فضلوا البقاء بالخيم المهترئة على العودة لمدنهم

فضلوا البقاء في المخيمات ومجابهة الشتاء القارس وحر الصيف بخيم لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف على العودة لمدنهم التي ينعدم فيها الأمن والأمان وأبسط مقومات الحياة

سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ ، ويناشدون المنظمات الإنسانية لدعمهم بالمخيمات والنظر لحالهم.  
بالرغم من الوضع المأساوي الذي يعيشه النازحون في المخيم الشرقي القديم والجديد الواقعين في قرية رسم الأخضر بمدينة منبج شمال وشرق سوريا، إلا أن الأمان الذي حققته الإدارة المدنية الديمقراطية لمنبج وريفها للنازحين جعلتهم يفضلون المكوث في الخيم المهترئة وعدم العودة لمدنهن التي يسيطر عليها النظام السوري.
 
 
تقول فاطمة الخليف (51) عاماً "مع العديد من العائلات نزحنا من مدينة مسكنة في ريف حلب الشرقي إلى مدينة منبج بسبب المعارك بين قوات النظام وداعش". 
وتبين أن سبب عدم عودتها إلى ديارها بعد سيطرة قوات النظام يعود لانعدام الأمان "ماذا أفعل هناك؟ نحن سعداء بالمكوث في المخيم فلم يعد أحد إلى مسكنة لانعدام الأمان"، وتضيف "الأمان الذي نوده حققته لنا الإدارة المدنية هنا في المخيم، إضافة لتقديمها أبسط مقومات الحياة ما جعلنا لا نفكر بالعودة لديارنا". 
كما ناشدت فاطمة خليف المنظمات الإنسانية للاطلاع على حالهم ودعمهم من ناحية تأمين الخيم والتدفئة لمجابهة فصل الشتاء القارس هذا العام.  
وسيطر داعش الإرهابي على مدينة مسكنة عام 2014، وبعد معارك دامت لشهرين سيطرت قوات النظام على المدينة في عام 2017. 
 
 
أما عائشة محمد (80) عاماً وهي نازحة أيضاً من مدينة مسكنة قالت "نزحت إلى منبج عام 2017 بسبب المعارك التي دارت هناك، وكذلك لعدم توفر أبسط مقومات الحياة"، وتضيف "قصدنا منبج بسبب توفر الأمن والأمان إضافة إلى عمل الإدارة الذاتية على تأمين حياة كريمة لنا رغم قلة الإمكانيات".
وتؤكد أن دعم المنظمات للنازحين قليل جداً "كان دعم المنظمات جيداً بداية إنشاء المخيم لكن الآن قل كثيراً، فكل أربعة إلى ستة أشهر يقدمون لنا مواد قليلة من المنظفات". 
وعن سبب عدم عودتها إلى مسكنة بعد أن سيطر النظام عليها تساءلت "لماذا نعود فابسط مقومات الحياة معدومة هناك؟ مياه الشرب لا وجود لها إضافة لانعدام الأمان على عكس المخيم الذي يؤمن لنا مياه الشرب، وأسطوانات الغاز إضافة إلى الأمن الذي ننعم به بغض النظر عن الحالة المأساوية التي نعيشها في ظل تقاعس المنظمات الإنسانية". مبينةً "الأمان هو ما يشجعنا على البقاء في الخيم المهترئة وعدم العودة لمسكنة".
وناشدت عائشة محمد المنظمات الإنسانية لتقديم الدعم لهم مع قدوم فصل الشتاء "نحن بحاجة إلى التدفئة لكن ليست التي قدموها لنا العام المنصرم التي هي عبارة "بابور كاز" يعمل كذلك على المازوت والذي سبب لنا العديد من الأمراض وخاصةً الصدرية منها، إضافةً لحاجتنا للبطانيات والإسفنج، ومواد التنظيف وملابس للأطفال وحقائب واللوازم المدرسية التي يحتاجونها لاستكمال تعليمهم والأهم من ذلك هو استبدال الخيم المهترئة".
 
 
فيما قالت عصرية استايت (70) عاماً النازحة من مدينة عين عيسى "بسبب التهديدات المستمرة على عين عيسى إضافةً الى الانتهاكات اليومية لم نعد إليها إلى الآن".
وقالت عن حالهم في المخيم "وضعنا في المخيم لا بأس به والأهم من ذلك هو الأمن والأمان". مؤكدةً على ضرورة تأمين خيم جديدة لأن الموجودة لن تحميهم من قسوة الشتاء "بسبب درجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف اهترأت الخيم ولم تعد تحمينا".
 
 
أما سلوى عموري (40) عاماً فهي نازحة من مدينة حلب منذ ما يقارب الأربعة أشهر "نزحنا من حلب إلى منبج بثيابنا فقط ولم نجلب معنا أي شيء، لأن المعيشة في حلب سيئة جداً فلا توجد فرص للعمل إضافةً للغلاء الفاحش"، وتضيف "منذ قدومنا لم يصلنا أي دعم من المنظمات الإنسانية".
وتبين أن وضعهم يزداد سوءاً "أعطانا النازحين إسفنج وبطانيات في ظل تقاعس المنظمات الإنسانية فوضعنا مأساوي أنا وأطفالي الـ 7".
وطالبت بتقديم الدعم لهم "نطالب المنظمات أن يطلعوا على حالة النازحين في المخيمات. المخيم بحاجة لصرف صحي في ظل انتشار الأوبئة فهناك إهمال كبير من قبل المنظمات في دعم النازحين والمخيمات، إضافةً لافتتاح مشاريع خاصة للنازحات للاعتماد على ذاتهن وتأمين لقمة عيشهن في المخيم". 
ورغم كل ذلك تفضل سلوى عموري البقاء في المخيم وتعزو ذلك لـ الأمان "نحظى بحماية من قوات الأمن الداخلي التي تحمي المخيم".
 
