحسب منال بركات كونها تدرك أن الفن رسالة قوية على المستوى البعيد للفرد والمجتمع ويجب إيصالها للجمهور بغض النظر عن الظروف المحيطة والعقبات التي كانوا يواجهونها، لافتة إلى أن العروض من حيث الكم قلت عن السابق لعدم وجود الأماكن المهيأة لذلك من حيث خشبة المسرح والجمهور والمقاعد لتنطلق تلك العروض من الخيمة.

وأضافت أن جمعية مسرح "بذور" أنتجت العديد من العروض خلال فترة الحرب، مثل نكبة من أول وجديد الذي أخرجته وسام الديراوي المديرة التنفيذية لجمعية مسرح بذور، وقد ناقشت تلك العروض حياة النساء الفلسطينيات في الخيام وخلال رحلات النزوح المتعددة من خلال القصة والرواية، وقد تم تسجيل 10 عروض بعضها في مناطق حدودية كمنطقة حجر الديك.

ولا تنكر منال بركات، أن العروض قد توقف كلياً في بعض مناطق قطاع غزة وخاصة منطقة الشمال وتم الاستعاضة عنها بورشة الباروميتر أي التفريغ النفسي من خلال الدراما، عبر سماع قصص النساء المختلفة تمهيداً لتحويلها إلى عروض مسرحية تحتاج إليها النساء والفتيات للتعبير عن مشكلاتهن المختلفة.

ويعد الثامن من آذار عبارة عن حراك للنساء اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، سياسي وتربوي كان في السنوات السابقة يشهد العديد من العروض، لكنه في هذا العام ربما ستتغيب عروض المسرح لكنها لن تغيب المرأة الفلسطينية عن المشهد كونها تستطيع من تلقاء نفسها أن تصنع مشهد لتنقله للعالم كافة، خاصة أن الظروف الحالية أخرجتها من تلك التجربة أكثر قوة وصلابة من ذي قبل وستنعكس تلك الصور على خشبة المسرح قريباً، وفق ما قالته.

وأوضحت منال بركات، أنه كون المسرح وسيلة ترفيهية وتوعوية للنساء سيكون غيابه له أثر سلبي بشكل كبير على النساء والفتيات خاصة المشاركات ضمن العروض المقدمة، كونه أصبح هناك فجوة ما بين اتصالهم بالثقافة والفن وبين واقعهم الاجتماعي، مشيرة إلى أن النساء في الوقت الحالي مشغولات بترميم بيوتهن وأنفسهن من جديد بعدها سيكون لهم تواجد قوي على تلك الخشبة.

وتعمل الآن جمعية مسرح بذور على تفعيل مسرح الدمى كي تروي النساء قصصهن من خلال تحريك الدمى ولتوصل الرسالة للأطفال والجهات المسؤولة بطريقة خفيفة، فيما ستنطلق الجمعية عما قريب بسلسلة من العروض التي ستكون أبطالها النساء للتعيد للحياة الثقافية والمسرح روحه من جديد خاصة ما بعد الحرب الدامية.