خولة لهلالي من الصحافة إلى عالم العرائس

"اعمل ما تحب"، مقولة تتخذها خولة لهلالي مبدأ في حياتها، فرغم تفوقها في الدراسة وتخرجها من معهد الصحافة والإعلام، إلا أنها أدركت أن مهنتها لا تلبي طموحاتها فتوجهت لتحقيق حلمها

حنان حاريت
المغرب ـ .
في لقاء لخولة لهلالي ذات الـ 23 عاماً التي عملت كصحفية لمدة أربعة سنوات، مع وكالتنا وكالة أنباء المرأة (NUJINHA)، تتحدث حول سبب تخليها عن مهنتها كصحافية وتوجهها نحو الانخراط في عالم العرائس مع مهنة "النَكافة".
تقول خولة لهلالي أن سبب تخليها عن مهنة الصحافة يعود إلى عدم اقتناعها بطريقة معالجة بعض المواضيع في الصحافة، وأن أغلب المقالات الصحافية في المغرب باتت تجري أكثر خلف تحقيق "البوز"، دون احترام لقواعده وخصائصه، إضافة إلى أن بعض المواقع تسلط الضوء أكثر على كل ما هو سلبي، في حين يتم إغفال الإيجابيات في تغطية الأحداث، وهذا في رأيها يرسم صورة غير دقيقة وناقصة عن الواقع.
توضح خولة لهلالي قائلةً "طوال مدة عملي في الصحافة كنت أبحث عن صحافة بناءة تجيب عن الأسئلة الخمسة التي طالما درسها لنا الأساتذة في مقاعد المعهد الصحفي وهي: من وماذا وأين ومتى ولماذا؟ وتجيب أيضاً عن سؤال: ما العمل الآن؟ لكن هذه الأسئلة غالباً ما كانت لا تحترم لأن التكليفات في الغالب لا ترقى إلى مستوى تطلعاتي... فأنا كان لي تصوري في الصحافة البناءة وهي التي تقدم المشاكل وتجد الحل أو تسهم في إيجاده، هي التي تكون صوتاً للناس وليست بوقاً للدعاية، وبما أنني افتقدت هذا الشيء في عملي كصحافية، فإن تلك الأفكار كانت تراودني باستمرار، وهو ما جعلني أفكر أكثر من مرة وأتساءل بيني وبين نفسي ماذا سأفعل في ظل ما تعانيه الصحافة وما عشته..؟ كان هذا السؤال يرافقني باستمرار".
وتسترسل خولة لهلالي في حديثها "بما أنني لم أجد في مهنتي ما يلبي طموحاتي والاستقلال المادي، جعلني في الأخير آخذ قراري وأرتمي في أحضان حلمي وتحقيقه بكل ما أوتيت من عزيمة وطموح".
 
من هنا كانت البداية..
دخلت خولة لهلالي في مغامرتها الجديدة بجرأة، إذ أنها منذ البداية كانت تعلم أنها تتجه إلى مجال يختلف تماماً عما درسته في معهد الصحافة، لكنها اختارت تحقيق حلمها والنجاح فيه لتثبت أولاً لنفسها أنها امرأة تعرف جيداً ما تريد، ففي شباط/فبراير من عام 2020، أي قبل شهر واحد من ظهور وباء كورونا في المغرب، قررت أن تصبح "نَكافة"، كما يصطلح عليها باللهجة المغربية، وهي السيدة التي تشرف على اختيار ملابس العروس يوم حفل الزفاف، والتي ترافقها منذ بداية الحفل إلى نهايته حتى تظهر العروس في أبهى حللها.
 
