فتيات تمكن من كسر الصورة النمطية وتعملن على تغيير واقعهن
قبعت النساء لسنوات طويلة في قبضة العادات والتقاليد والتنميط المجتمعي الذي اقتصر دورهن على العمل الرعائي داخل الأسرة، إلا أن هناك أخريات تمكن من النجاح وكسرن تلك التصورات الخاصة بالمرأة وواقعها.
أسماء فتحي
القاهرة ـ للمجتمع نظرة قاصرة حول الدور الذي تلعبه المرأة، وعادة ما نسمع عبارات تحبط الكثيرات وتضعهن في قالب محدد ومن تسعى منهن نحو مستقبلها وكسر تلك النظر عادة ما يتم وصمها والإساءة لها كونها لا تلبي تطلعات البيئة المحيطة بها وثقافتها السائدة.
خلال الفترة الأخيرة تطور الأمر وخرج جيل من الفتيات راغبات في تحدي ذلك الواقع وكسر تنميطه للمرأة وأثبتن أنه يمكنهن العمل داخل مجتمعاتهن على تغيير تلك النظرة بنجاحهن من جهة وتوعية نساء أخريات بحقوقهن وأدوات الحصول عليها من جهة أخرى.
وقصص النجاح كثيرة وملهمة للمجتمع وهو الأمر الذي حرصنا على معرفته داخل محافظة الاسكندرية التي تحتوي على تباين كبير في الأفكار والعادات والتصورات المتعلقة بالنساء وما يمكنهن فعله، كما أن هناك تحديات واجهت فتيات في رحلة تعلمهن وعملهن على رفع وعي المجتمع بدور المرأة الفاعل والمؤثر محاولين كسر الصورة النمطية المتداولة عنهن.
من التدريس للسفر خارج البلاد والعمل على رفع الوعي المجتمعي
أكدت خريجة كلية الآداب قسم اللغة العربية، من محافظة الاسكندرية سلمى علي، أنها فور تخرجها لم تجد عمل إلا في مجال التدريس الذي لم تكن ترغب في أن تعمل به وحينها قررت عمل مشروع مختلف "تطوعت في جمعية وحضرت عدد من التدريبات في مجال التنمية وتلا ذلك وجود فرصة عمل في واحدة من الجمعيات وأصبحت ميسرة للتدريبات والجلسات التوعوية وخلال وجودي في أحد المشروعات جاءتني فرصة سفر لجنوب أفريقيا".
وأوضحت أنها سعيدة كثيراً بفرصة السفر لكنها كانت قلقة بشأن أسرتها التي بالكاد تسمح لها بالسفر من محافظة الإسكندرية إلى القاهرة وربما غيرها من المحافظات، بينما مسألة السفر خارج البلاد فقد كان المرة الأولى ولم يسبق لها معرفة ردة فعل أسرتها "والدتي كانت قلقة جداً وبدأت تفصح عن مخاوفها وتتساءل عن درجة أمان البلد الذي سأسافر له بينما كان والدي هو الداعم الأول الذي كان يجدها فرصة وساعدني في إجراءات السفر معتبراً أن تلك الخطوة ستغير مستقبلي وسأكتسب منها خبرة وتفتح لي آفاق جديدة".
أدوات الدعم والمناصرة
وأكدت أن أسرتها كانت داعمة ونتيجة عمل والدها في التنمية كان يساندها في قراراتها وبات محفزاً لها وهو الأمر الذي مكنها من مواصلة مسيرتها وكسر الواقع النمطي الذي كان ينتظرها بعد التخرج.
واعتبرت أن العنف والممارسات التي تنال من حقوق النساء بما فيها تنميطهن تحتاج للعمل على توعية المجتمع، مؤكدة أن العنف متجذر في الثقافة والتوعية لها أشكال كثيرة يمكن العمل من خلالها سواء عبر منصات التواصل الاجتماعي أو بالكتابة أو البرامج وأيضاً التوجه للبلوجرز والاعلانات والدراما وغيرها من الأدوات التي يمكنها التأثير بشكل مباشر في وعي المتلقي وكسر الشكل النمطي التي يرون فيه النساء.
