غياب مراكز الحماية أبرز أسباب ارتفاع معدلات العنف الأسري في إدلب
في ظل غياب القوانين والمؤسسات والجهات المعنية بحماية المرأة من العنف بكافة أشكاله في إدلب، تزداد معاناة المعنفات اللواتي تجبرن على السكوت وتحمل ما تتعرضن له.
هديل العمر
إدلب ـ تزداد حالات العنف الأسري التي تتعرض لها النساء بمدينة إدلب، وهو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً في هذه المدينة بسبب غياب القوانين الرادعة واستهتار سلطات الأمر الواقع بهذه القضايا.
خوفاً من أن الشكوى على معنفها قد تودي بها للطلاق إذا كان زوجاً والوصمة المجتمعية إذا أباً أو أخاً، هكذا تتوقع المعنفة في إدلب مصيرها بعد التقدم بشكوى، كما أنها أملها في الحصول على حقها ضئيل خاصة في ظل غياب القوانين الرادعة وانعدام المساواة، وهو ذاته ما تخشاه ليلى الجرو البالغة من العمر 28 عاماً، عندما تنوي تقديم أي شكوى قضائية ضد زوجها الذي يسرف في تعنيفها لأسباب نفسية تتعلق بالفقر وقلة فرص العمل، وما يفاقم معاناتها استمرارها بالسكوت على تلك الممارسات الأمر الذي منحه المجال بالتمادي والاستهتار بحقوقها.
وأكدت أنه ليس لديها مكان أخر تقصده، وتخشى أن يكون الشارع مصيرها في حال تقدمت بشكوى أو طلبت الطلاق، خاصة وأنه ليس لديها أقرباء، كما أن قناعتها بعدم جدوى الأمر أحد الأسباب التي تمنعها من تقديم شكوى، لتبقى على أمل أن يتغير زوجها للأفضل ولا سيما أن لديها أطفال يحتاجون للرعاية.
إلا أن ولاء الحاج حمدو البالغة من العمر 25عاماً والمقيمة في مدينة سلقين شمال غرب إدلب، كانت على عكس ليلى الجرو وتجرأت على تقديم شكوى لدى مخفر سلقين على إثر تعرضها للعنف والضرب المبرح على يد زوجها ما تسبب لها بكسر في يدها اليمنى، إلا أن ردة فعل الشرطة والقضاء كانت صادمة بالنسبة لها.
وقالت "رغم تقديمي لتقرير طبي يبين ما آل إليه وضعي الصحي وأسباب الرضوض والكدمات والكسر في يدي نتيجة تعرضي للعنف، اكتفت الشرطة بتوقيف زوجي لساعات قليلة في مركزها، ثم إطلاق سراحه وكأن شيئاً لم يكن، هذه الشكوى لم تقدم ليّ أي نوع من الفائدة سوى الفضائح وعداوة زوجي ليّ زادت فقد حرمني رؤية أطفالي الثلاثة بعد أن طلقني".
غياب العدالة والمساواة في المؤسسات المعنية بهذه الشؤون جعل ولاء الحاج حمدو تشعر أنها تسرعت بتقديم الشكوى دون تفكير بعواقبها، لتصبح نادمة بعد أن خسرت أبنائها، مؤكدة أن غياب مراكز حماية المعنفات وإيوائهن والدفاع عن حقوقهن وتأمين مصادر دخل لهن من أبرز الأسباب التي تجبرهن على الرضوخ للأمر الواقع، وكذلك تهاون القضاء والسلطات التي هي في الأساس ترى أن المرأة يجب أن تبقى مهمشة حتى وهي معنفة وصاحبة حق.
من جانبها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية لما حميدو أن حالات العنف الأسري ضد النساء في إدلب في تزايد مستمر لأسباب عديدة تتعلق بالفقر والجهل وغياب الرادع القانوني، وعلى الرغم من ازديادها إلا أنه لا يمكن توثيقها بسبب عدم التبليغ عنها نتيجة الأوضاع المعيشية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وحذرت من عواقب وعقد نفسية واكتئاب وقلق وحالات انتحار ناجمة عن العنف الأسري، لافتةً إلى ضرورة إنشاء عيادات نفسية وتكثيف دورات الدعم النفسي للمعنفات ووجود لجان حقوقية بقوة تنفيذية قادرة على الاستجابة السريعة وحماية اللواتي تتعرضن للتهديد والعنف.
داعية منظمات حقوق الإنسان لاتخاذ إجراءات أكثر جدية، مثل تعزيز دور مراكز الحماية، واتخاذ جميع الإجراءات لتمكين المرأة وتعزيز استقلالها الاجتماعي والاقتصادي لضمان حياة كريمة، وتحسين الواقع القانوني والقضائي المتعلق بالعنف الأسري.