كسر الصمت شجع نساء على سرد قصص معاناتهن
شهد العام الماضي كسر حالة الجمود التي سيطرت على قضايا النساء وخاصة ما يتعلق بأشكال العنف المختلفة، وباتت النساء أكثر قدرة على البوح بما مورس عليهن من انتهاكات وهو الأمر اعتبره البعض من أكبر مكاسب العام الماضي.
أسماء فتحي
القاهرة ـ مر عام عملت فيه المؤسسات النسوية بكل طاقتها من أجل مستقبل أفضل للنساء هادفة لإحداث تغيير حقيقي في واقعهن، ولكون الكثير من الأزمات التي تعاني منها النساء في مصر مرتبطة بالجانب الثقافي والفكري المتوارث فالتأثير لتغييرها يتم ببطء ويحتاج لجهد مضاعف.
خلال العام الماضي كسرت الكثيرات حاجز الصمت وتحدثن عما تعرضن له من انتهاكات وأزمات دون خوف، بينما راحت أخريات تعملن بدأب على تغيير واقعهن ونجحن فعلياً في كسر القالب النمطي الذي يحاصرهن وخرجن للعمل والتعلم دون التقيد بما يمارس عليهن من انتهاكات.
وفكرة كسر الصورة النمطية المأخوذة عن المرأة واحدة من الخطوات الهامة التي ظهرت بوضوح خلال العام الماضي، فضلاً عن جرأة الفتيات في الاختيار والتقرير لذواتهن ورفض الممارسات التي ترين أنها تنال من حقوقهن، بل واللجوء لأدوات الحماية المعلنة سواء من قبل الدولة الممثلة في مؤسساتها الرسمية أو من المجتمع المدني من خلال المؤسسات النسوية وطلب الدعم أياً كانت صورته "قانونية أو نفسية أو حتى إرشادية في جلسات فضفضة وحكي".
قالت مؤسسة مبادرة بر أمان في الإسكندرية ميار مكي، إن كسر القالب النمطي لصورة النساء أحد أهم مكتسبات العام الماضي فقد أصبحت النساء أكثر جرأة وقدرة على التعبير عن ذواتهن دون خوف أو تردد كما كان يحدث في السابق.
وأكدت أنهم في المبادرة يقدمون "ورش للحكي" وقد لمسوا أن الفتيات تروين ما يحدث معهن بكل صراحة ويفتحن الكثير من الموضوعات الشائكة التي لم يكن يتم التحدث عنها سابقاً ومنها الاغتصاب الزوجي وغيره من أشكال العنف الجنسي.
واعتبرت أن أحد المكتسبات التي تحققت أيضاً خلال العام الماضي تمثلت في عدم حبس النساء لأنفسهن في قالب الضحية فقد كسرن تلك الصورة وقررن الخروج من قبضتها المظلمة وتكشفن للمجتمع ما تمت ممارسته ضدهن من انتهاكات، سالكات طريق التعافي من مثل هذه الجرائم فارات من دور الضحية لكونهن بتنَّ أكثر قوة وقدرة على الإفصاح أيضاً.
وكشفت أن ورش الحكي والجلسات الجماعية عموماً التي اتجهت لها العديد من المؤسسات والمبادرات في الفترة الأخيرة كان لها دور كبير في دعم النساء وتمكينهن من فتح الملفات المسكوت عنها في المجال الخاص والعام.
وأضافت أن هناك امرأة أتت لورشة الحكي التي نظمتها مبادرتها وروت ما حدث معها قائلة "ربما تكون هذه جلستي الأخيرة معكن لأني أحبس في المنزل وأمنع تماماً من الخروج"، معتبرةً أن النساء تعانين ولكن في صمت وأن التطور الذي حدث في جلسات الدعم الجماعي يتمثل في التشجيع على البوح خاصة أن هناك الكثير من القصص المتشابهة.
وتحدثت ميار مكي عن عدد من التجارب للنساء اللواتي تمكنَّ من كسر الحواجز ونجحن في بناء الحياة التي رغبن بها، مؤكدةً أنها بشكل شخصي تأثرت بتلك التجارب إلى حد كبير، وواحدة من تلك التجارب كانت لفتاة تعرضت لعنف منزلي وكسرت يدها ومنعت من الدراسة، ولكنها نجحت في استكمال دراسة منحتها الخاصة، وأتمت الماجستير، وحققت ما رغبت به رغم كل القيود التي مورست عليها.
وأضافت أن هناك فتاة أخرى كانت تحلم بالعمل في الصحافة وأسرتها رفضت ذلك كلياً، ولكنها أصرت على تحقيق ما رغبت به والآن تعمل في عدة مواقع وتقدم عدد من التحقيقات الناجحة وبات لها اسم في المجال الذي قررت العمل به.
وأكدت أن مثل تلك التجارب ملهمة ومسألة الخروج من دوائر العنف أمر مهم؛ لكونه يساعد نساء أخريات في الخروج من القوالب التي صنعت خصيصاً لسجن أحلامهن.