"العائلة سندي"
تقول الصحافية السابقة "حتما الانطلاقة لم تكن سهلة، كان لا بد لي من رأس مال، وبحكم أن النقود التي كانت بحوزتي لم تكن لتكفيني كان لابد من البحث عن شركاء، فلم أجد سوى زوجي ووالدي، وقفوا إلى جانبي ودعموني مادياً، ودخلوا شركاءً معي في المشروع، فاستأجرت محلاً، وبدأت في تجهيزه بشراء الملابس وإكسسوارات العرائس".
وتؤكد خولة لهلالي أنها تلقت تشجيعاً ومساندة من أسرتها، الذين تقبلوا فكرة الانتقال من مهنة الصحافة إلى مهنة النِكافة، حيث قدموا لها كل الدعم اللازم لتحقيق ذاتها في مجال أحبته وعشقته "رغم الخوف الذي انتابهم في بادئ الأمر إلا أنهم اقتنعوا بمشروعي".
حاولت خولة لهلالي في البدء استثمار معارفها وأجندتها الصحفية، فلكي يتعرف عليها الناس بدأت باستدعاء بعض الفنانات والأسماء المعروفة وإلباسهن ونشر صورهن، كما استغلت صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك والانستغرام وقناتها على منصة اليوتيوب للدعاية والترويج لمشروعها، تقول خولة "كانت أول عروس تتعامل معي من المتابعات لي، كنت سعيدة وأنا أخوض تجربتي الأولى".
 
مهنة الصحافة لا تتعارض مع النِكافة
وتضيف خولة لهلالي "عندما أفكر في عملي الجديد أجد بأنه لا يتعارض مع الصحافة؛ فمثلما كنت أكتب مقالاً أو أعُد ربورتاجاً وأحرص على أن يكون متناسقاً من حيث تسلسل الأفكار وإعداده للنشر في أبهى حلة وأختار عنواناً مناسباً، مع الحرص على التجديد في كل موضوع"، كذلك الأمر بالنسبة إلى مهنة النَكافة حيث تحرص خولة على أن تكون العروس في ليلة العمر في أبهى حلة، وتحاول التدقيق في كل كبيرة وصغيرة، بحيث لابد أن تكون الإكسسوارات متناسقة مع القفطان والتكشيطة (وهما نوعان من اللباس التقليدي المغربي).
 
سعادتي هي فرحة العروس
وتستمر ابنة مدينة الرباط في حديثها قائلةً "أحرص على تصميم اللباس التقليدي للعروس بنفسي ففي كل مرة أهتدي إلى تصميم جديد، كما أنني أقترح أيضاً على الحرفيين والصناع التقليديين المختصين في تزيين العماريات (الهودج الذي تركبه العروس وتقوم بجولة وسط حضور الحفل وهي محمولة فوقه)، بإدخال أحجار من ألوان مختلفة تتناسب مع الملابس والإكسسوارات.
وأثناء حديثها عن شعورها وهي تختار ملابس العروس التي ترتديها في ليلة الحفل وسط حشد من المدعوين وسعادتها في ممارسة مهنتها الجديدة تقول "مهنة النكافة جعلتني أكتشف أنني مصممة أزياء أيضاً وأنني مبدعة في مجال عملي الجديد، فأنا أحاول ابتكار موديلات وتصاميم تمزج بين الأصالة والمعاصرة وتيمة العرس لتتناسب مع الإكسسوارات والهودج"، بالنسبة لخولة لهلالي ظهور العروس بشكل لافت خلال حفل زفافها؛ معناه أنها نجحت في مهمتها.
 
الإبداع لا يتوقف على مجال معين
وتؤكد خولة لهلالي أنها ظلت متشبثة بمشروعها نظراً لأن انطلاقته كانت قبل شهر واحد من ظهور أزمة كورونا في المغرب وما رافق ذلك من إجراءات أقرتها السلطات بشأن منع حفلات الزفاف، وتضيف "هذه الأزمة جعلتني أكتشف أنني صبورة ومقاتلة وطموحة لدرجة لا توصف؛ وأنا أؤمن أنني سأصل مع مهنتي الجديدة إلى بر الأمان وسأحقق كل أحلامي، لأن الإبداع لا يتوقف على مجال معين، المهم أن يكون للمرء الرغبة في عمل شيء مميز ومبدع وفي مجال يحبه"، واختتمت حديثها بالقول "كل واحد منا عليه البحث في داخله عما يريده، وبالتأكيد سيجد المكان الذي يحبه وحينذاك سيبدع".