في ذكراها السابعة... شاهدة على تحرير منبج تروي لحظات فقدان عائلتها
حال منفية العبد الله كحال العديد من نساء مدينة منبج التي يصادف بعد أيام ذكرى تحريرها من مرتزقة داعش، شهدت على جرائم المرتزقة وفقدت ابنها على يدهم.
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ لا تخلو حملات التحرير التي شهدتها مناطق شمال وشرق سوريا، من قصص مقاومة أبدتها النساء وقدمن أرواحهن فداءً لها، في سبيل تحرير أرضهن من الإرهاب، وهناك الآلاف من اللواتي كن شاهدات على ما ارتكبه مرتزقة داعش من جرائم وانتهاكات.
مع حلول ذكرى تحرير مدينة منبج من مرتزقة داعش والتي يصادف الخامس عشر من آب/أغسطس، ينتاب كل من عاش تحت سيطرة المرتزقة فرحة مطعونة بخاصرتها، فقد مورس بحق أهالي المدينة وأريافها آنذاك أفظع الممارسات، ولمنفية العبد الله وهي في العقد السادس من عمرها من قرية جب مخزوم جنوب غرب مدينة منبج، حصتها من وحشية داعش اللذين قتلوا ابنها وزوجته وهم يحاولون التصدي للهجمات على منزلهم.
عن فترة سيطرة داعش على المدينة والتي دامت حوالي الثلاث سنوات تقول منفية العبد الله التي فقدت ابنها وزوجها على أيدي المرتزقة "بداية دخول داعش لمدينة منبج وأريافها ادعوا أنهم ينشرون الإسلام لضم شباب المدينة إليهم، لكن مع مرور الوقت أساليبهم وممارساتهم فضحت حقيقتهم، لذا كان يرفض شباب قريتنا الانضمام لصفوفهم فباتوا يحاربون قريتنا بشتى الوسائل"، مضيفةً "لقد زرعوا الرعب والخوف في نفوسنا وفرضوا علينا العديد من القيود".
حملة التحرير لوحت بولادة جديدة
لوح نبأ الإعلان عن انطلاق حملة تحرير مدينة منبج في الأول من حزيران/يونيو عام 2016، بولادة جديدة كما وصفتها منفية العبد الله "انتابتنا سعادة عارمة مع سماعنا ببدء حملة تحرير منبج، لتعود الحياة إلى المدينة من جديد، لقد شعرنا وكأننا في حلم وخائفون من الاستيقاظ"، مشيرةً إلى أنه بعد تحرير المدينة والقرى تولى الأهالي حماية منازلهم وأحيائهم بمساندة قوات مجلس منبج العسكري، وكان ابني من بين الذين حملوا السلاح ليحمينا".
الفاجعة بعد التحرير
لم تدم الفرحة كثيراً فبعد خمسة أيام من الإعلان عن تحرير المدينة وقراها، تسللت مجموعة من مرتزقة داعش قرية جب مخزوم، وكان قد شعر شقيق منفية العبد الله بأنه هناك حركة غريبة، وتم التسلل إلى منزل شقيقته.
تقول منفية العبد الله أنها استيقظت في حدود الساعة الرابعة صباحاً لتتفاجأ بضجيج خارج المنزل وعندما تجاوزت عتبة الباب إذ بسلاح "بي كي سي" موضوعاً على باب منزلها "عندما رأيت السلاح أمام باب المنزل صرخت مفزعة وأنا اتساءل ما الذي يحدث، لم أكن أعلم أن عناصر مرتزقة داعش يختبؤون في مطبخ منزلنا، وإذ بأحدهم تقدم نحوي وصرخ في وجهي ودفعني لداخل المنزل".
وتابعت "بينما كنت أدخل غرفتي سمعت خطوات شقيقي يتقدم نحو النافذة وهو يسألني من في الداخل، قلت له أنه لا يوجد أحد تراجع وحسب، حينها أدرك أن مرتزقة داعش موجودين في المنزل، وقد صعد أحدهم فوق سطح المنزل وطالب الجميع بتسليم أنفسهم وهددهم بالقتل"، مضيفةً "وقف أحد المرتزقة أمام الغرفة التي اختبئ بها مع اثنين من أحفادي وأطلق الرصاص قاصداً قتلي، وهنا تقدم ابني للدفاع عنا ليقتل عدد من عناصر داعش ويرد أحدهم بالهجوم على ابني ويقتله، في تلك الأثناء حملت زوجته السلاح للدفاع عن نفسها لأنهم كانوا متواجدين في نفس المكان، إلا أنهم نالوا منها وأردوها قتيلة وهي حامل بطفلها الأول".
وأشارت إلى أنه "استمرت الاشتباكات حتى بزوغ الشمس وطرد مرتزقة داعش من القرية، لأرى بعدها جثة ابني وزوجته ملطخان بالدماء، لم أجد أحداً يستجيب لنجدتي، فعقب الاشتباكات خرج الأهالي من القرية، بعد مدة جاءت مجموعة من الأشخاص وساعدوني في نقل الجثث ودفنها".
وعن حلول الذكرى السابعة لتحرير المدينة وأريافها تقول "مع حلول ذكرى التحرير كل عام، بالرغم من أننا نشعر بالسعادة إلا أن غصة فقدان أبنائنا تبقى حاضرة، نتمنى أن يتم محاكمة مرتزقة داعش بأسرع وقت ويتم محاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها بحق أبناء المنطقة".