فريال خالد... 31 عاماً من النضال والنساء تعاهدن بمواصلة مسيرتها

أكدت عدة نساء من إقليم شمال وشرق سوريا على مواصلة مسيرة الشهيدة فريال خالد في الحفاظ على مكتسبات ثورة 12 تموز/يوليو عام 2012، وترسيخ مفهوم الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب بين أبناء المنطقة.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ أثار خبر اغتيال الناشطة السياسية فريال خالد رود فعل غاضبة لدى الحركات النسوية ورفيقاتها على درب النضال، وتعاهدن على مواصلة مسيرتها وترسيخ مفهوم حرية المرأة في المجتمع أبرز الطموحات التي سعت وناضلت من أجل تحقيقها، مطالبات بمحاسبة مرتكبي جريمة اغتيالها.

وصفت رفيقات درب الناشطة السياسية فريال خالد (زلال زاغروس)  التي اغتيلت على يد مسحلين مجهولين بطلقات نارية في مدينة كركوك بإقليم كردستان بتاريخ 18كانون الثاني/يناير الجاري، بأنها كانت نبراس الأمل وبوصلة النجاة للنساء من بؤرة العادات والتقاليد البالية.

 

نبذة عن مسيرة الشهيدة فريال خالد

نشأت الناشطة السياسية فريال خالد في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا عام 1975، وعندما بلغت الـ 17 عاماً من عمرها انخرطت في صفوف الحركة التحررية، انطلاقاً من إدراكها التام بأن الحركة تمثل النضال الحقيقي من أجل حرية الشعب الكردي ونيل حرية المرأة.

تركت فريال خالد بصمة في كل مدينة خاضت فيها معركة لحرية شعبها على مدار 31 عاماً وتمكنت من إبراز الشخصية القيادية للمرأة، ومع اندلاع ثورة المرأة بإقليم شمال وشرق سوريا أخذت دوراً ريادياً في توطيد العلاقات بين المكونات المختلفة للمنطقة، حيث شاركت في حملة تحرير مقاطعة منبج في عام 2016 من مرتزقة داعش ثم نظمت النساء وفق أسس النضال التحرري.

ثم توجهت عام 2018 إلى مقاطعة دير الزور بإقليم شمال وشرق سوريا للمشاركة بتحرير مناطقها التي سيطر عليها مرتزقة داعش، ورغم كل التحديات التي واجهتها والتهديدات التي تعرضت لها بسبب الفكر المتطرف الذي نشره داعش بين الأهالي، تمكنت من ترسيخ مفهوم التعايش المشترك وأخوة الشعوب لديهم، ثم قصدت بعدها العاصمة السورية دمشق من أجل تنظيم الكرد وتوطيد العلاقات مع الحركات النسوية، وحملت على عاتقها توعية المرأة السورية خلال نضالها الذي دام 31 عاماً، وبعد توجها إلى إقليم كردستان لتنظيم النساء هناك يقيناً منها أن تحريره يكون بتحرير المرأة، تم اغتيالها في 18كانون الثاني/يناير الجاري بثمانية طلقات نارية على يد مسلحين، ووري جثمانها الثرى في 22 من الشهر ذاته في مسقط رأسها.

 

بشخصيتها المتزنة والفدائية رسخت مفهوم الصحيح لحرية المرأة

فريال خالد إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة منبج، وإحدى المناضلات اللواتي ساهمن في القضاء على الفكر المركزي، وعملت على إشراك كافة مكونات المجتمع في اتخاذ القرارات المصيرية في المنطقة وتحمل مسؤولية بناء مجتمع حر، وعن عملية اغتيالها قالت عضو مجلس تل حوذان غبشة سليمان "من خلال عمليات اغتيال الناشطات السياسيات والمناضلات تحاول الأنظمة الرجعية التأثير على المجتمعات، فقد كانت فريال خالد من مؤسسي المجالس والكومينات في أرياف منبج وفتحت المجال أمام النساء لتلعبن دورهن في المجتمع بعد أن كن مقيدات بالعادات والتقاليد العشائرية والاضطهاد الذي عانين منه خلال فترة سيطرة داعش على منبج وأريافها، فخلال اجتماعات المجالس والكومينات كانت تحث على إشراك المرأة وإبراز دورها الريادي في تنظيم المجتمع والنهوض به"، مؤكدة أن "الشهيدة فريال خالد تركت بصمة وأثر لا يمكن نسياهما وحققت مكتسبات لا يمكن تجاهلها، وبدورنا نعاهدها في الحفاظ عليها ومواصلة مسيرتها النضالية لتحرير كافة النساء المضطهدات".

