بيت العائلة يحرم النساء حقوقهن الإنسانية

غالباَ ما تتعرض النساء والفتيات اللواتي تعشن في بيت العائلة من مشاكل عديدة، مما يؤدي إلى عدم قدرتها على التأقلم مع البيئة الخاصة بأسرة الزوج.

أسماء فتحي

القاهرة ـ لطالما زرع في مخيلة المرأة أن العيش في بيت العائلة سيولد الكثير من المشاكل لها في حياتها، خاصة الفكرة التي ترسخ أن أهل الزوج هم مصدر جميع المشاكل والذي لا يخلو منزل منها سواءً كان العيش في بيت العائلة أو في بيت مستقل.

مسألة استعباد الزوجات في "بيت العائلة" ليست قاصرة على محافظة دون أخرى أو حتى ترتبط بالقرى النائية والبعيدة، ولكنها تحدث حتى في قلب العاصمة، وهو الأمر الذي يتم بموجب عقد القران، حيث تتحول الفتاة وتصبح زوجة بدرجة "خادمة"، ويتدخل في شؤونها جميع أفراد أسرة الزوج كواحد من الأعراف المتبعة، وكأن عليها الانصياع لقانون معنف لها يقبله المجتمع ويعتبره جزء من مكوناته.

فهناك الكثيرات لا تستطعن التواجد لفترات طويلة في شقتهن التي قد تكون في طابق علوي من المنزل، كما لا يمكنهن الأكل أو الطهو بعيداً عن الأسرة المركزية للزوج، ولا تستطعن حتى مجرد غلق أبوابهن لكون الزوجة عليها أن تبقي نسخة من المفاتيح مع أسرة الزوج، ولا يمكنها الاعتراض حال استخدام مقتنياتها حتى وإن كانت مستلزماتها الشخصية.

 

الزواج في "بيت العائلة" يقهر النساء

تقول حنان مناع ربة منزل، إنها ترفض الضرب والعنف بكل صوره، خاصة أنه إهانة لمن يُمارس ضده ومن يقوم به، لافتةً إلى أن الزواج في بيت العائلة يشكل أزمة حقيقية، لأن الكثيرين يرون فيه مجرد اصطحاب المرأة لخدمة الأسرة، ولا يضع تلك الفتاة أبداً في محلها الصحيح كزوجة وشريكة حياة.

واعتبرت أن الفكرة في حد ذاتها مهينة للنساء وتنال من حقوقهن الإنسانية، خاصةً أنها فعلياً تعامل كـ "خادمة"، وهو ما يجعلها ترفض فكرة الزواج في بيت العائلة، لأن هناك موروثات في هذا الصدد وتدخلات وغيره لا يمكن تحجيمها، مؤكدةً أنها لم تجد حالة واحدة حولها تعيش في سلام في كنف بيت الأسرة الأكبر، لكون تلك الحياة المشتركة والمتشابكة مع آخرين عادة ما تسبب التدخلات وانتهاك الخصوصية بشكل كامل.

وأشارت إلى أن المرأة تتحمل تارة حتى لا توصم بـ "الطلاق" أو بسبب الأطفال "أن الأسرة التي تقبل تزويج ابنتهم في منزل العائلة عادة ما تندم على ذلك الفعل مهما مر من وقت وتحملت فيه الزوجة، لأنها سرعان ما تقع فريسة التدخل في شؤونها لدرجة القيام بالتقرير لها في جميع شؤونها الخاص منها والعامة".

 

أسباب القبول بالزواج في بيت عائلة

وترى حنان مناع أن هناك أسباب متعددة لذلك الأمر وفي مقدمتها الفقر الذي يجعل هناك أسر تتنازل وتقبل بهذا الوضع والحياة في "بيت العائلة" لكونهن تهربن من الحاجة والعوز في أسرتهن المركزية، لتعشن وسط أسر أخرى تؤمن لهن احتياجاتهن المادية، أو للتقليل من الأعباء التي يتحملها الوالدين.

وأوضحت أن هناك زيجات تحدث فيها خلافات خلال فترة الخطوبة، ولكن الأمر يستكمل على أمل أن يتغير الوضع بعد الزواج أو الانجاب، وهو أمر لا يحدث ويزيد الوضع تعقيد وسوءً لاحقاً.

 

الحلول الممكنة للأزمة

وكشفت أنه لا حلول يمكنها إيقاف نزيف القهر والانتهاكات التي تحدث في "بيت العائلة"، لأن أي محاولة لذلك لن تنجح كون الجميع يعيشون في محيط واحد، ومكان لا يحتمل أي مساحة من الخصوصية أو حتى الفصل بين التداخلات الأسرية وعادة ما تكون الزوجة الجديدة دخيلة على الأسرة وغريبة وهكذا تعامل دائماً.

وأكدت أن الحل المثالي يكمن في وضع الحدود بين الزوجة وأسرة الزوج لأن هذا الأمر سيضع حد للإهانة والمعاملة السيئة فالتجاوزات لن يكون لها مبرر، ولن يستطيع أحد كسر الحدود طالما أنها واضحة منذ البداية وبها قدر من الاحترام المتبادل، لافتةً أن هذا الأمر يجب أن يحدث قبل الزواج ويكون أحد الشروط التي لا بد من القبول بها أولاً.

 

 

وضوح أسباب الزواج نقطة محورية

من جانبها اعتبرت مديحة الكيلاني أن الزواج في بيت العائلة يتطلب ذكاء اجتماعي وهو أمر يجب أن يتوفر حال رغبة الزوجة في البقاء ومواصلة الحياة داخل الأسرة، موضحةً أنه سيكون عليها منع التدخلات في حياتها الخاصة مع الحفاظ على العلاقة مع تلك العائلة أي تحقيق استقلاليتها وفي نفس الوقت إرضاء الأسرة والمحيطين بها.

وأشارت إلى أن تحديد أسباب الزواج نقطة رئيسية تعالج كل الخلل خاصةً في مسألة الشراكة، لأن الكثيرون يرون السبب في الزيجة هو توفير خادمة للأم أو للأسرة وحال اتضاح ذلك يصبح القرار واعي من الطرفين، معتبرةً أن الصيغة التي يتم بها عقد القران هامة ومحورية، وهناك الكثيرات تتحملن عبء رعاية أسرة الزوج ولكنه مسار سلبي لأن من حق الزوجة على الزوج توفير خادمة لها وحال عدم استطاعته وقيامها بهذا الدور يجب أن يتم شكرها على ذلك كونها تعينه على قضاء احتياجات المنزل.

وأكدت أن الزوجة تربي أجيال المستقبل وحال قبولها الإهانة سيتم ترجمته في أطفالها وسيكبرون على سلوكيات كاسرة لإنسانيتهم خاصة إن شبوا وهم يرون أمهم تهان أو تسلب حقوقها دون ردة فعل رافضة لذلك.