دور ضيافة المعنفات... عددها غير كافي وإجراءاتها صعبة

تعتبر بيوت استقبال المعنفات واحدة من الآليات التي تقدم الحماية للنساء، ولكن يصاحبه تساؤل حول قدرة تلك الدور على الوفاء باحتياجات النساء وتقديم الدعم الفعلي لهن.

أسماء فتحي

القاهرة ـ النساء المعنفات اللواتي تحتجن لدور إيواء آمن لهن عادة ما تكن مطرودات من بيتهن ولا توجد بحوزتهن الأوراق المطلوبة كي تتمكن من اللجوء له، ولذلك فعدد ليس بالقليل لا تستطعن دخولها وتتعرضن لكم هائل من المخاطر والاعتداءات والانتهاكات وسط حالة من العجز الكامل.

الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد بل أن دور الإيواء نفسها في حاجة إلى تطوير على الصعيد الفني من حيث الأطباء ومقدمي الخدمة وكذلك الجانب النفسي المرتبط بأساليب التعامل مع النساء المتعرضات للعنف، وهو أمر يحتاج لمزيد من العمل عليه، كما أن الأعداد الموجودة بالفعل لا تلبي الاحتياج الحقيقي فعدد كبير من المحافظات تخلو من وجودها لأن عددها لا يتجاوز الـ 9 في جميع أنحاء مصر.

 

النساء لا تمتلكن الأوراق المطلوبة في أغلب حالاتهن

"شعرت بخيبة الأمل حينما تواصلت مع الخط الساخن وقيل لي أوراقك أولاً" كانت تلك واحدة من الشكاوى التي تم رصدها خلال التقرير، فأغلب دور الإيواء تطلب الأوراق الثبوتية قبل بحث الحالة ومناقشة ما تمر به واقعياً، فمسألة المعنفات لها خصوصية شديدة تحتاج لإعادة النظر في مختلف الإجراءات المطلوبة لتلقيهم الخدمات المختلفة.

كما أن عدد ليس بالقليل من الموظفين خاصة التابع منهم للجهات الحكومية في حاجة لتأهيل وتدريب على طريقة تلقي الشكاوى وسبل التعاطي مع واقع المعنفات لحساسية ما تمررن به من ظرف إنساني يحتاج للدعم أولاً ثم اتخاذ الإجراء اللازم تجاه تجربتهم وما يحتاجونه من خدمة اجتماعية كانت أو اقتصادية.

وقالت عزة محمد البنداري الممثلة عن جمعية المروج العاملة في منطقة المرج، أن إجراءات الدور التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لا تلبي الاحتياجات الواقعية للنساء، فعادةً المرأة المعنفة يتم طردها من منزلها ولا يكون معها أوراق إثبات هوية ولا تستطيع المبيت في الشارع ليلاً وفي الوقت نفسه الكثيرات ممن قد يلتقينها لا تستطعن التواصل وإيجاد حل لأزمتها.

 

من واقع التجربة... نساء تعثر وصولهن لدور الإيواء

واقع النساء اللواتي لا تصلن لدور الإيواء مؤسف للغاية نظراً لعدم وجود سبيل أمامهن سوى افتراش الشوارع وانتظار العطف عليهن من المارة تارةً وتوقع الانتهاك والتعدي في أغلب الأحيان.

وأشارت عزة محمد إلى أنهم مؤخراً وجدوا فتاة في الشارع يبدو عليها الإعياء الشديد بفعل الضرب المبرح، فقد كانت هناك آثار على جسدها تشير لذلك، ولا تتحدث بشأن ما حدث لها ومظهرها يبدو صعباً للغاية خاصة أن بجسدها حروق واضحة وكثيرة تبين أن هناك من تعمد فعل ذلك بها.

