كشفية الصيادلة المجانية مقصد نازحات ومعيلات بعد غلاء معاينات الأطباء
حرمت الأوضاع الاقتصادية المتردية الكثير من العوائل الاستفادة من الخدمات الطبية في إدلب لا سيما العيادات الخاصة التي ارتفعت أجور معايناتها للضعف بما لا يتوافق مع إمكانيات السواد الأعظم للمدنيين وخاصةً الأسر التي تعيلها النساء.
هديل العمر
إدلب ـ أصبحت كشفية الأطباء من القضايا الشائكة في إدلب، لا سيما مع ضعف القدرة الشرائية للأهالي الذين ما تزال أجورهم ثابتة، ففي حين يرى المدنيون أن التعرفة مرتفعة، يعتقد الأطباء أن أجورهم منخفضة للغاية، وهو ما يدفعهم لمزيد من رفع الأجور كل حين، وساهم ذلك بالتوجه للاستفادة من خدمات الصيادلة، الذين راح يعتمد عليهم أصحاب الدخل المحدود في البلاد.
لم تزر رابية الحجي (33 عاماً) طبيباً منذ أكثر من عام جراء عدم تمكنها من دفع أجور المعاينات التي راحت ترتفع تدريجياً، وتقول أنها كثيراً ما تستعيض عن معاينات الأطباء بكشفية الصيدلاني الذي راح يأخذ دور الطبيب في كثير من الأحيان، وخاصةً فيما يتعلق بالأمراض الموسمية كالرشح والسعال وأمراض البرد وبعض الأمراض الجلدية.
وأضافت أنها تختصر الكثير من الجهد والمال والمعاناة حين ينصحها الصيدلاني "مجاناً" بأدوية محددة كثيراً ما تعطي فائدة كبيرة في معالجة بعض الأمراض، مشيرةً إلى أن وضعها المادي لا يحتمل مزيداً من الأعباء وخاصةً بعد وفاة زوجها بالقصف الذي طال مخيمات أطمة العام الماضي تاركاً لها أربعة أبناء بحاجة للاهتمام والرعاية فيما تعتبر المعيلة الوحيدة لهم.
وتعمل رابية الحجي في الأعمال الموسمية الزراعية وأجرتها اليومية زهيدة جداً، فيما تحتاج كشفية الطبيب أموال تفوق ما تحصل عليه بشكل يومي عدا عن المصاريف الإضافية كشراء الأدوية أو إجراء التحاليل والصور الشعاعية الطبية وتأمين الأدوية ليصل المبلغ إلى أضعاف ما تحصل عليه أسبوعياً.
من جهتها تنتقد منيرة الحميد (42 عاماً) الأجور المتزايدة للأطباء في الوقت الذي يعاني فيه غالبية الأهالي المدنيين من الفقر والنزوح وانعدام فرص العمل، وتقول إنه "في السابق كانت تعرف مهنة الطب بنبلها وارتباطها بالجانب الإنساني والالتزام الأخلاقي في المعالجة والتعامل بين الطبيب والمريض، فكم من طبيب نذر نفسه للمهنة، أما اليوم فقد أعمى الجشع بصيرة الطبيب وضميره وراح يبني ثروته من جيوب المرضى الفقراء، في الوقت الذي زادت فيه سنوات الحرب الحاجة لعطائه وخدماته".
وأكدت منيرة الحميد أنها تلجأ لنصائح الصيادلة المجانية في حال المرض خوفاً من تحمل مغبة دفع مبالغ إضافية ليس بمقدورها تحملها وسط ما تعانيه وزوجها المريض بالسكري من فقر وضيق حال.
من جانبها قالت الصيدلانية منى الأصفر (31 عاماً) أن ما يشهده الوضع العام في إدلب من صعوبات معيشية واقتصادية تتطلب وجود خطة مبنية على رؤية دقيقة في اتخاذ القرارات، خاصةً تلك التي تتعلق بمصير ومستقبل الناس ومنها الجانب الصحي والعلاجي.
وأشارت إلى أن الصيدلاني يمتلك بعض الخبرات الطبية بحكم دراسته وعمله لكنه يمكن "أن يخطأ ويمكن أن يصيب"، ومن هنا لا يجب الاستغناء عن الأطباء بشكل كامل، وخاصةً فيما يتعلق بأمراض تحتاج تشخيصات طبية معينة للكشف عن طبيعة المرض، ومعرفة الوضع الصحي العام للمريض، وهو ما لا يستطيع الصيدلاني التوصل إليه بخبراته الطبية المحدودة.
وتناشد منى الأصفر الأطباء الأخصائيين والمراكز الطبية المتخصصة والجهات المعنية بضرورة الالتزام بأسعارٍ تناسب القدرات الاقتصادية للمجتمع، وخاصةً أصحاب الدخل المحدود والعوائل الفقيرة.