بالرغم من القوانين التي تحظرها... ظاهرة عمالة الأطفال مستمرة في المغرب
بالرغم من التشريعات والقوانين التي تحظر عمالة الأطفال في المغرب، إلا أنها لا تزال مستمرة ويعمل بها أعداد هائلة من الجنسين.
حنان حارت
المغرب ـ أكدت الكاتبة العامة للجمعية المغربية للتضامن مع النساء في وضعية صعبة "إنصاف" أمينة خالد، أن ظاهرة عمالة الأطفال تسيء للمجتمع وتشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل الأطفال.
بالرغم من تراجع عدد الأطفال العاملين في المغرب، إلا أن الظاهرة لا تزال تثير قلق العديد من الهيئات المدنية والاجتماعية، فآخر الإحصائيات الصادرة عن مندوبية التخطيط، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، تؤكد بأن عدد الأطفال العاملين بلغ 127 ألف طفل في عام 2022؛ وهو ما يمثل 1.6% من إجمالي الأطفال البالغ عددهم 7.6 ملايين يتراوح عمرهم ما بين 7 سنوات و17 سنة.
وتشير الأرقام الرسمية ذاتها إلى أن نسبة الأطفال العاملين تبلغ 3.3% في الوسط القروي بما يناهز 104 آلاف طفل، مقابل 0.5% بالوسط الحضري أي 23 ألف طفل، في حين تنتشر الظاهرة بين الذكور أكثر من الإناث، وترتبط غالباً بالانقطاع عن الدراسة، حيث تبين أن 81.5% من الأطفال العاملين هم من الذكور، و91% منهم من بين 15 و17 سنة، ويعيش 82% في المناطق القروية.
وحول هذا الموضوع قالت الكاتبة العامة للجمعية المغربية للتضامن مع النساء في وضعية صعبة "إنصاف" أمينة خالد أن "المغرب سجل تقدماً في مجال مكافحة عمل الأطفال بفضل ما تحقق في مجال تعميم الولوج إلى التمدرس، لكن الظاهرة لا تزال موجودة وهذا الأمر يشكل خطراً على المجتمع ويسيء له، وتشكل تهديداً لسلامة الأطفال".
وأوضحت أن معظم الأطفال الذين يلجون سوق العمل هم من الوسط القروي، حيث تضطر العديد من الأسر إلى حرمان أبنائها من حق الدراسة وترسلهم للعمل، مؤكدةً أن مكان الطفل هو الأسرة والمدرسة "فإرساله للعمل في وقت مبكر هو اغتصاب لطفولته وحرمانه من اللعب ومن حقوقه الأساسية".
وعن أسباب زيادة هذه الظاهرة، قالت إن الفقر يساهم إلى حد كبير في خروج الأطفال إلى العمل، فبعض الأسر المغربية القاطنة في القرى تعتبر أطفالها بمثابة سند يساعدها على تدبير مصاريف الحياة وتحميلهم مسؤولية أكبر من سنهم.
وحول مسؤولية المجتمع المدني في الحد من ظاهرة العمالة أكدت أنه "لا يمكن تحميل المسؤولية للمجتمع المدني لأن دوره يتجلى في إبراز الظاهرة ومواجهتها وكشف النقاب عنها، كما يقدم مقترحات لجعل الظاهرة قضية جوهرية في نضالاته والترافع من أجل مساءلة صناع القرار"، مشيرةً إلى أن إمكانيات المجتمع المدني محدودة وبسيطة، لهذا فمسؤولية حماية الطفولة تقع على عاتق الحكومة والدولة بالدرجة الأولى، مؤكدةً على ضرورة تظافر الجهود وإطلاق مبادرات هادفة للحد من ظاهرة عمالة الأطفال في المجتمع المغربي.
وتحدثت أمينة خالد عن برنامج مناهضة عمل الطفلات الذي تعمل عليه جمعية إنصاف "تمكنا من إبعاد ما يزيد عن 600 طفلة عن العمالة وتواصلنا مع عائلاتهن وقدمنا لهم منحاً مالية بسيطة، لتتمكن بناتهن من إكمال دراستهن، حيث قمنا بمواكبة ذلك، وحالياً هناك فتيات تمكن من متابعة الدراسة في الجامعات، لتمكينهن في بناء مستقبلهن وتحقيق أحلامهن". موضحةً أن هذا البرنامج هدفه مكافحة التسرب المدرسي، وتحسين نظام تتبع التلاميذ المعرضين لخطر التسرب المدرسي.
وحول تمكن القوانين من حماية الأطفال في المغرب، قالت "هناك تشريعات ونصوص تمنع استغلال الأطفال أقل من 18 سنة في العمل أو القيام بأعمال خطيرة، كما أن مدونة الشغل المغربية تنص على أن تشغيل طفل دون سن الخامسة عشرة، ينتهي بمشغل الطفل إلى دفع غرامة مالية، ويمكن أن تصل إلى سجن نافذ من ثلاثة إلى ستة أشهر"، لافتة إلى أنه يجب إعادة النظر في القوانين لتكون رادعة وأكثر صرامة.
وعن الحلول التي تحيل دون عمل الأطفال ووضعهم بمكانهم الطبيعي الذي هو المدرسة أوضحت أنه إلى جانب القوانين الصارمة يجب أن يتم تدريب الأسر، من أجل تعزيز الوعي لديهم بحقوق الأطفال، وتوعيتهم حول الآثار السلبية لعمالة الاطفال، مشددة على ضرورة تقديم دعم للأسر التي تعاني من أوضاع صعبة، من أجل تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، لأن ذلك سيساهم لامحالة في تقليل الضغوط التي تجبر الأسر على تشغيل أطفالها لتحقيق دخل إضافي.