هناء الخالدي: النساء تفتقرن لأبسط المقومات بعد الكوارث
تواجه النساء خلال وبعد الكوارث مشاكل تختلف كثيراً عن تلك التي يواجهها الرجال، ويفاقم الأمر سوءً هو عدم مراعاة الجهات المعنية لاحتياجاتهن.
نغم كراجة
غزة ـ دعت الباحثة المجتمعية هناء الخالدي إلى ضرورة خلق خطاب دولي نوعي لمواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه النساء ضحايا الزلزال في سوريا وتركيا، وإيجاد الحلول المناسبة لهن.
أكدت الباحثة المجتمعية في الشأن تعشن ويلات التشريد والتهجير والنزوح وسوء الأوضاع الصحية والأمنية كما تتعرضن للتعذيب والاعتقال والاغتصاب والاختفاء، كما تحملنّ على عاتقهن مسؤولية عوائلهن وتدبير شؤونها، كما أنهن مجبرات على العيش في مخيمات تفتقر للرعاية الاجتماعية والصحية وانعدام الخصوصية.
ومن خلال عملها في الشأن النسوي بينت أن المرأة بشكل عام تعاني من الموروث الثقافي الذي يرى أن الدور النمطي للنساء هو رعاية الأسرة، "تحاول النساء تغيير النظرة النمطية المتوارثة عبر الأجيال، ومن الضروري أن تخضن التجربة الاجتماعية لصقل شخصياتهن"، منوهةً إلى أهمية المشاركة السياسية والاجتماعية للمرأة حتى تنهض بمثيلاتها "على كل النساء أن تتكاتفن يداً بيد لخلق برامج توعوية تصب في خدمة المرأة التي تحتاج إلى رعاية وإعادة دمجها وتأهيلها وتقديم سبل العون لها خلال الكوارث وبعدها".
وبينت أن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط/فبراير الماضي، خلف خسائر فادحة وأضرار جسيمة، ونظراً لعدم توفر الإمكانيات اللازمة لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض "توفيت عائلات بأكملها بسبب محدودية الإمكانيات والخدمات، وغالبية الضحايا هم من النساء والأطفال".
وأوضحت أن طواقم الإنقاذ في تركيا تضم عدد كبير من النساء المسعفات اللواتي واصلن العمل بجهود مكثفة لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض ومداواتهم وتأمين وصولهم إلى مراكز الإيواء "المرأة دائماً تثبت قدرتها على المشاركة في كافة الميادين ومهما كانت الأوضاع والظروف، وهذا ما شاهدناه على الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي لعدد كبير من النساء اللواتي شاركن في عمليات الإنقاذ".
وأشارت إلى أن الناجيات في تركيا تواجهن العديد من الصعوبات أبرزها العيش في مراكز الإيواء والمخيمات المكتظة والتي تنتهك فيها خصوصيتهن، علاوةً على ذلك انقطاع مصدر دخلهن نتيجة تدمير القطاعات الاقتصادية والصناعية وغيرها التي كانت تشكل فيها النساء نسبة كبيرة من العاملين فيها.
وبحسب الإحصائيات الأخيرة لعدد الضحايا من النساء تبين أن 6516 امرأة وفتاة فقدن أرواحهن، واختفاء ما يقارب 9668 امرأة، وأوضحت هناء الخالدي "الكثير من النساء فارقن الحياة تحت الأنقاض، بسبب تأخر وصول فرق الإنقاذ إليهن وكذلك صعوبة الطرقات وانقطاع الكهرباء وقلة المعدات".
وفي نفس السياق لفتت إلى أن المرأة في سوريا عاشت أوضاع متردية من فقر واضطهاد وغياب للعدالة والأمن قبل كارثة الزلزال، ولا شك أن هذه الكارثة ضاعفت من معاناتها وزادتها سوءً على كافة المستويات "أثبتت الأبحاث التي نشرت على خلفية هذه الكارثة أن النساء هن الفئة الأكثر تضرراً عقب الزلزال".
وأكدت على أن الأزمة السورية أنهكت المرأة نتيجة النزوح والتشرد والغياب الأمني، وأن 90% من مخيمات اللجوء غالبية ساكنيها من النساء، وترى أن تقديم الرجال المساعدات في المؤسسات الإغاثية لا يلبي احتياجات المرأة الأساسية، ويفضل وجود طاقم نسوي يشرف على متطلبات ومستلزمات النساء ويبحث في شؤونهن.
وتجد أن انهيار القطاعات في هذين البلدين خاصة قطاع التعليم سيزيد من ظاهرة تزويج القاصرات، ونظراً لعدم وجود مساحات كافية لتعزيز عملية توعية الفتيات لمخاطر الزواج المبكر وقلة برامج الدعم النفسي والاجتماعي، بالإضافة لزيادة معدلات العنف الأسري وارتفاع نسبة الفقر خاصة في سوريا التي تفتقر لكثير من مقومات الحياة، كل ذلك يزيد من الضغوطات التي تواجها النساء.
وشددت على ضرورة إيجاد حلول تخفف من الضغوطات التي تتعرض لها النساء، وتمهيد الطريق أمامهن للوصول إلى الخدمات متعددة القطاعات، ويجب على جميع الدول التكاتف من أجل توفير مساكن صالحة للعيش حفاظاً على حياة النساء وخصوصيتهن، ووضع خطط استراتيجية تضمن تأمين مساحات آمنة وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لهن.
وطالبت بتعزيز مشاركة المرأة في إعادة الإعمار وتوزيع المساعدات والتواصل مع اللجان الإغاثية، خاصة في المناطق التي تهمش فيها المرأة وتحرم من الرعاية الكافية، بالإضافة لعدم الاطلاع على شؤون النساء والأطفال على وجه الخصوص، كما أنها لا تأخذ بعين الاعتبار الحالات الإنسانية التي تتزايد أعدادها تزامناً مع الكوارث.
وفي ختام حديثها قالت "نتمنى أن نصل إليكن لأمدادكن بالقوة المعنوية ومشاركتكن تجاربنا في كيفية التعامل مع الكوارث والحروب التي تعايشناها كفلسطينيات"، مؤكدة على ضرورة خلق خطاب دولي لمواجهة التحديات التي تقف في وجه النساء وأمدادهن بالخدمات الكافية وإعادة دمجهن بالمجتمع من خلال التنسيق مع الشبكات الإغاثية، لكي تصبحن ناجيات وليس ضحايا.