كلب بوليسي نهش لحمها... مسنة فلسطينية تدفع ثمن صمودها في أرضها

هواجس نفسية تلاحق المسنة الفلسطينية دولت الطناني بعد اعتداء كلب بوليسي عليها ونهش لحمها بشكل وحشية.

نغم كراجة

غزة ـ يواجه أهالي غزة ولا سيما النساء والأطفال مخاطر يومية وانتهاكات قاسية في ظل الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر، وفي هذه الظروف الصعبة تبرز قوة المرأة الفلسطينية التي تتحمل أعباء الحرب والصمود في وجه الدمار، رافضة الاستسلام ومتشبثة بأرضها، متمسكة بأمل في حياة أفضل رغم كافة التحديات التي تواجهها.

 

هجوم الكلب البوليسي... بداية الكابوس المرعب

لم تنسى المسنة الفلسطينية دولت الطناني البالغة من العمر سبعين عاماً أهوال تلك الليلة القاسية في أيار/مايو الماضي، عندما هاجمها كلب بوليسي تابع للقوات الإسرائيلية خلال عملية عسكرية في مخيم جباليا الذي تم اقتحامه مرتين وبرغم التهديدات ومطالبة السكان بالنزوح، رفضت مغادرة منزلها، وبقية أفراد أسرتها قرروا النزوح سريعاً قبل فوات الأوان.

وتروي القصة "في الساعة الثامنة ونصف ذهبت إلى سريري في محاولة للنوم تحت وابل من القذائف والرصاص في المنطقة، لم أتوقع أن يكون ذلك اليوم بداية لجحيم سيعيش معي طويلاً، من شدة القصف انفتح باب منزلي وبعد دقائق تفاجأت باقتحام القوات الإسرائيلية المنزل وأدخلت أمامها كلباً أسود اللون وكبير الحجم متوحشاً بمعنى الكلمة، حينها فقدت أعصابي وقلت إن هذه لحظاتي الأخيرة".

هجم الكلب البوليسي عليها بكل شراسة ونهش بأنيابه ذراعها الأيمن حتى وصل بوحشيته إلى عظامها وواصل جرها بعنف في زوايا غرفتها، مضيفة "ناشدت القوات بصراخٍ وبكاء أن ينقدوني وبعدها نادوا على الكلب المتوحش ليخرج من الغرفة، وبقيت أنزف اثنا عشر ساعة بلا رعاية أو حتى كأس ماء ولم أتمكن من الخروج لمعالجة جرحي النازف لصعوبة الوضع الأمني والقصف المستمر في المنطقة، فقررت الاستسلام لعجزي وصولاً للموت".

استخدام الكلاب البوليسية في الهجمات العسكرية يعكس حجم الانتهاكات الممنهجة ضد الفلسطينيين/ات، هذا الأسلوب يجسد الرعب والضغط النفسي الذي يتعرض له المجتمع الأعزل ويعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.

ومع بزوغ الفجر وجدت نفسها لا زالت على قيد الحياة وقررت أن تخرج من المنزل لكن إطلاق النار المتواصل لم يسعفها "بدأت ألتقط أنفاسي من شدة الألم، انتظرت أن يهدأ الوضع حتى تمكنت من الهروب ومشيت مسافات طويلة حتى التقيت بأحد الشبان وقام بنقلي إلى أقرب مستشفى، في هذه اللحظة شعرت بتعب عن سنوات حياتي كلها"، ونظراً لقلة الإمكانيات الطبية في المستشفيات لم تتلقى العلاج الكامل بل تمت مداوة الجرح وتعقيمه وتأجيل عمليتها الجراحية حتى إشعار آخر.

 

معاناة مستمرة وأوجاع بلا نهاية

بعدما انسحبت القوات الإسرائيلية من مخيم جباليا، قررت دولت الطناني العودة إلى منزلها، على أمل أن تجد مأوى يعيد لها شيئاً من الأمان الذي افتقدته، ولكن ما إن وصلت إلى المكان الذي كان منزلاً يوماً ما، حتى وجدت أن كل ما تبقى منه هو ركام وأطلال في مشهد صعب ومؤلم، بدأت دولت تبحث بين الأنقاض، محاولة التعرف على بقايا منزلها الذي قضت فيه سنوات طويلة ولم تغادره حتى أخر لحظة اكتشفت أن كل ما تبقى منه هو قطع مبعثرة من الحطام، مما زاد جرحاً جديداً إلى جراحها التي لم تلتئم بعد، وتضيف "كانت عودتي إلى بيتي بعد العلاج في المستشفى بمثابة نصر شخصي، ورغم أن جرحي لم يلتئم بالكامل، إلا أنني أصريت على العودة، لأتفاجأ أنه أصبح مجرد حجارة صغيرة".

تعيش دولت الطناني حالياً في منطقة نائية جداً، حيث البنية التحتية شبه مدمرة بالكامل، والمناطق المحيطة بها تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية، كما أن حاجتها الماسة لإجراء عملية جراحية طارئة تضعها في مأزق، حيث الوضع الكارثي في المستشفيات جعل اسمها ضمن لوائح الانتظار الطويلة، ولا مجال للسفر للعلاج في الخارج بسبب الحصار وإغلاق المعابر، هذه المعضلة تجعل الجرحى يموتون ببطء.

وتأمل أن تنتهي الحرب ويتم إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع لتعود الحياة إلى طبيعتها، مشيرة إلى أن شمال غزة يعاني من نقص حاد في المواد الغذائية والطبية حتى أدنى المقومات من المستحيل إيجادها "لا أجد الطعام ولا العلاج، ما ذنبنا أن نموت ببطء".

 

 

وضع النساء في غزة

تواجه النساء في غزة ظروفاً قاسية للغاية، حيث تعانين من انعدام الأمان والخدمات الأساسية، ورغم ذلك، تظهرن صموداً وشجاعة في وجه التحديات اليومية، متمسكات بالأمل في مستقبل أفضل في ظل هذه الظروف الصعبة، وتبقين نموذجاً للقوة ومثالاً يحتذى به أمام العالم المتخاذل والصامت عن معاناتهن وأوجاعهن.