وأوضحت أنهم اتصلوا بالخط الساخن دون جدوى وتمت مساعدتها بشكل شخصي من قبل النساء اللواتي صادفن وجودها في الجوار حينما كانت تبكي وتستغيث بالمارة لطلب المساعدة، والرد الذي أتى من دور استقبال المعنفات تمثل في ضرورة توفير بطاقة شخصية للضحية ولم تكن بحوزتها وبالتالي لم يستطيعوا الاطمئنان عليها ووضعها في مكان آمن.

وعن مصير تلك الفتاة وكيف اختلف عن غيرها أشارت عزة محمد إلى أن أحد البرامج التليفزيونية عثروا عليها وبعلاقاتهم تمكنوا من وضعها في مكان آمن "حين رأيت ما حدث معها على شاشة التليفزيون اطمئن قلبي وشعرت براحة حيث كنت حزينة على وضعها لعجزي عن تقديم الدعم اللازم لها"، معتبرةً أن الأزمة تكمن في عدم وجود بدائل أمام النساء إن لم يتم قبولهن في دور الإيواء أو الاستضافة.

 

عجز وقلة حيلة تعاني منها النساء الغير قادرات على دعم المعنفات

المرأة المعنفة التي لا تستطيع الوصول لدور الإيواء ليست وحدها من تعاني، ولكن أيضاً النساء اللواتي يرونها تشعرن بالعجز الشديد وقلة الحيلة لكونهن غير قادرات على دعمها أو حتى مساعدتها في تجاوز محنتها، خاصة حال رفض دور الاستضافة القبول بها لأي سبب، وهو ما يزيد واقعهن سوءاً.

واعتبرت عزة محمد، أنهم حين رأوا الفتاة التي بدى عليها كم العنف الواقع عليها والانتهاكات التي وصلت لحد حرق جسدها وقفوا في حالة عجز شديد وصدمة خاصةً بعد عدم القبول بها في دور الاستضافة لكونها لا تحمل بطاقة شخصية، مؤكدةً أن النساء اللواتي شهدن هذا الموقف بالفعل شعرن بضغط نفسي لكونهن لم تستطعن تقديم المساعدة الفعلية وهو ما يستدعي إيجاد حلول له حتى تصبح دور الاستضافة ملبية لاحتياجات النساء الواقعية.

 

حلول ممكنة أولها تحديد احتياجات المعنفات ونواقص دور الاستضافة

أولى خطوات الحل تكمن في الوقوف على الاحتياجات الحقيقية للنساء، وكذلك تحديد أوجه القصور لتفاديها أو معالجتها وهو الأمر الذي يتطلب الوقوف على السبب الكامن وراء إنشاء دور الاستضافة وما إن كانت تحقق المرغوب منها أم مازالت في حاجة لمزيد من التطوير.

وأكدت عزة محمد أن أحد أهم احتياجات النساء تتجسد في العمل على وجود مكان آمن يستقبلهن في أي وقت ومهما كانت هناك نواقص فيما يجب توفيره من أوراق وبعد القبول بهن تناقش التفاصيل الجانبية وتستكمل لاحقاً، معتبرةً أن هناك طرق كثيرة يمكن من خلالها التأكد من شخصية الضحية ولكنها فقط تحتاج لتفعيل.

وشددت على أنه هناك ضرورة لاستقبال الحالة على الأقل وإسعافها مبدئياً حتى لا تصبح فريسة للشارع بما يحتويه من مخاطر قد تنهي حياتها، مؤكدةً أن المستشفيات لا تستقبل أيضاً الحالات بدون ضامن لها وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحدث طوال الوقت لخشية المارة من تحمل مسؤولية شخص مجهول بالنسبة لهم.

وعن نواقص دور الاستضافة وما تحتاجه من تطوير لفتت عزة محمد إلى أنها في حاجة لزيادة عدد الأطباء وتجهيز المكان لاستقبال المعنفات بدرجة تجعله يناسب الحالة النفسية الخاصة للنساء المعنفات، فضلاً عن ضرورة تدريب مقدمي الخدمة من طاقم تمريض وموظفين ومشرفين.