 
تقول شمسة مريدي (45) عاماً نازحة من مدينة حلب منذ ما يقارب 6 أعوام "بسبب المعارك التي دارت وقصف الطيران خرجنا من حلب إلى مدينة مسكنة ومن ثم إلى منبج"، وتضيف "دمر منزلنا بسبب المعارك التي دارت في جسر النيرب بمدينة حلب لذا لم نعد إليها منذ ذلك الحين".
وتبين "توفى زوجي منذ عام بمرض خبيث في المخيم ولدي 7 بنات لا أستطيع أن أؤمن لهن لقمة العيش فأنا أقوم بواجب الأب والأم في الوقت نفسه". 
لا يمكن لـ شمسة مريدي العودة إلى حلب فكما تقول ليس لديها إمكانيات لإعادة بناء المنزل الذي دمرته المعارك "الأمن الذي تشهده المنطقة هنا هو ما يشجعنا على مقاومة كل الظروف والبقاء بالمخيم، فالمرء يبحث عن الأمان والراحة النفسية ونحن مرتاحون هنا". 
أما عن وضع الأطفال في المخيم فتقول إن المدرسة التي تم افتتاحها في المخيم تفتقد للمستلزمات المدرسية من كتب وقرطاسية، وكذلك الملابس الشتوية التي لا تستطيع العائلات تأمينها لأطفالها "الأطفال بحاجة لقبعات وجوارب وكفوف صوفية"، مبينةً "أغلب الأطفال لا يرتادون المدرسة من شدة البرد في الصباح الباكر".
وأشارت إلى أن الوضع بالمخيم بات مأساوي بدخول فصل الشتاء "نفتقد للخيم الجديدة والملابس الشتوية والمدافئ، لذلك نناشد المنظمات لدعمنا فنحن بحاجة للخيم الجديدة والبطانيات والإسفنج والملابس التي تقينا برد الشتاء، وكذلك نطلب منهم تأمين الأدوية لنا فأغلب المتواجدين في المخيم يشتكون من الأمراض المزمنة".
وأضافت "على المنظمات التي تدعي الإنسانية افتتاح مشاريع خاصة للنساء بالمخيمات فالأرامل والمطلقات تقع على عاتقهن مسؤولية تأمين لقمة العيش لأبنائهن لذا نطالب بافتتاح مشاريع لنساء المخيم". 
 
 
الإدارية في المخيم الشرقي القديم غفران الشيخ قالت عن المستلزمات التي أمنتها إدارة المخيم الشرقي القديم والجديد للنازحين مع حلول فصل الشتاء "وقعنا مذكرة تفاهم مع منظمة DCE لتقديم المستلزمات الشتوية للعوائل النازحة". 
وعن المستلزمات التي لم يستطيعوا تأمينها بينت أن "المخيم بحاجة لسور حوله ولذلك طالبنا الإدارة المدنية الديمقراطية لمنبج وريفها بإنشائه وقد وعدتنا بتنفيذ المشروع قريباً وفقاً للإمكانيات المتاحة، كما أن المستوصف بحاجة لأدوية، أما بالنسبة للمحروقات فلجنة شؤون النازحين تكفلت بالاتفاق مع الإدارة لتأمينها".  
وحول موضوع الخيم الذي أثار ضجة بين النازحين فبينت "طالبنا المنظمات باستبدال الخيم التالفة، إضافة لتقديم الإسفنج والبطانيات وغيرها من المستلزمات للعوائل الجديدة في المخيم". مؤكدةً أن "هناك منظمات تدعم القسائم الغذائية، ومنظمة الكونسير مسؤولة عن تقديم المياه وتوصيلها، أما بالنسبة لإدارة المخيم فهي تقوم بتأمين الخبز للنازحين". 
وأشارت غفران الشيخ إلى أن عدم عودة النازحين لمناطقهم تعود لكونهم يشعرون بالأمان في منبج "أغلب النازحون هنا تدمرت منازلهم، فهم مرتاحون بالمخيم من ناحية الأمان وتأمين أساسيات الحياة من محروقات وخبز ومياه، فالإدارة تعمل بكل إمكانياتها لتأمين احتياجاتهم". مناشدةً المنظمات بزيادة دعمها للنازحين. 
ويقع المخيمين الشرقي القديم والجديد في قرية رسم الأخضر شرقي مدينة منبج والتي تبعد حوالي 8 كم عن المدينة وتم إنشاء المخيم الشرقي القديم في 15 آذار/مارس2017، وتبلغ مساحته 6 هكتارات كما يبلغ عدد النازحين القاطنين فيه 2200 شخص أي 418 عائلة. 
وأما المخيم الشرقي الجديد الذي تم إنشاؤه في 15آذار/مارس2021 فتبلغ مساحته 9 هكتارات وتمكث فيه 645 عائلة أي 3797 شخص.