فريق "صامدات" بارقة أمل لتخفيف آلام مصابات الحرب في إدلب

تعرضت النساء في إدلب لإصابات خطيرة سلبت منهن صحتهن، وتسببت لهن بإعاقات مستديمة، لتعشن ألم الإعاقة في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدنية.

لينا الخطيب

إدلب ـ يسعى فريق "صامدات" في مدينة إدلب إلى تقديم الدعم الشامل لمصابات الحرب ورفع معنوياتهن والتخفيف عنهن خاصة اللواتي تعانين من إصابات تركت آثاراً على حياتهن.

تعرضت المرأة في إدلب للقتل والفقر والنزوح، كما وقعت الكثير من النساء ضحية إصابات الحرب الناتجة عن القصف وانتشار الأسلحة، وعانت من الوصمة الاجتماعية التي تتفاقم بسبب وضع النساء والفتيات الاجتماعي المستضعف، قامت مجموعة من النساء بتأسيس فريق تطوعي تحت اسم "صامدات" لمساعدة مصابات الحرب اللواتي عانين من إصابات تركت آثاراً على حياتهن، وتقديم الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي لهن.

قالت مديرة فريق "صامدات" أسماء المصري عن معاناة مصابات الحرب "تعتبر المرأة من أكثر شرائح المجتمع تضرراً من الحرب، حيث وقعت الكثير من النساء في إدلب ضحية لإصابات الحرب منها بتر الأطراف بأنواعها والتشوهات الخطرة والشلل وتعطل الوظائف الحيوية والإصابات الدماغية، ويعود ذلك للقصف العنيف والمتكرر على مناطق الشمال السوري، فيما تحولت بعض الإصابات التي يمكن علاجها إلى عاهات مستديمة نتيجة الإهمال ونقص الرعاية الصحية".

ولفتت إلى أن معظم النساء لم تستطعن الحصول على الخدمات الصحية والعمليات الجراحية، حتى تستطعن التحسن أو العودة إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي، وثمة العشرات من النساء اللواتي بترت أطرفاهن لا تزلن تعانين عجزاً في تأمين أطراف صناعية، بسبب أوضاعهن المادية الصعبة، في الوقت الذي لا توجد فيه أي جهة أو منظمة تهتم بتقديم أطراف صناعية مجانية لتلك المصابات.

وبينت أن بعض المراكز في إدلب تصنع أطرافاً محلية الصنع، وتتقاضى من المستفيدين سعر التكلفة فقط، ولكن تلك الأطراف من الأنواع الرديئة، كما أن الأعداد الكبيرة من الجرحى تجعل الحصول عليه أمر صعب، لذا تقوم مع عضوات الفريق بالتواصل مع المنظمات الإنسانية لنقل احتياجات مصابات الحرب الطبية والإغاثية.

وأكدت أن الفريق يقدم خدمات الدعم النفسي باعتبار المصابات في الحرب أكثر عرضة للأمراض النفسية التي تترافق مع جروح الجسد، وتمتد على مدى سنوات "مأساة الإعاقة تقع على النساء بشكل أقسى وأصعب، لأن المرأة تتحمل في الحياة أعباء إضافية ومسؤوليات كبيرة، ولا تتمكن من النهوض بها مع وجود إعاقة في جسدها، لأن المرأة ليست مسؤولة عن نفسها فقط، بل يجب عليها أن تعتني بمن حولها من أفراد أسرتها".

وشددت على أنه يجب تطوير فرص عمل للنساء من خلال تنمية المهارات المهنية لديهن وتطويرها، وتحويلها إلى مرحلة الإنتاج، لتحقيق الاستقلال المادي لهن مع تقديم الدعم المجتمعي.

أما جواهر السلطان البالغة من العمر 25عاماً نازحة من معرة النعمان إلى بلدة حربنوش شمالي إدلب التي تطوعت ضمن فريق "صامدات" تقول عن السبب وراء انضمامها إلى الفريق "لم تنته معاناة المصابات ومبتورات الأطراف عند إنقاذ حياتهن فحسب، فهن تواجهن تحديات جمة في محاولة استعادة حياتهن الطبيعية".

وأكدت أن معاناة المصابات تتفاقم في مخيمات النزوح، فهن في مواجهة حياة أصعب، يضفي عليها التشرد وانعدام مقومات الحياة آلاماً جديدة، وسط غياب كبير للمنظمات التي تعنى بشؤونهم، لافتةً إلى أن ظروف الحرب القاسية زادت تهميش هذه الفئات، ولم تتح الفرصة لهن لمناهضة الصورة النمطية التي يفرضها المجتمع عليهن.

وأوضحت أنها تطوعت ضمن الفريق لمساعدة هذه الفئة المهمشة من النساء "نحاول أن نحصل على الدعم المادي لنمد لهؤلاء النساء بما يلزم من علاج أو الحصول على أطراف صناعية أو دعم يسد رمقهن، بما ينعكس بشكل إيجابي على نمط حياتهن وخياراتهن في العمل ورعاية أسرهن".

بدورها قالت سلام عنبر التي تشعر أنها عبء على أسرتها، بعد أن فقدت قدمها في الحرب "شظية صاروخ من طائرة حربية اخترقت جسدي، وتركت آثاراً جسدية ونفسية مستديمة على حياتي، حيث تسببت ببتر قدمي اليمنى وأدت لكسور في وجهي ويدي، وقد منعتني الإصابة من التمتع بالكثير من الحقوق وفرص الحياة، وحولتني إلى معاقة أعيش على الهامش دون أي حقوق".

وِأشارت إلى أنها عانت من الإهمال الطبي والآلام، وعجزت عن إجراء العلاجات اللازمة، ما أدى إلى تدهور حالتها الصحية، كما تشكو من العيش داخل مخيم عشوائي، تنعدم فيه الخدمات الأساسية لاستمرار الحياة، وتغيب سبل العيش والنشاط الاقتصادي تزامناً مع تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية والاقتصادية "أن عضوات فريق صامدات تقمن بزيارتها في المخيم الذي تعيش فيه باستمرار، وتخففن عنها وتستمعن إلى احتياجاتها وهمومها، وتحاولن مساعدتها بالإمكانيات المتاحة لديهن".