بناء المجتمع والشخصية الحرة أهم ما باشرت به مدينة منبج بعد التحرير

لعبت الأكاديميات التي افتتحت بعد تحرير مدينة منبج في شمال وشرق سوريا دوراً مهماً في نزع الأفكار التي رسخها داعش في عقول المدنيين تحت اسم الدين، منذ سيطرته على المدينة بداية 2014

سيلفا الإبراهيم
منبج ـ
بعد تحرير مدينة منبج على يد قوات مجلس منبج العسكري وقوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية المرأة والشعب في 15 آب/أغسطس 2016 بعد معارك دامت لـ 73 يوماً ركز المجلس المدني لمدينة منبج آنذاك على الجانب الفكري وإعادة ترميم المدارس التي حولها المرتزقة لمراكز ومقرات عسكرية لهم.
 
 
وعن الحرب الفكرية التي كان يمارسها تنظيم داعش باسم الدين ليسود الجهل في المدينة ودور الأكاديميات في التوعية، وإعادة بناء الفكر تحدثت لوكالتنا الإدارية في أكاديمية الشهيدة زيلان حلب في مدينة منبج وريفها أمارا بركل.
قالت أمارا بركل عن انتشار فكر داعش "إن بقاء داعش لـ 3 أعوام في مدينة منبج أثر كثيراً في نفوس الشعب وعلى وجه الخصوص المرأة كفرض ملابس معينة وعقائد وهمية"، وأضافت "على الرغم من أن الإسلام عرف على أنه دين يسر إلا أن داعش بسياساته وممارساته المتشددة حاول فرض مفهوم جديد وهو أن الدين عسر". 
وتأسست أكاديمية الشهيدة زيلان حلب الخاصة بالمرأة في العاشر من تموز/يوليو 2017، وهي أول مقاتلة من مدينة منبج استشهدت في حملة التحرير.
وأوضحت أمارا بركل أن داعش حاول ترسيخ الفكر التعصبي بالمجتمع من خلال اللعب على وتر الدين "اعتمد في سياسته على الشخصيات والنفوس الضعيفة التي لا تملك الإرادة فكان لا بد من تغيير الذهنية التي ترسخت في عقول أهالي مدينة منبج من جميع فئات"، وبينت أن "الفكر الذي كان ينشره داعش هو فكر الرعب والخوف والتعذيب تحت مسمى الدين الذي يعد نقطة ضعف للناس".
وأضافت بأن داعش اتبع سياسة تعميم الجهل وإبعاد جميع فئات المجتمع عن التعليم لتسهيل السيطرة على عقول الشعب وإبعادهم عن استمرارية الحياة على نهج الفكر المجتمعي "داعش يعلم جيداً أن التمسك بالمبادئ يصد أي هجمة تستهدف كيان الشعب، فأثناء تحرير مدينة منبج وتنظيم المدينة بعد التحرير من مخلفات المرتزقة ركزنا على نشر الفكر الحر، وإخراج المرأة من القمع الذي فرض عليها لذا كان من أولوياتنا افتتاح الأكاديميات". 
وأكدت أمارا بركل أن الأكاديميات ساهمت بشكل كبير في نشر الفكر والوعي، "عند مباشرتنا بالعمل واجهتنا العديد من الصعوبات لأن نزع فكر من مجتمع وإعادة بناء فكر حر أمر في غاية الصعوبة، وخاصة المرأة التي تأثرت نفسياً ومعنوياً من ممارسات مرتزقة داعش".
وخرجت أكاديمية الشهيدة زيلان حلب منذ تأسيسها 30 دورة فكرية مغلقة ومفتوحة، وبلغ عدد النساء اللواتي انضممنَّ للدورات ٥٢٥ متدربة. أما أكاديمية الشهيد اسماعيل الموسى والتي تفتتح دورات لكلا الجنسين فقد خرجت 33 دورة بلغ عدد المنضمين لها 777 متدرب/ة من بينهم 320 متدربة، منذ تأسيسها في تشرين الأول/أكتوبر عام 2016.  
وحول تقبل النساء لفكرة الدورات الفكرية قالت "رحبت النساء بشكل كبير بافتتاح الدورات الفكرية، خاصة أن العديد منهنَّ أجبرنَّ على ارتداء النقاب، واستمرين بارتداءه حتى خضعنَّ للدورات التي تحدثت عن تاريخ المرأة، والشخصيات النسوية البارزة في التاريخ".
وأكدت أن نساء منبج يتقبلنَّ جميع الأفكار "المرأة بشكل عام منفتحة على الآخر، ونساء منبج يتميزنَّ بعقلية مرنة تتقبل جميع الأفكار بالحوار والنقاش والتحليل، واختيار الأفكار الصحيحة بالوعي ولا تقبل بوضعها ضمن قوالب وتأطيرها". وأضافت "جميع النساء اللواتي خضعنَّ للتدريب في الأكاديميات انضممن عن قناعة، ولاحظنَّ تطور في شخصياتهنَّ؛ لإن الأكاديميات تعتمد على التنظيم، والعمل الجماعي والروح الرفاقية والعمل التشاركي".
وفي ختام حديثها أكدت أمارا بركل أيضاً على أنه بعد خمس سنوات من العمل الدؤوب وصلت النساء إلى مستوى جيد وملحوظ من التطور والوعي، وبات لهنَّ بصمة في كل مكان في الأحزاب، والإدارات والعمل الدبلوماسي والعسكري، "مازلنا نسعى لتحقيق المزيد من النجاحات، فلم نصل إلى المستوى المخطط له بعد، ولذلك نعمل على تكثيف الدورات الفكرية في المؤسسات وإعطاء محاضرات للأهالي في الريف وأحياء المدينة".