في مهب الريح... خيام نازحات بلا أسقف أو عوازل أرضيات

تواجه النازحات في إدلب صعوبات كثيرة في غياهب المخيمات التي لا ترد حر الصيف أو برد الشتاء.

هديل العمر

إدلب ـ تعيش الآلاف من النازحات في إدلب في خيام بالية تفتقد العوازل للأرضيات والجدران، ورغم مضي سنوات من النزوح إلا أنه لم يطرأ أي تحسن على حياتهن المعيشية فيما يخص السكن وسط تجاهل كامل من قبل السلطات القائمة ومنظمات المجتمع المدني.

تقول عزة العسكر 39 عاماً وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي ومقيمة في مخيمات قاح شمال إدلب أنها تعيش في خيمة مقامة على أرض جبلية بلا عوازل كلياً، حيث تفترش الأرض مع أطفالها ما يجعلهم عرضة للخطر سواء في فصل الشتاء حيث الوحول التي تخترق الخيام مسببة كم هائل من المعاناة، أو في فصل الصيف حيث الحشرات وزواحف الأرض ما يجعلهم في مواجهة مباشرة مع العقارب والأفاعي.

وأوضحت أنها تحاول في كل مرة شراء عوازل ووضعها للخيمة لكنها مرتفعة الثمن من جهة وسريعة الاهتراء من جهة أخرى، وهو ما يحول دون شرائها باستمرار في الوقت الذي لا تكفل أي جهة إنسانية تأمين العوازل للخيام التي من البديهي أن يكون عمرها انتهى منذ سنوات فهي معدة لوقت محدد وقصير، غير أنهم بدأوا عامهم السادس فيها.

كوكب الحاج حسين 35 عاماً، وهي أيضاً نازحة من ريف إدلب الجنوبي ومقيمة في مخيمات أطمة الحدودية، تشكو تأخر حصولهم على سكن لائق حتى اللحظة، لا سيما وأن حياة الخيام لا يمكن تسميتها بالحياة بل هي "مأساة العصر" ويقطنها ممن ضاقت بهم الحياة ولم يعد بإمكانهم تأمين قوت يومهم فكيف سيكون الحال مع تأمين العوازل باستمرار.

تقول والحزن يغالب محياها أن قلبها ينفطر حزناً على حال أبنائها الذين يعيشون في تلك الخيام البالية على مدى سنوات، حيث كانت تحلم في بداية نزوحها الذي شارف عامه الخامس بالحصول على منزل أمن لتتقلص أحلامها تدريجياً لتقف عند حد الحصول على خيمة جيدة لا تتسرب منها الأمطار ولا تخترقها الرياح والشمس من كل جانب وكأنهم في العراء.

وأوضحت "لم يتبقى لدي ما افترش به الخيمة، نفذت كل الأمتعة والحصائر والجوادر حتى الستائر التي لطالما رقعتها بها، فلينظروا إلى حالنا المزري، وليعملوا على إعادتنا لمنازلنا وتحسين هذا الواقع الذي لم نعد نطيقه".

من جانبها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية رائدة الصبوح 41 عاماً، أن النازحات ضقن ذرعاً لما يواجهنه من بؤس الحياة داخل غياهب مخيمات لا تقي حر صيف أو برد شتاء، وهو ما يؤثر ليس على صحتهن وصحة أبنائهن فحسب، بل الضغوطات النفسية أيضاً وما يرافقها من شعور بالقلق، والخوف والإحباط، والضيق، والشعور بعدم الأمان والاستقرار، وضعف الثقة بالآخرين، والميل المستمر للعزلة.

وبلغ عدد المخيمات الكلي بحسب إحصائية نشرها فريق منسقو استجابة سوريا 1633 مخيماً، يقطنها 1811578 نسمة، وتتضمن هذه المخيمات 514 مخيماً عشوائياً يقطنها 311782 نسمة، يقطنها 73188 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة و22552 امرأة دون معيل.

ولفت إلى أن نسبة العجز في الاستجابة الإنسانية، بلغ في قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش 57.4 بالمئة، و69.8 بالمئة في قطاع المياه، 86.5% في قطاع الصحة والتغذية، و62.3% في قطاع الموارد الغير غذائية، و58.2% في قطاع المأوى، 64% في قطاع التعليم، و70.8% في قطاع الحماية.

وأوضح أن أبرز المشاكل التي يواجهها النازحون ضمن المخيمات هي البيئة الغير صحية ومخاطر التلوث وخاصة في المخيمات العشوائية وانتشار حفر الصرف الصحي المكشوفة، والحرمان من مصادر الدخل الأساسية والاعتماد على المساعدات الإنسانية فقط، والنقص المستمر في الغذاء والمياه، وانعدام أبسط الخدمات اليومية.