دورات تعليمية صيفية تديرها نازحات في مخيمات إدلب
مع بداية العطلة الصيفية هذا العام اتجهت نازحات غير أكاديميات لإنشاء مشاريعهن من خلال القيام بدورات تعليمية للفئة الدراسية الأولى في مخيمات إدلب بسوريا.
هديل العمر
إدلب ـ تُعتبر المخيمات لا سيما العشوائية منها الحلقة الأضعف في سلسلة المسيرة التعليمية، كونها تفتقر إلى وجود المدارس التعليمية التي تغطي أعداد الطلاب المتزايدة، الأمر الذي تضيع فيه فرصة المتابعة والتحصيل العلمي لأغلب طلاب العوائل النازحة والمهجرة.
افتتحت رشا البرهان (25) عاماً خيمتها المتواضعة لتعليم الأطفال في مخيمها الواقع على أطراف بلدة أطمة في إدلب، بعد أن لامست رغبة لدى الأهالي بوضع أطفالهم في مراكز تعليمية من أجل تعويض ما فاتهم من تعليم، فتقول أن الواقع التعليمي متدهور وخاصةً في المخيمات بشكل عام، ومعظم الطلاب أضحوا بلا تعليم مع عدم وجود المدارس القريبة والمعلمين الذين باتوا معظمهم بلا رواتب ولا دعم.
وأضافت "يعتصر قلبي ألماً حين أرى معظم أطفال المخيم أميون لا يستطيعون القراءة، وابتغي من وراء عملي إيجاد حل إسعافي ورفع سوية الطلاب، وتحسين مستواهم التعليمي، وخاصةً فيما يخص المبادئ الأساسية في اللغة العربية والرياضيات".
رشا البرهان ليست خريجة جامعية وإنما حائزة على شهادة التعليم الثانوي الفرع الأدبي، توقفت عن متابعة تعليمها الجامعي نظراً للظروف التي مرت بها المنطقة من حرب ونزوح وغلاء، لكن ظروفها التي رمت بها في غياهب المخيمات مع زوجها وطفليها لم تكن لتمنعها من الانطلاق بمشروعها التعليمي البسيط، وإنقاذ عشرات الأطفال من "عتمة الجهل والأمية" وبأجور رمزية.
مشروعها التعليمي ليس الوحيد بل كان مشابهاً لمشاريع أخرى أطلقته نازحات في مخيمات نائية تفتقر التعليم بكل أشكاله، ومن تلك المشاريع الدورة التعليمية التي بدأتها سلاف الطويل (33) عاماً في مخيم حيش بريف إدلب، فتقول أنها بدأت مشروعها بإمكانيات بسيطة داخل خيمتها التي تضم أكثر من خمسة عشر تلميذ/ة، مستفيدة من مستواها التعليمي الذي وصفته بـ "الجيد" وخاصةً أنها حائزة على شهادة التعليم الأساسي، وتجيد قواعد اللغة والكثير من العمليات الحسابية.
وأضافت "كان علي أن أجد عملاً يخرجني من واقع الملل والعزلة والتهميش الذي نعيشه في هذه المخيمات التي وجدنا أنفسنا داخلها نصارع ظروفاً بلا رحمة، خيام توقف فيها عامل الزمن، نعيش بلا أحلام ولا طموحات أو حتى عيش كريم".
ومن جانبها أثنت وليدة الحجي (37) عاماً وهي والدة أحد الأطفال المستفيدين من تلك الدورات على عمل المعلمات بإنشاء مثل تلك الدورات التعليمية الهامة، وقبولهن بأجور قليلة والتي من شأنها مساعدة الكثير من الأطفال الفقراء على تعلم مبادئ القراءة والكتابة على الأقل في ظل الإهمال الكبير الذي يواجهونه لا سيما في المخيمات الصغيرة.
وأشارت إلى أنه "ليس هناك أهم من عمل المعلمين/ات الذين يشكلون النور وسط الظلام لجيل ظلمته الحرب وحرمته من أبسط حقوقه في التعليم والحياة المستقرة الهادئة"، مؤكدةً على أن ابنها البالغ من العمر سبع سنوات والذي لم يتسنى له الالتحاق بإحدى المدارس حتى اليوم نظراً لعدم تواجدها في المخيم، بدأ يستفيد من تلك الدورات التي شكلت انطلاقة هامة.