دمى الأميجورمي... خيار بديل عن دمى التمييز الجنسي

في محلات بيع الألعاب يتم تمييز الأقسام المخصصة للأطفال الذكور والإناث، حيث يخصص اللون الوردي للإناث بينما يخصص الأزرق للذكور

زينب آكغول
أنقرة ـ . في الأقسام المميزة باللون الوردي يتم عرض عربات الأطفال الرضع، ونماذج للمنازل، والأفران في إشارة إلى أن أعمال التنظيف وباقي الأعمال المنزلية هي من اختصاص البنات. هذه الاستراتيجية التجارية تحد من خيارات الأطفال ومداركهم، كما تفتح المجال أمام حالة من التمييز على أساس جنسي بين الأطفال.
رفوف العاب الأطفال المعروضة في المحلات التجارية تعكس أنماط التمييز الجنسي واللامساواة الموجودة في عالم الكبار... عندما ندخل إلى أحد محلات بيع العاب الأطفال، نرى نماذج لأدوات التنظيف وأدوات المطبخ معروضة في الصفوف المخصصة للبنات، وتتوجه البنات بشكل تلقائي إلى تلك الرفوف من مبدأ إن تلك الألعاب مخصصة لهنَّ فقط. ونظراً لعدم عرض العاب السيارات والطائرات في قسم البنات، فإن مواهب البنات تتجه غالباً نحو تربية الأطفال، والطبخ، والتنظيف بدلاً من التوجه نحو التقنيات. بمعنى أن الرسالة الموجهة إلى الفتيات هي "يجب أن تلزمي المنزل، وتقومي برعاية الأطفال، وتهتمي بالطبخ والتنظيف". وكبديل لسلوك التمييز الجنسي هذا توجد أيضاً دمى الأميجورمي. 
مسألة اللونين الأزرق والوردي ليست مشكلة، فيما لو أن الأطفال الذكور والإناث يحبون نفس الألعاب التي تنمي مداركهم المعرفية والعلمية. المشكلة تتعلق باستراتيجية الأزرق والوردي التجارية. هذه التقاليد التجارية تروج لفكرة أن الأطفال الذكور والإناث لا يحبون نفس الألعاب، وأن الأطفال الذكور لا يهتمون بالأعمال المنزلية وتربية الأولاد، كما أن الإناث لا تهتممن بالهندسة والعلوم. ومن وجهة نظري أعتقد أن دمى الأميجورمي هي البديل المتاح لكسر هذه القوالب والعادات. 
تقول مختصة علم الاجتماع أزكي سيلا إيباك "مرحلة الطفولة، هي تلك الفترة التي ينمي فيها الأطفال مداركهم الاجتماعية، ويتعرفون فيها على محيطهم ويتعرفون على الحياة. وطريقة حياة الأطفال في هذه المرحلة تنعكس على شخصية الأطفال المستقبلية. وسوف تنمو شخصيتهم بحسب الخصائص الاجتماعية والثقافية". 
وكان لنا حديث معها حول تأثير الألعاب والدمى على نمو الأطفال، وكذلك حول عالم دمى أميجورمي (الدمى المحبوكة)، المناهض للتمييز الجنسي، وقصة تعرفها على عالم أميجورمي.
كيف بدأت قصتكم مع عالم دمى أميجورمي؟ هل كان لاهتمامكم بقضايا استغلال الأطفال وحقوقهم دور في توجهكِ إلى عالم دمى أميجورمي؟ 
الحقيقة أنني كنت مهتمة منذ البداية بالحياكة. لم أكن أمارس الحياكة بشكل متواصل، ولكنني عندما كنت أبدا بالعمل، لم أكن أتخلى عنه حتى أنهيه. كنت استخدم الصنارة غالباً في الحياكة، ومن ثم بإبرة الحياكة. بدأت بحياكة الأغطية المنمنمة، وفيما بعد تعرفت على عالم أميجورمي. يمكن القول إنني دخلت مجال صناعة دمى الأميجورمي عندما كنت أصنع الدمى لنفسي. وفيما بعد عندما بدأت بالبحث في هذا المجال وأدركت ماهية وأهمية الألعاب، ازداد اهتمامي بها، وعليه فقد بدأت بصناعة هذا النوع من الدمى.
