هيئة تحرير الشام تضيق على النساء في إدلب

منذ سيطرتها على إدلب عمدت هيئة تحرير الشام لإطلاق جهاز أمني أسمته "سواعد الخير" ليبدأ بعمليات التضييق على المدنيين في الأسواق والشوارع العامة وملاحقة صالونات الحلاقة والتجميل والتدخين والألبسة النسائية لفرض المزيد من أفكارها ومعتقداتها وسيطرتها وقبضتها على المنطقة.

سهير الإدلبي
إدلب ـ
وسواعد الخير أو ما يسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تضم رجالاً ونساء من جنسيات مختلفة تتجول في شوارع المدن والبلدات بدعم من كتائب أمنية "هيئة تحرير الشام".
لم تتخيل صفا الشوارغي وهو اسم مستعار أن يتم اقتيادها لمركز الأمنيين التابع لهيئة تحرير الشام في إدلب المدينة فقط لسماعها الأغاني في محلها التجاري وكأنها ارتكبت جرماً لا يغتفر.
تروي صفا الشوارغي ما حدث معها بأنها وأثناء عملها في محل الألبسة النسائية بإدلب وأثناء سماعها لأغاني المطربة فيروز التي اعتادت سماعها على هاتفها المحمول في الأوقات التي يخلو فيه محلها من الزبائن فوجئت بدخول مجموعة من النساء المنقبات إلى المحل وأمرنها بمرافقتهن بعد الكثير من التنمر والانتقادات بحجة مخالفتها الشرع وارتكابها المحرمات بسماعها للأغاني.
شَعرت بالخوف من تأثير الأمر على سمعتها وسمعة محلها مصدر رزقها الوحيد، وخشيت إن رفضت الذهاب معهن أن يعمدن إلى إهانتها أو اتخاذ إجراءات ظالمة بحقها فما كان منها إلا مرافقتهن لتجد نفسها في فروع الهيئة الأمنية وهناك عمدوا بعد محاضرة في الأخلاق وأحكام الشريعة الإسلامية إلى الزامها بتوقيع تعهد بعدم سماع الأغاني ثانية وإلا فسوف تتعرض للسجن والغرامة المالية في المرات القادمة.
تقول "كم شعرت بالخجل من اصطحابي معهن بهذه الطريقة المهينة وكأنني مجرمة أو امرأة غير سوية، ما الذي يمكن أن يقوله الناس عني"، وتضيف "تباً لما وصلنا إليه من ذل وهوان، أردنا الحرية والخلاص من ظلم الأسد لنقع فريسة هؤلاء المدعين الإسلام بينما هم لا يمتون للإسلام بصلة".
نساء كثر تعرضن لمضايقات واعتداءات من قبل جهاز الهيئة الأمني ومنها اعتداء إحدى ما يسمى الداعيات على رئيسة دائرة الامتحانات في جامعة إدلب بعد أن منعتها الأخيرة من اقتحام أحد مكاتب الكلية لتلاحق طالبة بحجة متابعة اللباس الشرعي لتقوم بدفعها ورميها أرضاً ما استدعى اسعافها لإحدى المشافي الطبية.
وكذلك اقتحام معهد فيثاغورث التعليمي في مدينة إدلب بحجة التفتيش على الاختلاط بين الذكور والإناث حيث قامت بالاعتداء بالضرب على أحد المدرسين والتزمت الإدارة بالتوقيع على تعهد بحجة وجود مخالفة شرعية وقامت بطرد الطلاب والطالبات بعد توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة ونعتهم بصفات غير لائقة.
حتى القطاع الطبي لم يسلم من تسلط ما يسمى "سواعد الخير" من خلال مراقبتهم للمشافي العامة والخاصة وإلزام الموظفات والمراجعات بضرورة التقيد باللباس الشرعي.
الممرضة سالي عمران (٢٥عاماً) وهو اسم مستعار، تعرضت لموقف وصفته بالمحرج حين استوقفتها إحدى الداعيات داخل المشفى وراحت توجه لها الانتقادات المتعلقة بلباسها ومكياجها، وحينها اضطرت سالي للتوقف عن عملها وانتظار انتهاء محاضرة الداعية لتستأنف عملها بعد أن اختتمت الداعية محاضرتها بالتهديد والوعيد.
تقول سالي عمران أن عناصر الحسبة أو سواعد الخير ومعهم الداعيات قاموا بجولات على أبواب المشافي الطبية في إدلب لمراقبة اللباس والتضييق على الموظفات والطبيبات، وتؤكد أنها ليست المرة الأولى التي يتدخلوا فيها بلباس النساء في إدلب بل تكرر الأمر عدة مرات حتى بات "لا يطاق".
وتتساءل سالي "من أخبر هؤلاء بأننا لسنا مسلمات وأننا خارجات عن العقيدة والشرع؟، نحن أعلم بديننا ولا داع أبداً لمن يتدخل بشؤوننا" وبدل من ذلك تقترح أن تلتفت هيئة تحرير الشام إلى أوضاع الناس في المخيمات العالقين في غياهب الفقر والجوع والعوز وتحسين أحوالهم، "سيكون ذلك أفضل بكثير من التدخل في الحريات الشخصية وخنق المدنيين في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشونها".
ورداً على سلسلة المضايقات التي تمارسها "سواعد الخير" على المنشآت الصحية والإنسانية أكد تحالف المنظمات غير الحكومية رفضه الكامل لهذه الأساليب بحجة تطبيق اللباس الشرعي وما أسمته سواعد الخير بمنع المنكرات.
وأشار التحالف إلى أن أي تدخل في أي منشأة صحية أو نشاط إنساني من قبل أي جهة يعتبر اعتداءً صارخاً على المنشآت والكوادر الطبية العاملة فيها وهو ما سيؤدي في النهاية لتوقف الخدمات الإنسانية والطبية عن المدنيين البائسين.
ورغم إصدار البيانات وخروج المظاهرات المناهضة لحكم هيئة تحرير الشام تستمر الأخيرة بإجراءاتها التعسفية ضد النساء والمدنيين لتزيد من حجم قهرهم ومعاناتهم.