كيف سيكون شكل اليوم التالي للحرب في قطاع غزة؟

في ظل ارتفاع عدد الضحايا من النساء وفقدان أخريات لبيوتهن وأبنائهن والعيش في ظروف قاسية، شددت ناشطة سياسية على ضرورة إشراك النساء في مختلف اللجان خلال فترة إعادة الإعمار، فالمرأة ستكون قادرة على تطويع القوانين لخدمتها ومساعدتها للمطالبة بحقها.

رفيف اسليم

غزة ـ في خضم المفاوضات الجارية في الوقت الحالي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتجه التساؤلات حول إمكانية نجاحها، لكن التساؤل الأهم يبقى حول كيف سيكون شكل اليوم التالي لما بعد الحرب، من سيتسلم إدارة القطاع، كيف سيعاد بناء البنى التحتية، هل سيستغرق إعادة الإعمار وقت طويل كما في المرات السابقة، وما هو دور النساء في ذلك؟

أفادت المحللة السياسية ريما نزال، أن مسألة وقف إطلاق النار في قطاع غزة هي قضية شائكة ومعقدة لأسباب مختلفة، أبرزها تعنت إسرائيل في مطالبها وفرضها شرط جديد في كل يوم، خاصة فيما يتعلق بنقطة تبادل الأسرى بين الجانبين أي حركة حماس والقوات الإسرائيلية، والانسحاب من حاجز نتساريم ومحور فيلاديلفيا.

وبينت أن لكل من حركة حماس والقوات الإسرائيلية أسبابهما الخاصة في التوجه نحو صفقة، فالحركة اتجهت لذلك بعد الضغط الشديد وانهيار محور المقاومة، بينما إسرائيل أرادت إسكات الشارع الإسرائيلي ومحاولة كبت جماح المظاهرات التي تغلق إثرها الشوارع وتزايد التهديدات من قبل عائلات الأسرى، والاستجابة للضغط الدولي.

ومن القضايا الشائكة التي تعوق إبرام الصفقة أيضاً بحسب ريما نزال، فأن القوات الإسرائيلية تريد أسماء كافة الأسرى لدى حركة حماس الأحياء والأموات وهذا أمر مستحيل بحسب ما نوهت الحركة في ظل الكثافة النارية للضربات البرية والجوية المتواصلة، مشيرة إلى أن قضية إرجاع أهل الشمال لقطاع غزة هي مختلف عليها فتارة يصرحون بأنه سيتم إرجاع النساء والأطفال فقط عبر حاجز نتساريم وتارة تلوح بأنها ستسمح بدخول الرجال بعد التفتيش.

ونوهت إلى أنه ينبغي الإشارة أنه حتى اللحظة الحالية لم يعرض الاتفاق على المستوى التشريعي في إسرائيل، خاصة في ظل معارضتها الشديدة من قبل وزير الأمن القومي ايتمار بنغفير ووزير المالية بتسئيل سموترش، اللذان يران الحل لإعادة الأسرى هو استيطان كامل القطاع وتهجير سكانه منه.

وعلى الرغم من التقارير الصادرة بارتكاب القوات الإسرائيلية جرائم إبادة في غزة بحسب هيومن رايتس ووتش كالتجويع ومنع المياه الصالحة للشرب، إلا أن دفع ملف الصفقة ما يزال يأخذ الكثير من الوقت ومع أن تلك التقارير صدرت من الصحيفة الإسرائيلية "هآرتس" عن تحويل القوات الإسرائيلية حاجز نتساريم لمقبرة جماعية وتسميته بـ "شارع الجثث" حيث تتسابق الوحدات في القوات الإسرائيلية لقتل أكبر عدد من المدنيين الفلسطينيين هناك.

وترى ريما نزال، أن الحديث عن اليوم التالي للحرب أصبح أفضل بسبب فشل تنفيذ خطة الجنرالات وإفراغ شمال قطاع غزة بالكامل من سكانه، لكن تبقى المعضلة الأساسية أن القوات الإسرائيلية تريد قطاع غزة مثل الضفة منزوع السلاح وفي أي وقت تستطيع الاقتحام وتنفيذ عملياتها هناك أي بمعنى بقاء المطاردة الساخنة حاضرة على الدوام في غزة.

وأكدت أنه في اليوم التالي لن تكون حركة حماس في الواجهة بل ستسلم إدارة القطاع لجهة أخرى وحالياً تجرى المفاوضات بين حركتي حماس وفتح للاتفاق حول إدارة الشأن الداخلي الفلسطيني، أما عن إدارة معبر رفح الذي يفصل بين قطاع غزة والجانب المصري أمر تستمر التفاوض عليه بجهود مصرية حول من سيتسلمه كونه جزء من حدودها الذي لا ترغب القوات الإسرائيلية بتسلم إدارته.

وأوضحت أنه ينبغي التركيز على قضية إعادة الإعمار خاصة أنه سيتم تسليم هذا الملف لجهات دولية ستشرف على إعادة البناء وإدخال المعدات اللازمة منها الحديد الذي ستشدد القوات الإسرائيلية على إدخاله، لافتة إلى أن تلك الخطوات تجرى في سبيل توفير مأوى للنازحين فلا يعقل بقاء هذا العدد من السكان في الخيام تحت رحمة التقلبات المناخية الباردة والحارة.

وتابعت أن قضية النهوض بالقطاع الصحي أمر في غاية الأهمية لا يقل عن إعادة الإعمار خاصة أن أكثر من نصف مشافي القطاع مدمرة لذلك من الضروري تضافر التنسيق دولياً لإنعاش ذلك القطاع وتمكينه للقيام بتقديم الخدمات للمرضى، والأمر يقاس على الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء فلن يعيش أكثر من مليون مواطن دون ماء وكهرباء وخدمات الصرف الصحي.

وعن دور المرأة الفلسطينية، أوضحت ريما نزال، أنه بعد 15 شهر من الغارات وجرائم القتل التي كانت 70% من ضحاياها نساء فلسطينيات، وفقدانهن بيوتهن والعيش في مخيمات النزوح وسط ظروف قاسية ولا تحتمل يجب أن يكون للمرأة التمثيل الملائم والعادل في مختلف اللجان سواء الإغاثية أو إعادة الإعمار وغيرها من المستويات.

وبينت أن المرأة هي على بينة أكثر في المطالبة والدفاع عن حقها ففي حروب سابقة لم تتمكن العديد من النساء المطالبة بحقهن في إعادة الإعمار بحجة الأوراق غير كافية، لكن عندما تمثلها امرأة ستكون قادرة على تطويع القوانين لخدمتها ومساعدتها للمطالبة بحقها بإعادة إعمار بيتها المدمر إثر الغارات.