وأوضحت أن للعمل الجماعي دور هام خاصة في السعي نحو اصدار قانون موحد لمناهضة العنف وغيره من التدخلات التشريعية، معتبرة أن وجود نماذج ناجحة في كسر القالب النمطي للمرأة دور كبير في التغيير "حينما تمكنت من السفر خارج البلاد ونجحت فيما تطلعت له بالتأكيد أثر على أسرتي وسيسهل الأمر على أشقائي لاحقاً وأيضاً لن أصادف نفس الصعوبات حال رغبتي في السفر مجدداً وربما يرونه المحيطين بي إنجاز فيسمحن لبناتهن بفعله".
نجاح النساء ملهم ويؤثر على غيرهن بشكل مباشر
ترى مارلين ميلاد، مسؤولة المتابعة والتقييم والتوعية والتواصل في جمعية كاريتاس بالإسكندرية، أنها حينما بدأت العمل كان الدور القيادي يذهب للرجال.
وأوضحت أنها حصلت على التمكين وبدأت في العمل على دعم الفتيات ومنهن المتطوعات بجمعية كاريتاس على تمكين أخريات والتوعية بالحقوق المتساوية سواء في الشمول الاقتصادي والتعليم والحرف والعمل وغيرها من الأعمال التي تغير واقع النساء كي يصبح لهن تأثير بالمجتمع وينقلن التمكين لأخريات في الإسكندرية "لا توجد فتاة لم تتعرض لقيود في مرحلة ما بحياتها ولكني كنت على يقين أن دوري سيفرق مع غيري وأن لي بصمة يجب أن أعمل من أجلها وبدأت أرى نماذج لنساء تمكن من الوصول وتركن بصمة في المجتمع وكن ملهمات لي، وبدأت في العمل على نفسي وقدراتي حتى أساعد غيري مستقبلاً، وبيئة العمل التي كنت بها عملت على توسيع مداركي وتمكيني حتى أصبح فيما بعد قادرة على دعم غيري في طريقه لنفس المسار".
التحديات والانتصارات
وأوضحت أبرز التحديات التي تواجه النساء والتي تتمثل في توقعات المجتمع تجاههن خاصة فيما يتعلق بمحدودية قدرة النساء وعدم تمكنهن من القيام بأدوار أو أعمال كما هو الحال بالنسبة للرجل.
واعتبرت أن تلك النظرة كانت سبب في إصرار النساء على النجاح والتحدي، مؤكدة أنه لا يوجد دور الآن لا تستطيع المرأة القيام به حتى وإن كان يعتمد على القوة البدنية أو الإدارية وغيرها.
وأضافت أن إصرار شريحة من المجتمع أن هناك مهام لا تستطيع النساء القيام بها أحد أهم التحديات الحالية والتي تحتاج للعمل على تغييرها، وكذلك الأعمال الرعائية التي تقوم بها المرأة في المنزل وعدم قبول المجتمع بأن تتولى النساء مسؤوليات أخرى لكونها ستأتي على دورهن الأساسي في رعاية الأسرة، وهو أمر غير صحيح لكون المرأة قادرة على العمل في أدوار متعددة والنجاح بها جميعاً بل وتربية جيل جديد يحترم عمل المرأة ويقدره.
وعن الانتصارات أكدت أنها التقت بنساء صنعن ملاحم إنسانية فمن كونهن لا يستطعن القراءة والكتابة لقائدات مجتمعيات ومؤثرات في تغيير الوعي والواقع، والكثيرات منهن تحاربن عادات متجذرة كتزويج القاصرات وختان الإناث داخل مجتمعات مغلقة.