"بيسان عودة" تقود فريقاً لمساعدة الأسر المحتاجة في غزة

يعتبر العمل التطوعي الذي تقوده الفئات الشابة أساس نهضة المجتمعات وتلاحمها، والأداة الفعالة التي تساهم في إحداث التغير

رفيف اسليم
غزة ـ ، ومن أجل ذلك أطلقت الشابة بيسان عودة ذات (22) عاماً حملتها التطوعية تحت عنوان "الي النا الك" لتفقد الأسر المحتاجة في قطاع غزة، بعيداً عن الأسلوب المحرج الذي تنتهجه غالبية المؤسسات المجتمعية في تقديم المساعدة لتلك العائلات، والمتمثل بالتصوير والإهانة في بعض الأحيان.
لمعت الفكرة في ذهن بيسان عودة حسب حديثها لوكالتنا عندما أتت امرأة إلى منزلها حتى تطلب ثمن فستان جديد لترتديه طفلتها خلال أيام العيد كبقية أبناء جيلها، وقتها لم تكن تملك بيسان سوى مبلغ كانت قد جمعته من مصروفها الشخصي وبالفعل تنازلت عنه لتلك المرأة، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، كما تقول حيث أنها في العام ذاته (2008) اجتمعت هي وأصدقائها بالجامعة وقررت تكوين فريق لجمع التبرعات وإعادة توزيعها على من يستحقها بالفعل.
 
 
لا تنكر بيسان عودة أن الأمر بالبداية كان صعباً ومتعباً فالجميع استهزأ بالفكرة وطلب منها أن تترك تلك المهام للمؤسسات المسؤولة لكن بكاء تلك المرأة لم يفارق ذهنها وكانت على يقين أن هناك آلاف الأشخاص يحتاجون لمساعدتها، خاصة أن نسبة الفقر في قطاع غزة قد بلغت (85%)، مشيرة أنها في ذلك الوقت جمعت مبلغ بسيط هي وأصدقائها واشتروا ملابس للعيد وبعض الألعاب ثم وزعوها على العديد من الأطفال بغزة.
 
 
وتذكر بيسان عودة أنها خططت لأن تكون خطوتها التالية منظمة وضمن فريق، فمع حلول فصل الشتاء قامت مع فريقها بجمع الملابس القديمة "بحالة جيدة" لغسلها ومن ثم توزيعها على الأسر المحتاجة مع قفازات وبطانية أو أكثر حسب حاجة العائلة، مشيرة إلى أن ذلك التنظيم ساعدها على النجاح رغم قلة الإمكانيات، وجعل من حولها يثقون بها ويقبلون على تقديم التبرعات لتستطيع بدورها الوصول لأكبر عدد ممكن من العائلات.
 
 
وتكمل أنها بعد عام فقط وصل عدد فريقها لـ (50) شخص كما أصبحت حملتها ثاني حملة بفلسطين تقدم مساعدات حقيقية للأسر بغرة، فانتشار سيط الحملة دفع العائلات للتواصل معها كي تزورها وتتأكد من حاجتها لتلقي المساعدة فكانت الطلبات أكبر بكثير من الدعم المقدم، ولفتت إلى أن تلك المساعدات تخطت الملابس وأصبحت تقدم طرود غذائية حسب عدد أفراد العائلة والأدوية باهظة الثمن، وطرود اللحوم خلال عيد الأضحى.
 
 
ومع بدأ انتشار فايروس كورونا أصبح الأمر أكثر تعقيداً والحديث لبيسان عودة، فالإغلاق الشامل الذي فرضته الحكومة في قطاع غزة لحصر الفايروس وانقطاع عمال المياومة عن العمل دفع الكثير من الأسر المتعففة لطلب الدقيق والطرود الغذائية لعدم تلقيهم أي تعويض من الجهات المختصة، لافتةً أنها وفريقها لم يستسلموا لقلة الدعم بل أوجدوا طرق بديلة واستطاعوا تقديم المعونة لأكثر من (5000) عائلة مع بداية ظهور الأزمة ضمن مناطق متفرقة بالقطاع.
وتشير بيسان عودة في نهاية حديثها إلى أن أكثر ما تواجهه من صعوبات هو مسألة الثقة بينها وبين المتبرعين بالرغم من أنها ترفق جميع الفواتير وتصور الأنشطة ليراها المتبرع بعينه إلا أنها بسبب صغر سنها ما زالت تتعرض لانتقادات من ضمنها أن تكون مساعدتها ضمن مؤسسة تتبع الدولة، مختتمة أن هدفها الوحيد ألا تتوقف الحملة وتسطيع جمع التبرعات كي توسع تقديم خدماتها وتصل للكثير ممن يحتاجون المساعدة ولا يتلفت لهم أحد.
 
 
وبدورها قالت لمى أبو عاصي ذات (22) عاماً وهي أحد أعضاء الفريق أنها انضمت للحملة منذ عام فقط لكي تحقق أثر في مجتمعها، لافتةً أن ما يميز "الي النا الك" عن غيرها هو أن كل موسم يختص بأفكار جديدة ضمن احتياجات الأسر، فخلال رمضان توزع طرود غذائية، فيما تكون "طرود الدفء" أي الملابس والنايلون لتغطية المنازل المتأكلة خلال الشتاء، أما موسم المدارس فيتم توفير مستلزمات الأطفال من زي وأدوات دراسية وغيرها وهكذا.
وتكمل لمى أبو عاصي أن فكرة الفريق إنسانية تنبع من مبدأ التكافل الاجتماعي، كما ينقسم عمله لقسمين الأول حملات متكاملة على مواقع التواصل الاجتماعي للمساعدة في جمع التبرعات وتوصيلها للمكان الصحيح، والثاني ميداني لتوصيل تلك التبرعات للأشخاص، مشيرة أن رؤية سعادة تلك العائلات هي المكسب الحقيقي بالنسبة للفريق بأكمله وهي ما تجعلهم يتحدوا الصعوبات ليخففوا من الواقع المرير الذي تعيشه تلك الأسر. 
وتبين لمى أبو عاصي بأن عمل الفريق لم يقف خلال الأزمات خاصة مع كورونا بل تم اتباع إجراءات السلامة وتغير نمط المساعدة لعدم الحاق الضرر بأي من تلك الأسر من خلال منع التجمعات وتعقيم ما يجمع ثم إرساله من خلال شخص واحد فقط، مشددة أن على المجتمعات وحكوماتها الإيمان بالشباب ومنحهم الفرصة ليستطيعوا المساعدة وتشكيل الفرق الشبابية التي ستشكل النواة في عميلة النهضة، كما عليهم أن يدعموا فكرة التطوع ويعمموها.