"باب بغداد" مطبخ يقدم الطعام لأكثر من 300 عائلة مجاناً

تأثرت بشخصية والدتها واكتسبت منها حب مساعدة الآخرين، لتقوم اليوم بترك بصمة في المجال الإنساني عبر افتتاح مطبخ "باب بغداد"، والذي يقدم الطعام لأكثر من 300 عائلة محتاجة.

براءة العلي 
الرقة ـ
سعاد محمد (43 عاماً) من مدينة الرقة في شمال وشرق سوريا، بدأت بالعمل في مجال المساعدات الإنسانية منذ أن كانت في الـ13 من العمر، إذ أنها نشأت وترعرعت على حب الخير، فوالدتها ناريمان عبد الله علمتها قيمة تقديم المساعدة للأخرين وأهمية دعم الفقراء والمحتاجين. 
تقول سعاد محمد لوكالتنا "أنا وأمي كنا نجمع الملابس القديمة من المحيطين بنا، ومن ثم نوزعها على من هم بحاجة لها، وكانت أمي تردد دائماً أن علي فعل الخير لأجده، لأن من يزرع شيئاً سيحصده في النهاية".
تأثرت سعاد محمد بشخصية والدتها كثيراً، فقررت أن تواصل طريقها في مساعدة المحتاجين، وبعد أن أصبحت معلمة للأطفال، كان هدفها الأبرز أن ترتقي بالمستقبل عبر إعداد جيل واعي ومثقف، إلا أنه وفي وقت سيطرة مرتزقة داعش على الرقة، أُغلقت جميع المدارس. 
وهذا لم يسمح لها بأن تحيد عن هدفها "لم استسلم رغم ذلك، فجمعت عدداً من الأطفال في منزلي سراً، وبدأت بتعليمهم، وبلغ عدد تلاميذي آنذاك 40 طفلاً منهم 10 أولاد و30 فتاة، حاولت من خلال ذلك انقاذ اكبر عدد ممكن من الغوص في الفكر الرجعي الذي عملت داعش على نشره".  
ولم تنسى سعاد محمد ما كانت تقوم به هي وأمها بجمع الملابس واستمرت بهذا العمل، وانتقلت إلى مجال انساني آخر، وهو افتتاح مشروع خيري لتقديم الطعام للأسر الفقيرة اطلقت عليه اسم "مطبخ باب بغداد" في الثالث من شباط/ فبراير 2021، "جراء الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا في الوقت الراهن، هنالك العديد من العوائل التي لا تستطيع تأمين قوتها اليومي، ولهذا كان لا بد من افتتاح هذا المطبخ".
وتعمل بكل همة عالية ونشاط برفقة 14 متطوعة في تجهيز الطعام وتوزيعه على المستفيدين، وتقول "اننا نقوم بدراسة الوضع المعيشي للعوائل المستفيدة ومن ثم نقدم لهم المساعدة الضرورية بدءاً من الأرامل والمطلقات ووصولاً إلى ذوي الاحتياجات الخاصة".
وفي ساعات الصباح الأولى من كل يوم تقوم سعاد محمد وزميلاتها بتنظيف الخضروات وتحضيرها للطبخ، وفي حال كانت وجبة الطعام بحاجة لوقت طويل من العمل، فإنهن يقمن بإعداد الخضروات قبل يوم من ذلك "يجب علينا أن نساعد الفقراء، لكي تعم الحياة التشاركية بين الناس، ولا يقتصر عملنا على المدينة فقط، فنحن نستقبل المحتاجين من الأرياف ونقدم الطعام  لما يقارب 15 إلى 23 عائلة".
وتشير سعاد محمد إلى أنه يتم التحضير لافتتاح مطبخين في الأرياف باسم مفرق الجزرة ورميلا "نهدف إلى توفير أكبر قدر من الوجبات اليومية للأهالي المحتاجين والنازحين على وجه الخصوص، على أمل أن نحتوي أوسع شريحة ممكنة من المجتمع".  
عائشة علي (50 عاماً) هي إحدى العاملات والمستفيدات من مطبخ باب بغداد، تقول "نبذل الكثير من الجهد لتحضير الطعام لأكثر من 300 أسرة، ونعمل على ادخال الفرح إلى قلوب الأطفال من خلال توزيع الملابس لهم، وذلك بدعم عدد من الأشخاص الخيرين".
عائشة علي أرملة منذ ما يقارب الـ13 عاماً، وتعمل في المطبخ لتساعد أسرة ابنها الذي أصيب بشظية في يده اليمنى عام 2017، أثناء سيطرة مرتزقة داعش على المدينة "كان ابني يعمل خياطاً قبل أن يصاب، إلا أن شلل يده أفقده عمله الذي يعيل من خلال أسرته المكونة من 9 أفراد".
 
وطالبت عائشة جميع من لديه القدرة على تقديم الدعم للفقراء، ولا سيما في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وارتفاع الأسعار "علينا أن نساهم قدر استطاعتنا في رسم البسمة على وجوه المحتاجين".
أما سجى محمد (30 عاماً) أم لخمس أطفال، تطوعت في مطبخ باب بغداد من أجل مساعدة الناس، وتقول "من لا يستطيع تقديم الدعم المادي، فهو بالتأكيد قادر على المساعدة ولو بالقليل".
وأمل أحمد (35 عاماً) أم لتسعة أطفال، توفى زوجها في نهاية 2017، في انفجار لغم، توجهت للعمل في مطبخ باب بغداد، وتقول أن هذه الحرب دمرت البلاد وشردت العديد من الأهالي، ولأنها باتت بحاجة إلى أن تعتمد على نفسها لتأمين الطعام لأطفالها الأيتام، فقررت المساعدة وليس فقط الاستفادة.
ودعت جميع النساء اللواتي فقدن أزواجهن بعدم الاستسلام، والعمل من أجل تأمين متطلبات الحياة "الأمهات هن قدوة أطفالهن، لهذا عليهن أن يعلمنهم أن لا يعتمدوا على أحد، وأن يسلكوا طرقاً نزيهة لتأمين لقمة العيش".