في إدلب... نساء يقعنَّ ضحية عمليات النصب والاحتيال

في خضم الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها البلاد على مدى سنوات عمدت الكثير من النساء للبحث عن طرق من شأنها زيادة دخلهنَّ؛ لتكون عوناً لهنَّ في مجاراة الأسعار التي راحت تزداد بشكل جنوني، فاتجهنَّ للاستثمار في مشاريع متنوعة أوقعت بعضهنَّ ضحايا عمليات نصب واحتيال مدروسة

سهير الإدلبي
 
إدلب ـ
 
نفضت كفيها قائلة "ضاعت المصاري" هكذا عبرت صفاء البكور (٣٥ عاماً) عن يأسها بعودة أموالها، بعد أن وضعت جميع ما تملكه من مدخرات في مشروع منظفات، ليتبين لها لاحقاً أنها وقعت فريسة لعملية نصب واحتيال إثر تواري مسؤول المشروع عن الأنظار.
 
تقول صفاء البكور التي تنتمي لمدينة سرمدا شمال إدلب أن ما دفعها لتشغيل أموالها هو حاجتها لمردود شهري بعد أن عجزت عن تأمين وظيفة أو عمل ملائم، فما كان منها إلا الدخول بمشروع ربحي بعد إغرائها بفوائد خيالية.
 
وتضيف أنها دفعت مبلغ ٢٠٠٠ دولار أمريكي بعد أن شجعتها إحدى صديقاتها بتشغيل ما لديها من أموال لتستفيد من عائداتها بدلاً من صرفها تدريجياً، وبالفعل حصلت أول ثلاثة أشهر على مبلغ ٢٠٠ دولار أمريكي في الشهر غير أن الأمر لم يدم طويلاً بعد أن غاب مدير المشروع فجأة ودون سابق إنذار.
 
وقع خبر اختفاء مدير المشروع وإغلاق مقره كالصاعقة على صفاء البكور فهي خسرت كل ما تملكه بغمضة عين على حد وصفها.
 
ورغم كل محاولاتها لمعرفة مصير أموالها غير أن ذلك لم يجدي نفعاً بعد إغلاق وتعطيل جميع أرقام المدير المسؤول وعدم توفر وسائل للاتصال به أو الاستفسار عما حدث.
 
لم يكن الواقع فقط مرتعاً لعمليات النصب والاحتيال التي وقعت فيها الكثيرات وإنما أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما في ظل القدرة على إخفاء المصدر وصاحب الصفحات والمواقع، فكانت الأخيرة من أخطر الجرائم وأكثرها وأوسعها انتشاراً فهي تملك عقول احترافية وطرقاً وأشكالاً مختلفة من أجل الإيقاع بالضحايا واستغلال جهدهم والاستيلاء على أموالهم.
 
وحذر خبراء من مواقع إلكترونية وصفحات تواصل اجتماعي تعتمد النصب وخلق حيل وطرق تتناسب مع التطورات والاحتياطات المبذولة بغية تمرير أعمالهم الاحتيالية تحت غطاء التسويق والعرض لمنتجاتهم.
 
لفت انتباه سلوى الجابر (٢٥ عاماً) من مدينة إدلب إعلاناً على إحدى صفحات الفيس بوك يرغب بتوظيف نساء يعملنَّ في ترويج وبيع منتجات كالعطورات والمكياج والإكسسوار مقابل نسبة عالية من الأرباح، فسارعت للاتصال بالرقم المنشور تحت الإعلان مدفوعة برغبتها الجامحة للحصول على فرصة عمل تساعدها على إعالة نفسها وأبنائها ومساعدة زوجها الفقير في تأمين بعض الاحتياجات.
 
تقول "حين اتصلت بالرقم المسؤول عن الإعلان طلب مني التوجه إلى عنوان محل يقع في مدينة إدلب للحصول على مستحضرات بغية تسويقها، وهناك طلب مني أمراً غريباً وهو وضع ضمانة بأنني سأعيد إما المنتجات أو ثمنها كونهم لا يعرفونني"، فعمدت سلوى إلى رهن آخر قطعة ذهب كانت بحوزتها على أمل أن تستطيع في نهاية المطاف بيع كمية كبيرة من المنتجات والحصول على مردود جيد.
 
جهدت سلوى الجابر مع أخريات بالعمل، واضطرت لإبقاء أبنائها الثلاثة عند جارتها تارة وأهلها تارة أخرى طيلة مدة غيابها عن المنزل، في الوقت الذي كانت تمضي فيه نصف يومها متنقلة بين أحياء مدينة إدلب وأزقتها سيراً على الأقدام لتطرق أبواب المنازل وتستجدي أصحاب المحال لشراء بضائعها، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر، وحين اقترب موعد حصاد نتاج عملها الدؤوب "فوجئت بغياب المسؤول عن توزيع البضائع بعد أن كان قد جمع ثمن البضائع التي بعناها إضافة إلى أشيائنا المرهونة لديه وفر هارباً دون أن نعلم له طريقاً" تقول سلوى.
تصمت قليلاً لتتابع بغصة "محزن أن يجد المرء نفسه بعد عالم من الآمال والأحلام والجد والعمل إنه وقع ضحية أشخاص محتالين بعيدين كلياً عن الإنسانية والضمير، والأنكى من ذلك كله أنه لا يوجد قانون يحمي الضحايا ولا جهة أمنية يمكن أن تحصل حقوقنا التي هي آخر اهتماماتهم".
 
ويعتمد قرابة 3 مليون إنسان في شمالي سوريا على المساعدات الإنسانية لتأمين احتياجاتهم الأساسية. وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة فإن سكان إدلب يواجهون ظروفاً معيشية صعبة، نتيجة للنزوح المتكرر، وغياب الأمن.