"الأطفال يكبرون متأثرين بأنماط وعادات الكبار"
تصنع الألعاب العلمية والتكنولوجية والهندسية والرياضيات على الاغلب للأطفال الذكور. فيما يتم تخصيص الألعاب المنزلية، ودمى باربي وأدوات المطبخ والألعاب المحصورة في الأمور المنزلية للأطفال الإناث. بمعنى أنه يتم حصر البنات من خلال هذه الألعاب بالمنزل فقط. أي أن الأنماط الاجتماعية التي فرضت علينا بدأت في مرحلة الطفولة من خلال الألعاب؟
نعم بالتأكيد، الأطفال يتعرضون للعديد من أنماط وأدوار الكبار منذ الولادة. وكأن تلك الحياة هي حياة الأطفال، ولكن الحقيقة ليست كذلك. فمنذ المراحل الأولى، والتي تسمى في علم الاجتماع بمرحلة الطفولة، يتم تربية الأطفال بحسب الأنماط والنماذج الاجتماعية. حيث تنمو شخصية الأطفال بما ينسجم مع المعايير الاجتماعية الموجودة. المرحلة التي نسميها بمرحلة الطفولة، هي تلك الفترة التي ينمي فيها الأطفال مداركهم الاجتماعية، ويتعرفون فيها على محيطهم ويتعرفون على الحياة. وطريقة حياة الأطفال في هذه المرحلة تنعكس على شخصية الأطفال المستقبلية. وسوف تنمو شخصية الطفل بحسب الخصائص الاجتماعية والثقافية.
"أهتم بالألوان عندما أصنع الألعاب"
يمكن لدمى أميجورمي أن تكون خياراً بديلاً للألعاب البلاستيكية والعاب التمييز الجنسي. كيف يؤثر التصنيف الجنسي في اختيار الألعاب على نفسية الأطفال؟
برأيي أن العاب العنف هي الأكثر خطورة، تلك الألعاب توجه ميول الأطفال نحو العنف، أما في العاب الأميجورمي لا يوجد مثل هذه الأشياء. فهي على الأغلب نماذج للأطفال الصغار والحيوانات. عندما يطلب مني صناعة الألعاب فإنني أهتم كثيراً بالألوان. عندما تعمل بغاية تحقيق الربح المادي، فإن الألعاب تكون مختلفة، ولكن عندما يتم صنعها وفق المعايير فإنها تكون أكثر ديمومة.
مؤخراً ظهر أن الأهالي قلقون إزاء شراء الألعاب لأطفالهم. وانطلاقاً من ذلك هل يمكن القول إن هناك زيادة في الإقبال على العاب الأميجورمي؟
منذ حوالي 11 شهراً بدأت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف. وألاحظ أن هناك زيادة في الإقبال على دمى الأميجورمي، فهي تعتبر أكثر رقياً من الألعاب الأخرى. وهذا أمر طبيعي لأنها تستغرق الكثير من الوقت والجهد في صناعتها. كما أن الخيوط المستخدمة في صناعتها أغلى من غيرها. هناك من يملك القدرة على شرائها، ولكن الذين يجيدون الحياكة يستطيعون صناعتها بأنفسهم. هناك العديد من مقاطع الفيديو التي تساعد على تعلَّم حياكة وصناعة هذه الدمى، الجميع بإمكانه تعلم صناعتها، كما أن ذوي الدخل المحدود بإمكانهم استخدام خيوط أكثر رخصاً.
"تنمي القدرات الإبداعية والذكاء التحليلي"
توجد العديد من التقنيات في صناعة دمى الأميجورمي. أعتقد أنكم تستخدمون عدة تقنيات أثناء حياكتها؟ ما هي التقنيات الأساسية التي تستخدمونها؟
بغض النظر عن التقنيات العديدة، فإن هناك العديد من التصاميم والأشكال في دمى الأميجورمي. نستخدم عادة تقنية الإبرة، ولكن عدد الحبكات، زيادتها أو إنقاصها تختلف من عمل إلى آخر. يجب أن يتم استخدام كل هذه التقنيات بشكل جيد حتى يتم انتاج دمية جيدة.
وهذا الأمر يساعد في تمنية المدارك الإبداعية والذكار التحليلي. يقال إن نسبة الذكاء العاطفي لدى الإناث هي الطاغية، ولكن اثناء عملنا في صناعة وحياكة هذه الدمى، نجد أن لدى النساء أيضاً مستوى جيد من الذكاء التحليلي، ويمكن أن يساعد ذلك على صناعة الكثير من الأشياء الجميلة. عندما نتقن قالباً معيناً، فإننا نستخدم الإبرة غالباً، أما في صناعة الأوشحة والفساتين والحقائب فإننا نستخدم تقنية الصنارة.
تستخدم عادة الخيطان والصنارة، والخشب والصوف والألوان، بحسب النماذج المراد صناعتها. ما هي الأدوات التي تستخدمونها؟
أحاول قدر المستطاع تجنب استخدام المواد الكيمياوية، استخدم عادة الإكسسوارات والكماليات المصنوعة من المواد الآمنة. واستخدم على الأغلب الأزرار الخشبية، كما أهتم كثيراً بتغليفها جيداً حتى تحافظ على ألوانها ورونقها.