"كورونا والكهرباء" ثنائي يثقل كاهل ربات البيوت في غزة

منذ خمسة عشرَ عاماً وسكان قطاع غزة يعانون من قلة ساعات وصل التيار الكهربائي، ويعتمدون على وسائل بديلة للطاقة

رفيف اسليم
غزة ـ حين عودة الجدول المعتاد وهو 8 ساعات وصل فقط خلال (24) ساعة، لكن ما زاد الوضع سوء هو عودة جدول الطوارئ بالقطاع والمعروف بـ 4 ساعات وصل مقابل 20 ساعة قطع، في ظل فيروس كورونا والحجر الصحي المفروض وأيضاً التعليم الإلكتروني.
يقع على كاهل ربة الأسرة أعمال إضافية عليها إنجازها خلال سباقها مع الزمن في أربع ساعات فقط، فما بين أعمال المنزل الاعتيادية التي لا تنتهي وتسليم تكليفات الأبناء أصبحت الأم لا تعرف كيف تنظم وقتها، خاصة أن ساعات وصل التيار الكهربائي غير ثابتة، أي لا تخصص لها شركة الكهرباء توقيت معين بل تأتي فجأة ومن الممكن أن توصل ثم تفصل خلال ساعات النوم بعد منتصف الليل.
تقول أميمة حلس (33) عاماً وهي أم لخمسة أطفال، أن مشكلة الكهرباء تمثل معاناة حقيقة في حياتها فاضطرت أن تشتري هاتف ذكي لكل طفل على حِدة حتى يستطيعوا إكمال دراستهم؛ لأن بطارية هاتف واحد أو اثنين لا تكفي لحضور الدروس ومن ثم تسليم الواجبات، لافتةً إلى أنها تجد مشكلة في تأقلم طفلها الصغير ذا العامين مع برد الشتاء وعتمة الليل فلا يكف عن الصراخ حتى تجد وسائل بديلة ترضيه.
وتؤكد أن الأعمال المنزلية في ظل مكوث جميع أفراد الأسرة في المنزل تزداد، فلا تستطيع الموازنة بين غسل الملابس وإعداد الطعام أو الخبز المنزلي ومتابعة تدريس أطفالها، لتجد نفسها بعد ذلك السباق منهكة لا تستطيع إكمال اليوم، مشيرة إلى أنها كأم تحاول قدر الإمكان تنظيم يومها بتأجيل الأعمال التي لا تحتاج كهرباء لوقت آخر، والاستغناء عن أوقاتها الخاصة التي تشاهد خلالها التلفاز أو تقرأ كتاباً للترويح عن نفسها كي تعطي ذلك الوقت لأطفالها.
أما لارا غانم (23) عاماً وهي أم لطفل واحد، تقول "كنت أظن أن أمي تبالغ حين تخبرنا أن أعمال المنزل تكاد لا تنتهي"، فهي لم تكن تتوقع أن تكون بذلك السوء حين تجتمع مع ظروف الكهرباء في قطاع غزة، مضيفةً أنها تربط جدول يومها بجدول الكهرباء، وتجعل تلك الترتيبات مرنة كي تستطيع تغييرها إذا تأخر وصل التيار عن موعده، كما تعيد ضبط منبه هاتفها إذا ما كان موعد وصلها في ساعات متأخرة من الليل لتنهي ما عليها. 
ولفتت إلى أنه لا يوجد لديها مصدر بديل للكهرباء كالطاقة الشمسية أو المولد، فتنتظر الكهرباء مثلها مثل باقي الأمهات كي تستطيع تدفئة الماء والمكان ليستحم طفلها، وإنجاز الأعمال المنزلية التقليدية الأخرى، مشيرةً أنها عندما قررت أن تحتفل بمرور عام على مولد طفلها اضطرت لأن تؤجل الحفل أكثر من مرة؛ ليتزامن مع ساعات وصل التيار الكهربائي كما أحضرت مولداً احتياطي كي لا ينزعج ضيوف الحفل في حال انطفأت الأنوار.
وتؤكد رغد عطيوي (29) عاماً حديث سابقتها في أن معاناة ربات البيوت تزداد في ظل زيادة ساعات قطع الكهرباء مما يدفعهنَّ لبذل طاقة إضافية لإنجاز ما عليهنَّ، مضيفةً أنها في إحدى المرات قد طلبت منها طفلتها ذات الخمسة أعوام أن تعد لها كعكعة لكن الكهرباء انقطعت فجأة والكعكة لم تنضج جيداً، فيما استمرت ابنتها بالبكاء مطالبة بواحدة جديدة لم تتلفها الكهرباء. 
وتشير إلى أن الكثير من الأحلام والمناسبات البسيطة وحتى في بعض الأحيان المشروبات، لا تستطيع ربة الأسرة توفيرها بسبب عجز جدول الوصل لساعات الكهرباء، تلك المشكلات قد تكون بسيطة لدى الكثير من النساء، لكن مستوى الفقر الذي يصل إلى 75 بالمئة في قطاع غزة يثقل كاهل الأسر ويجعلهم بالكاد يستطيعون توفير متطلبات المنزل الأساسية من مأكل ومشرب، فيما لا يستطيعون الاشتراك بمولدات الكهرباء الخاصة؛ لأن اشتراكها مرتفع الثمن بالنسبة لهم.
وكانت قد حذرت شركة توزيع الكهرباء بقطاع غزة في بيان مقتضب نشرته عبر موقعها الرسمي على الانترنت عن وجود عجز كبير في التيار الكهربائي ناتج عن توقف في محطة التوليد؛ بسبب نفاذ الوقود المتواجد لديها، والذي رافق زيادة الاستهلاك وارتفاع معدل الطلب على الطاقة، الناجم عن استخدام المواطنين مؤخراً موضحة في بيانها الفرق بين مجموع الطاقة المتوافرة واحتياج القطاع منها وإجمالي العجز.