غياب الرعاية الأسرية... تحرم نساء إدلب من عملهن

نظراً لغياب قوانين الرعاية الأسرية لدى معظم المؤسسات والمراكز والمدارس في إدلب، ما يضطر النساء في كثير من الأحيان إما إلى ترك العمل أو متابعة الدوام مع عدم جاهزيتهن نفسياً وصحياً.

هديل العمر

إدلب ـ تواجه العاملات في إدلب في الشمال السوري ظروفاً بالغة التعقيد فيما يتعلق بإجازات الأمومة أو الإجازات الاضطرارية لتلبية احتياجات عوائلهن،

 لم تستطع رهف الشيخ جمعة ذات 41 عاماً تمديد إجازتها في المدرسة الخاصة التي تعمل بها كمدرسة بعد إصابتها بمرض الديسك (الانزلاق الغضروفي) في رقبتها وأسفل ظهرها، حيث تم منحها إجازة مدفوعة الأجر ثلاثة أيام فقط، ليتم فصلها فيما بعد لحاجتها لفترة راحة أطول.

وتقول إنها خسرت عملها بسبب مرضها ولم يتسنى لها العودة بعد شفائها نظراً لتعيين معلمة أخرى بدلاً عنها، وهو ما أزم من وضعها النفسي بسبب حاجتها الشديدة للعمل وسط ما تعانيه من ظروف معيشية قاسية جراء الفقر والغلاء وقلة فرص العمل في إدلب.

ولم تكن سلاف العمروش البالغة من العمر 33 عاماً أفضل حالاً من رهف الشيخ جمعة، بعد خسارتها عملها في قسم إدارة الحالة بإحدى منظمات المجتمع المدني إثر ولادتها لطفلتها وإجرائها عملية قيصرية، حيث لم تستطع الحصول على إجازة أمومة مدفوعة الأجر سوى يومين فقط، ولأنها غابت عن عملها لأكثر من شهر تم فصلها وتعيين موظفة أخرى.

شعرت سلاف بالظلم المجحف بحقها بعد الاستغناء عنها مباشرة بسبب وضعها الصحي، وتقول معبرة عن معاناتها حتى وجدت تلك الوظيفة "ليس من السهل أن تجد المرأة عملاً في هذه المناطق وبراتب ثابت هذه الأيام، حيث بحثت طويلاً عن فرصة عمل إلى أن تمكنت من الحصول على تلك الوظيفة بإحدى منظمات المجتمع المدني وبراتب جيد يساعدني على تغطية نفقات المنزل وأطفالي ومساعدة زوجي الذي لم يعد قادرا على تحمل كامل النفقات مؤخراً بسبب الغلاء المعيشي وقلة الأجور".

وخسارة سلاف لعملها وضعها أمام ظروف معيشية قاسية، ما دفعها للبحث عن فرصة عمل أخرى لا تثق بأنها ستجدها في وقت قريب، ما سيؤثر ليس على وضعها المعيشي والمادي فحسب وإنما في ضعف ونسيان مهارتها الوظيفية لطول أمد الحصول على وظيفة أخرى.

ودعت سلاف المؤسسات للنظر في حال النساء العاملات وسن قوانين تحفظ حقهن في الأمومة والعمل وتعزيز سبل الرعاية الأسرية من خلال منح إجازات كافية للأم وتجهيز مراكز حضانة وعناية بالطفل في كل مؤسسة أو مدرسة أو مستشفى مما يتيح الفرصة للأمهات العاملات للقيام بعملهن وهن مطمئنات.

من جانبها أجبرت سارة المنصور ذات الـ 34 عاماً على الالتحاق بعملها في إحدى المولات التجارية بعد خمس أيام فقط من إجراؤها عملية جراحية استأصلت فيها المرارة رغم شعورها بالتعب والانهاك وحاجتها لإجازة أطول، غير أنها خشيت خسارة عملها في الوقت الذي لا يجد فيه زوجها عملاً لتكون المعيل الوحيد لعائلتها.

ولفتت إلى الآثار الاجتماعية المتوقعة لخسارة المرأة عملها جراء غياب وسائل الرعاية الأسرية والتي ستؤثر على المجتمع عموماً وعلى النساء خصوصاً، خاصة في حال عدم وجود تدخلات سريعة تعالج المشاكل الاجتماعية التي تعترض العاملات، فالواقع المعيشي المزري في إدلب تسبب في ارتفاع معدلات الفقر والضعف واستغلال النساء.

وأكدت سارة المنصور على غياب التدابير المطلوبة وانعدام الخدمات الأسرية والاجتماعية الداعمة لتمكين العاملات للتوفيق بين الالتزامات العائلية ومسؤوليات العمل والمشاركة في الحياة العامة، وعدم توفر التسهيلات التي تمكن العاملات اللواتي تتحملن مسؤوليات أسرية من الاضطلاع بمسؤوليات الرعاية الأمر الذي يؤدي دوراً هاماً في تعزيز المساواة في المعاملة بين النساء والرجال العاملين، ويمنع التمييز ضد المرأة على أساس الزواج أو الأمومة وضمان حقها الفعلي في العمل.