في خضم العنف والأزمات... هكذا تدافعين عن نفسك
تحتاج المرأة اللبنانية في بلد أصبح مليئاً بالأزمات والعنف جرّاء انتشار وباء كورونا وتدهور الوضع الاقتصادي، إلى اكتساب القدرة على التحمل، والدفاع عن النفس
كارولين بزي
بيروت ـ . المدربة ياسمين أبو جويد قررت أن تطلق دورات تدريبية للنساء لتساعدهن على حماية أنفسهن من خلال الدفاع عن النفس إن كان عبر القوة البدنية أو الذهنية.
"العنف زاد من اهتمام المرأة بالدفاع عن نفسها"
تقول المدربة ياسمين أبو جويد، المتخصصة في الدفاع عن النفس، ولاسيما الدفاع عن النفس ضد التحرش الجنسي، لوكالتنا "في الآونة الأخيرة، لمسنا هجمة كبيرة من قبل النساء لارتياد النوادي الرياضية لممارسة الرياضة والحصول على لياقة بدنية وإعادة رسم الجسم بالإضافة إلى تفريغ الطاقة السلبية وتحسين النفسية".
وتتابع "لفتت بعض صفوف التمارين الرياضية مثل الـ Fight Do والتايبو، انتباه النساء نظراً لما تتضمنه من خطوات مثل الركل واللكم لأن هذه الحركات تفرغ الطاقة السلبية والتوتر وترفع من منسوب هرمون الفرح، وتشعر من خلالها المرأة بالراحة. لذلك بدأت المرأة بالبحث عن هذا النوع من التمارين، وبالفعل قمنا بافتتاح دورات تدريبية لهذا النوع من الرياضة وهي دورات الدفاع عن النفس، والترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشهدنا إقبالاً عالياً جداً على هذه الدورات".
عملت ياسمين أبو جويد مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة UN Women ونظمت دورات دفاع عن النفس ضد التحرش الجنسي في عدد من المناطق اللبنانية ولاسيما النائية منها، كما عملت على توعية المرأة كيف تحسن شكلها الخارجي وكيف تحافظ على صحتها النفسية.
وتقول "لمسنا مؤخراً تعرض العديد من النساء لتحرش جنسي أو عنف جسدي ووجدت المرأة نفسها غير قادرة على رد الظلم اللاحق بها، أو الدفاع عن نفسها. لذلك على الفتيات أو النساء بمختلف الأعمار حتى لو تقدمت المرأة بالسن، أن تمارس رياضة تساعدها على تعزيز ثقتها بنفسها وتدافع فيها عن نفسها، ونعمل على مستويين النفسي والجسدي".
"تحسين الصحة النفسية قبل التدريبات الجسدية"
وتوضح "قبل أن أبدأ بالتدريبات الجسدية وتحسين اللياقة البدينة وتعليم المرأة كيف تضرب أو تدافع جسدياً عن نفسها، يهمني العامل النفسي. كل امرأة تؤمن بقدراتها وتثق بنفسها ولو بلغت من العمر الستين أو السبعين عاماً تستطيع أن تحقق الهدف الذي تسعى إليه، وبالتالي علينا أن نعالج الصحة النفسية قبل الجسدية، إذ لا أستطيع من بداية دورة الدفاع عن النفس أن أطلب من المرأة أن تركل أو تلكم أو تتعلم كيف تدافع عن نفسها في حال اعتدى عليها شخص ما، قبل أن أرشدها إلى الطريقة التي تجعلها تحب نفسها، وتكتشف قدراتها وتعزز ثقتها بنفسها وهذه أول خطوة في مسيرة الدفاع عن النفس".
وتتابع "أي امرأة تستطيع أن تجتاز هذه الدورة من سن الـ 13 عاماً وحتى الستين سنة، وبالتأكيد نعمل على ذلك خطوة بخطوة".
وعن اهتمام الفتيات ما دون الـ 13عاماً بدورة الدفاع عن النفس، تقول "تلجأ إليّ بعض النساء لتدريب بناتهن وتعزيز ثقتهن بأنفسهن، وتعليمهن على خطوات يستطعن أن يدافعن فيها عن أنفسهن. ربما في البداية لن تعرف الفتاة معنى الفنون العسكرية أو القتالية أو الدفاع عن النفس، ولكن هنا يأتي دوري بأن أجعلها تحب الرياضة بدايةً، ثم أجعلها تحب نفسها، وأخيراً والأهم أن أساعدها في الاهتمام بالدورة وتتعلق بها بشكل خاص. فنحن لا نعلم الفتاة على الضرب وردود الفعل العنيفة بل نعلمها كيف تحب نفسها، وتحب كل من حولها وترفع من هرمون السعادة عندما تفرغ كل الطاقة السلبية من داخلها. هذه الدورة تعزز ثقة المرأة بنفسها وترفع من منسوب الذكاء".
وتتطرق ياسمين أبو جويد لتأثير الأزمات على واقع المرأة، وتقول "بسبب التحديات التي نعيشها، لاحظت أن التركيز وسرعة البديهة تراجعت عند الجميع ولاسيما النساء، مثلاً؛ المطالعة لم تعد موجودة والتركيز أصبح على الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي ما يساهم في قتل خلايا الدماغ ويخفض مستوى التركيز ومستوى الذكاء، عندما وجدت أن مجموعة كبيرة تعاني من هذه المظاهر، خصصت صفوف تتعلق بالتركيز والنظام والمسؤولية وقوة التحمل وانتظام النَفَس لأن ذلك يؤثر على الأوكسجين وعلى الدماغ".
