كريمة الحمري... أول مارشال طائرات في ليبيا

على الرغم مما تعانيه المرأة في ليبيا من تهميش لدورها، إلا أن ذلك لم يثني من عزيمتها، فقد استطاعت الضلوع في مهن وأعمال كانت حكراً على الرجال، وأثبتت جدارتها ونجاحها فيها.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ تعد كريمة الحمري أول مارشال طائرات في ليبيا، وقد أثبتت قدرتها وكفاءتها في هذا المجال على عكس ما كان يروج له المجتمع تجاه المرأة وعدم قدرتها على الضلوع في أعمال لا تتناسب مع بنيتها الجسدية.

تحمل إشارات الاسترشاد بيديها تلوح بهما لكابتن الطائرة، الذي ما أن تلامس عجلات طائرته الأرض حتى تصبح كريمة الحمري مسؤولة عنها، وتقوم بتوجيهه حتى تتوقف الطائرة بأمان.

وعن عملها في هذا المجال قالت كريمة الحمري "أعمل بمطار بنينا الدولي منذ عام 2007، وعملت خلالها في عدة مجالات بدأت مضيفة طيران ثم توجهت إلى قسم المحفوظات ومنه إلى قسم التايم شيت ثم إلى وحدة إصدار التذاكر وبعدها إلى قسم التشغيل والسلامة حيث كانت مهمتي إحصاء حركة الطيران بمطار بنينا، حتى وصلت إلى قسم الإرشاد الأرضي".

وحول شغفها بهذه المهمة أكدت "كانت لدي رغبة شديدة لخوض هذا المجال منذ أكثر من عامين، لكن كان هناك انتقادات كثيرة من قبل المجتمع لم ترحم كوني امرأة وهذا العمل حكر على الرجال فقط، على الرغم من أنه لا يوجد قانون يمنع ضلوع النساء في هذا المجال، ولأني أملك العزيمة والإصرار الكافيين تمكنت من تحدي كل هذه الانتقادات ومع التدريبات المكثفة التي تلقيتها استطعت أثبات جدارتي وقدرتي وأن المرأة عندما تمتلك الإرادة يمكنها أن تحصل على حقوقها وتفرض شخصيتها حتى لا تبقى ذلك الكائن الضعيف بنظر المجتمع".

وعن تدربها وتأهيلها للعمل في هذا المجال أوضحت "تلقيت مجموعة من التدريبات بمساعدة مختصين في هذا المجال، واستطعتُ بعد مدة قصيرة لا تتجاوز الأسبوعين فقط من العمل دون مساعدة وتمكنت من إثبات جدارتي كمارشال طائرات، لم يخلو الأمر من رهبة الوقوف في ساحة المطار واستقبال أول طائرة، بالتأكيد المرة الأولى لها رهبتها وهيبتها، إلا أنني تمكنت من تجاوز ذلك الخوف، الآن أعمل دون مساعدة مارشال آخر"، مضيفة أن نسبة اعتماد الكابتن على المارشال في هبوط الطائرة بسلام إلى أن تتوقف تصل إلى 90%، كون المارشال هو أول شخص في المطار يراه الكابتن، فهو يقوم بتوجيهه للمكان المناسب لهبوط الطائرة وذلك اعتماد على الإرشادات الدقيقة التي يجب أن يقوم بها المارشال.

وأشارت إلى أن عملها يتضمن أيضاً تجهيز المعدات وصيانة الطائرة فأي خطأ بسيط سيكون من الصعب على الكابتن أن يتحرك بالطائرة مرة أخرى، وليس كما يعتقد البعض أن المارشال يقوم بإيماءات بيديه وإشارات عشوائية، إنما هناك أماكن معينة يجب أن تقف فيها الطائرة والخدمات والتجهيزات والمعدات كلها تعتمد على إتقان المارشال لعمله.

وأوضحت بعض محطات عملها "إيقاف الطائرة بسلام يقع تحت طائلة مسؤوليتي عندما يقوم البرج بإبلاغي أن عجلاتها لامست الأرض أي بمعنى تم الهبوط، فأقوم بإرشاد الكابتن من خلال إعطاءه الإشارة بالتوقف في المكان المخصص له، هذه الإشارات مهمة جداً لذلك يجب أداءها بدقة عالية، لأنه حتى في الحالات الطارئة نقوم باستخدامها فعند تعرض أحد محركات الطائرة لحريق أقوم بإشارة أنبه فيها الكابتن لذلك حتى يتلافى حدوث كارثة".

وبينت أنها لا تسعى للترقية في عملها وتولي منصب آخر، ولكن هي تسعى لتطوير نفسها في هذا المجال من خلال الخضوع لدورات علمية "على الرغم من الدعم الذي تلقيته من عائلتي، إلا أن هناك اعتراضات من بعض المتواجدين هنا على عملي هذا كوني امرأة فهو بنظرهم لا يجوز لها العمل كمارشال وهو حكر على الرجال فقط، ولكنني استطعت تخطي هذه الترهات كما تمكنت من أثبات قدرتي في هذا المجال، كما أني التحقت بمعاهد وأكاديميات داخل ليبيا وخارجها من أجل تطوير قدارتي في هذا المجال".

وعن أبرز التحديات التي واجهتها خلال عملها قالت "رهبة اللحظات الأولى أثناء الوقوف أمام الطائرة أولى الصعوبات"، مشيرة إلى أن هناك العديد من النساء كسرن الصورة النمطية للمرأة حيث يوجد نساء تعملن كمارشال في البحرين وأخرى في تونس وأنا أكون الثالثة والأولى في ليبيا، لذلك أشجع باقي النساء لخوض هذا المجال أو أي مجال يرغبن به "أتمنى من الجهات المعنية في المطارات أن تقدم الدعم للنساء حتى تتمكن من الضلوع في مثل هذه الأعمال".