 

كانت النبراس لدرب نساء أسيرات بوتقة العادات والتقاليد

من جانبها قالت الرئيسة المشتركة لمجلس تل حوذان فاطمة سلوم عن تأثرها بشخصية القيادية فريال خالد "كنت مواطنة من عامة الشعب وكان أول لقاء لي معها أثناء عقد اجتماع لانتخاب رئاسة مشتركة لكومين القرية، حينها تأثرت كثيراً بشخصيتها القيادية وبكلماتها التي رفعت فيها من معنويات النساء في ذاك الاجتماع، فقد كنا مسلوبات الإرادة والحقوق خلال فترة سيطرة داعش على مدينتنا، وقدمت لنا لنكون قادرات على نيل حقوقنا بأنفسنا رغماً عن السلطة الذكورية، وحقاً بات لديّ يقيناً وأيماناً بنهجها ومنطقها الذي كانت تتبعه حيث تمكنت من تطوير ذاتي وبعد عمل ومجهود لسنوات عديدة أصبحت رئيسة مشتركة لمجلس خط تل حوذان، ندين لها بالكثير ونعاهد بمواصلة مسيرتها التي بدأتها"، مؤكدة "تسعى الأنظمة الرجعية التي وقفت خلف عملية اغتيال فريال خالد للنيل من إرادة المرأة، إلا أن هذه الأساليب زادت من إصرارنا وعزيمتنا للسير على طريق نضالها ونضال كل امرأة كرست حياتها في سبيل تحرير غيرها".

 

شاهدة على أصعب المراحل التي عاشتها منبج

وبدورها قالت الرئيسة المشتركة لمجلس خط الفارات حليمة جمعة "فريال خالد كانت رفيقة المراحل الصعبة التي عاشتها مقاطعة منبج، فقد كانت مرحلة تأسيس المجالس وإعادة تنظيم المقاطعة والأرياف من أصعب المراحل بعد طرد داعش منها، لقد تأثر بها الصغير قبل الكبير والرجل قبل المرأة فقد كانت تتمتع بالخصال الحسنة والروح النضالية والإرادة القوية، كان لها الفضل الكبير في إخراج النساء من الظلام إلى النور"، مضيفة "عملية اغتيالها لن تصل لأهدافها المرجوة وستبوء بالفشل لأنها لم تنل من إرادة نساء قررن السير على درب حريتهن".

 

رفيقات النضال يتعهدن بمواصلة المسير

خلال نضال فريال خالد في مقاطعة دير الزور تركت أثر في شخصية كل امرأة عملت معها ومن بينهن نائبة رئيس حزب سوريا المستقبل في المدينة منى الحمادي التي قالت عنها "كانت تتحلى بشخصية قوية وعطوفة بآن معاً وهذا ما اكسبها شعبية واسعة ونالت محبة كل من عرفها، بالإضافة لشخصيتها الريادية التي استطاعت من خلالها نشر الفكر الحر والديمقراطية بين مكونات المنطقة عموماً ونساء خصوصاً، وبدوري أعاهد بالسير على خطاها حتى بناء سوريا تعددية لا مركزية".

فيما استنكرت إدارية اتحاد المرأة الشابة في مقاطعة دير الزور سها السعيد جريمة مقتل الناشطة فريال خالد، لافتة إلى المسيرة النضالية التي خاضتها من أجل تحرير المدنيين من مرتزقة داعش "اتخذت دوراً بارزاً في تنظيم النساء ومنحتهن الإرادة والقوة والحرية وفق مبادئ وأسس الأمة الديمقراطية، ونؤكد بأننا لن نتوانى عن مواصلة مسيرتها التي منحتنا من خلالها الإرادة لنيل حريتنا".