"صفوف الدفاع عن النفس لا تتعارض مع أنوثة المرأة"
وتعليقاً على الألقاب التي تطال المرأة التي تمارس الفنون القتالية، تقول "عندما ينعتني أحد بمسترجلة يعتقد أنه يزعجني أو يؤذيني ولكن فعلياً أرد عليه بأسلوبي، من خلال الاهتمام بشكلي والحفاظ على أنوثتي كأي امرأة. في الوقت نفسه عندما يكون هناك من يعتدي على أبسط حق من حقوقي، سأكون له بالمرصاد وأرد عليه وأدافع عن حقي بكافة الوسائل، وبالتالي صفوف الدفاع عن النفس لا تتعارض مع أنوثة المرأة".
وتقترح على الرجل الذي يجد أن المرأة التي تمارس الفنون العسكرية تخسر أنوثتها، أن يفكر بوالدته أو شقيقته في حال دخلت إلى مصعد مثلاً تعرضت للتحرش من قبل شخص ما، وتسأل "هل عليها أن تسكت وتبكي؟ أو تدافع عن نفسها؟".
وتركز ياسمين أبو جويد في دورة الدفاع عن النفس على ثلاثة نقاط وهي أنوثة المرأة وكيفية الاستعانة بها، الذكاء وأخيراً القوة الجسدية.
وفي ظل الأزمات تحتاج المرأة للصبر والتحمل، وتشير ياسمين أبو جويد إلى أن الرياضة تساعد المرأة على اكتساب القدرة على التحمل، فالالتزام بممارسة الرياضة يجعل الفرد يعتاد على الصبر والتحمل. وتوضح "الالتزام بوقت محدد لصف التمارين يعلّم الصبر. المثابرة والصبر وزيادة وقت التمارين تدريجياً كلها عوامل تزيد من قوة التحمل، لذلك عندما أتخلص من الطاقة السلبية من خلال الرياضة، أستطيع أن أتحمل الأزمات التي أعيشها، ولذلك علينا اعتماد الرياضة كأسلوب حياة، لكي نحافظ على حياتنا وجمالنا ونكتسب نفسية إيجابية ونواجه تحديات الحياة".
"تحتاج المرأة لأن تدافع عن نفسها"
التحقت كوثر بيضون (50) عاماً، بدورة الدفاع عن النفس، لأنها وجدت أن الدورة مفيدة وتعزز الثقة بالنفس وترفع من مستوى قوتها البدنية، كما أنها تساعدها على مواجهة تحديات المجتمع، وتفيد بنيتها الجسدية.
وتضيف "الدفاع الجسدي عن النفس ليس حكراً على الرجال، فالمرأة أيضاً تحتاج لأن تدافع عن نفسها، وتعزز قوة شخصيتها"، وتلفت كوثر بيضون إلى ما اكتسبته من خلال دورة الدفاع عن النفس، وتشير إلى أنها عززت ثقتها بنفسها، كما أنها أصبحت قادرة على الدفاع عن نفسها. وتضيف "هذه الدورة تنمي حس التهذيب والأخلاق".
أما فيروز جابر (44) عاماً، فهذه الدورة الثانية لها في مجال الدفاع عن النفس، وتقول "انضممت إلى الدورة الأولى وها أنا ألتحق بالدورة الثانية، إذ استفدت كثيراً من ناحية تقوية العضلات واكتساب القدرة على التحمل، كما أنني خسرت ما بين العشرة والـ 12 كيلو غرام خلال الدورة"، وتضيف "التدرب على الدفاع عن النفس لا يعني أن نفتعل المشاكل أو نضرب الآخرين، بل يعزز الثقة بالنفس".
"السن ليس معياراً"
تقول ريان سرور (11) عاماً، لوكالتنا "التحقت بدورة الدفاع عن النفس الدورة لكي أعزز قوة شخصيتي وأستطيع أن أدافع عن نفسي في حال تعرضت لموقف خطر"، وتضيف "من حقي أن أدافع عن نفسي، إذ لا يقتصر الدفاع عن النفس على الرجل ولاسيما من خلال زيادة القوة البدنية للفرد. كما أن السن ليس معياراً للالتحاق بهذا النوع من الدورات إذ علينا جميعاً أن نتعلم أن ندافع عن أنفسنا من الآن".
"أصبحت امرأة قوية"
فيما أشارت سوزان غياض إلى أنها التحقت بدورة الدفاع عن النفس بعدما لمست تحسناً بقوتها البدنية في الدورة الأولى، وتضيف "كنت ضعيفة وكثيرة الخوف ولكن هذه الدورة رفعت من معنوياتي وعززت ثقتي بنفسي وأصبحت امرأة قوية جداً"، وتلفت إلى أنها تستطيع أن تدافع عن نفسها بذكائها، وتؤكد بأنه يمكنها أن تتغلب على الرجل حتى من خلال قوتها البدنية.
وتعتبر سوزان غياض أن الدفاع عن النفس وممارسة الألعاب البدينة الصعبة لا علاقة لها بأنوثة المرأة، وتؤكد أن المرأة تستطيع أن تمارس كل الأدوار، أن تحافظ على أنوثتها وفي الوقت نفسه أن تدافع عن نفسها.
التحقت فاتن صالحة (41) عاماً أيضاً التحقت بدورة الدفاع عن النفس لأنها شعرت في هذا الوقت الصعب بحاجة إلى أن تتدرب على هذا النوع من الرياضات، "هذه الدورة تقوّي شخصية المرأة وهي أيضاً رياضة، وفي هذا الوقت الصعب علينا أن نستمد طاقة إيجابية ونستخرج الطاقة السلبية لنستطيع أن نكمل". وتؤكد أنها استفادت من الدورة من الناحية الجسدية والفكرية والنفسية حتى أن جسمها تغيّر خلال هذه الدورة.