ستي روز

شنكال ـ تستمد جميع طقوس ومراسم الديانة الإيزيدية قوتها ومعنوياتها ومعناها من خلق الطبيعة والإنسانية. لذلك، كل تغيير وكل تطور أو تراجع في الطبيعة والماء والهواء، ذات مغزى في الديانة الإيزيدية. ويستند عيد جما على فصول السنة ومن جهة أخرى إلى حماية وتجديد "القباب"، أي الأماكن المقدسة للإيزيديين.

 

ماذا يعني جما؟

وفقاً للعلماء الإيزيديين، فإن كلمة جما تستند إلى أصل كلمة التجمع أو الجماعة. وترجع في الأساس إلى الكلمة العربية "الجماعة"، والتي تعني باللغة الكردية "التجمع" لأنه في هذا اليوم يجتمع الجميع معاً. يُعرف هذا العيد باسم عيد جما على مر التاريخ وحتى اليوم.

يتم الاحتفال بهذا العيد في جميع المعابد الإيزيدية بشكل متسلسل كل أسبوع في قبة. يبدأ الاحتفال بعيد جما في شهر آب/أغسطس وينتهي في تشرين الأول/أكتوبر. يقال إنه تم اختيار هذه الفترة للاحتفال بعيد جما لأن الإيزيديين فيما مضى كانوا ينشغلون جداً بجمع التين والحبوب الصيفية، لذلك بعد جمع التين، كان المجتمع الإيزيدي يستعد لاستقبال هذا العيد.

 

لماذا يستمر هذا العيد كسلسلة لأشهر؟

بسبب الهجمات والمجازر التي كانت تنفذ ضد الإيزيديين، لا توجد معلومات موثوقة حول العديد من الأشياء المتعلقة بالديانة الإيزيدية. كل ما يقال وينفذ في هذا اليوم، تم نقلها من جيل إلى جيل عاماً بعد عام. لذلك، وفقاً للعلماء الإيزيديين، فإنه بسبب الضغط والمجازر والفرمانات التي أرادت تدمير معتقدات جميع الإيزيديين وطقوسهم وعاداتهم، وبسبب الهجمات المستمرة في التاريخ، لم يتمكن المجتمع الإيزيدي من الاحتفال بهذا العيد. ومن أجل حماية أنفسهم وديانتهم عبر التاريخ تقرر أن يحتفل كل شخص في القبة القريبة منه أسبوعاً بعد آخر.

لذلك، يتم اليوم الاحتفال بهذا العيد على مدار يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع في قبة. ويبدأ من قبة شرف الدين ثم الحجالي، وشيشمس وهكذا إلى أن ينتهي في لالش. يستمر الاحتفال بعيد جما في لالش لمدة 7 أيام ويطلق عليه المجتمع الإيزيدي أيضاً الحج.

 

ما هي طقوس هذا العيد؟

في هذا العيد يتم تجديد الستائر، وعلى حد تعبير المجتمع الإيزيدي يتم "تجديد شبابها". تصنع الستائر من القماش الأخضر والأحمر والأصفر والأبيض. تُعلق الستائر داخل القبة ويقوم كل من يزور القبة بتمني أمنية ويعقد عقدة في الستائر.

في اليوم الأول لجما، يجتمع الجميع بملابسهم التقليدية وينهون يومهم بعقد حلقات الدبكة وزيارة القباب. أيضاً، يتم منح الكثير من القرابين في هذا العيد، حيث يجتمع الناس من جميع طبقات المجتمع معاً ويقدمون القرابين. يتم توزيع الطعام على الجميع وتقديم المساعدة للمحتاجين والفقراء.

الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه في اليوم الأول، يتم غسل الستائر بأيدي النساء بالماء من بئر كل قبة، بمعنى آخر يتم "تجديد شبابهن'' وخياطتهن. والأكثر تفضيلاً أن تقوم النساء غير المتزوجات بخياطة الستائر معاً. وهذا يدل أيضاً على أن المرأة رائدة في العقيدة الإيزيدية وفي كل المراسم والطقوس.

وفي اليوم الثاني، تعلق الستائر المجددة حديثاً داخل القبة بدلاً من الستائر القديمة. أولئك الذين يعلقون هذه الستائر هم رجال دين وعلماء المجتمع الإيزيدي. أيضاً يمكن لكل من يرغب بالمشاركة.

يتم الاحتفال بجما كل عام على مدار يومين متتالين من خلال تركيب الستائر، وأيضاً كل 7 أو 8 سنوات يحتفل بعيد جما 7 أيام في أحد القباب، كما يحتفلون لمدة 7 أيام عندما يتم تجديد القبة. بمعنى آخر يتم تجديد الأماكن التي تضررت فيها القبة من الداخل والخارج بمناسبة هذا العيد.

 

بعد 6 سنوات تم الاحتفال بعيد جما في القبة الأزلية

قبة شيشمس المعروفة بالقبة الأزلية، هي واحدة من أقدم القباب الإيزيدية في شنكال. يقال شيشمس كتعريف لـ "إله الشمس". أي أن هذه القبة المقدسة هي قبة "إله الشمس". لذلك، لها أهمية كبيرة في المجتمع الإيزيدي.

مثل كل القباب، تقع هذه القبة في جبال شنكال، في أعلى الجبل حيث تقع هذه القبة يوجد حجر على شكل حصان. يقول قسم من المجتمع الإيزيدي أن هذا الحصان هو شيشمس وأن أولئك الذين يتسلقون ذلك الجبل ويمرون تحت ذلك الحصان ستتحقق كل أمانيهم ورغباتهم.

في عام 2016 تم الاحتفال بعيد جما في هذه القبة. وقال الأشخاص الذين يعتنون بالقبة ويحمونها "بسبب الآلام والمعاناة التي تعرض لها مجتمعنا، لم نحتفل بجما في هذه القبة منذ 6 سنوات. لكن هذا العام قررنا الاحتفال بعيد جما في قبة شيشمس".

عبرت ليلى جعفري التي جاءت من قرية خانسور للاحتفال بعيد جما عن سعادتها أمام قبة شيشمس قائلةً "اليوم نحن سعداء للغاية بالاحتفال بعيد جما في قبتنا. هذه هي طقوسنا وعاداتنا القديمة، فلطالما قمنا بحمايتها وسنحميها دائماً. أهنئ الجميع في هذا العيد".

والجدير بالذكر أن مراسم وطقوس الاحتفال بعيد جما تستمر حتى تشرين الأول/أكتوبر في جميع أنحاء شنكال.