إيزيديات تطالبن بمحاكمة داعش وفتح المقابر الجماعية

مع اقتراب الذكرى السنوية للإبادة الجماعية بحق الإيزيديين في شنكال، طالبت الإيزيديات بفتح هذه المقابر، والمشاركة في محاكمة داعش.

ستي روز

شنكال ـ مرت تسع سنوات ولا تزال المقابر التي خلفتها الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين في شنكال بإقليم كردستان، تنتظر أن يتم فتحها، هذه المقابر الجماعية التي تم إنشاؤها في القرى هي مجاورة لسكان القرية في أحيائهم ومرافق لهم على طول مسارات الطريق، وهذا الوضع يخلق صدمة عميقة لدى الشعب.

في آب/أغسطس 2014، وقعت الإبادة الجماعية الـ 74 بحق الإيزيديين، ولا تزال آثارها التي خلفت وراءها حية في شنكال وقراها حتى يومنا الراهن، والمقابر الجماعية هي أكبر هذه الآثار، وطالبت الإيزيديات بفتح المقابر.

 

المشنقة والمقابر الجماعية

قاوم أهالي قرية سيبا شيخ خضر داعش وعرفوا كيف يحمون قريتهم، ونتيجة لذلك، سقط عدد قليل جداً منهم في أيدي داعش، وقاوموا وقاتلوا حتى نفذت ذخيرتهم، وعند انطلاقهم عزل بلا أي أداة للدفاع للوصول إلى عائلاتهم، قتلوا وسط القرية.

قام داعش بإنشاء ثلاثة مقابر جماعية في وسط القرية وواحدة عند المدخل، كما قام بعمل عشرات القبور الفردية، وبالإضافة إلى هذه هناك المشانق التي نصبها داعش واحدة عند مفترق الطرق التي تقسم القرية إلى قسمين، وثلاثة قبور جماعية كبيرة ومشنقة توجد بمحاذاتها في وسط القرية كلوحة عن الفرمان.

 

89 مقبرة جماعية والآلاف من المفقودين

يوجد 89 مقبرة جماعية في شنكال أنشأها داعش، على الرغم من مرور تسع سنوات على الإبادة الجماعية، تم فتح 39 منها فقط، و50 منها لا يزالون ينتظرون فتحها، عُثر على جثث 700 شخص بداخلها، وتم التعرف على 201 منهم، ولا يزال العديد منهم ينتظرون اختبارات الحمض النووي في بغداد، هل يمكن أن يكون هناك نهج مثل هذه اللا مبالاة.

وأنشأت معظم المقابر الجماعية عند المدخل أو في وسط القرى، وبعضها في حدائق المنازل، كما وأحرق عدد قليل منها داخل المنازل، ولا تزال هذه الآثار حية في أنحاء عديدة من شنكال، كل قرية تقوم بزيارتها تستقبلك بمقابرها الجماعية أولاً، حيث من المستحيل ألا تراها ولا أن تشعر بها، أن أبواب العديد من المنازل تنظر مباشرة إلى هذه المقابر الجماعية، ونصفهم جيران المقابر الجماعية.

 

"سلمونا عظام موتانا بوضعها في أكياس قمامة"

تحدثت وضحة ميراد عن قصة المقابر الجماعية في قرية سيبا "لقد مرت تسع سنوات منذ وقوع الفرمان، لكن آثار الفرمان ومخلفاته لا تزال حية في جميع أنحاء القرى في شنكال، لم يقم أي أحد بفعل أي شيء من أجلنا، ولا تزال عائلات العديد ممن دفنوا في المقبرة الجماعية غير قادرين على العودة إلى شنكال بسبب آلامهم وحزنهم، كما ويطلب من بعض العائلات دفع نقود لفتح مقابر جماعية ولا تكفي إمكانيات العائلات المادية لتغطية تكلفة ذلك".

وأضافت "لقد تركت مقابرنا الجماعية في مكانها كما لو كانت مصيرنا، وخاصة في سيبا لا أحد على استعداد لفتح المقابر الجماعية، في كل مرة نمر فيها من هنا، نتذكر تلك الأيام ونعود بذاكرتنا لنقطة الألم تلك، ونشعر بداخلنا وكأننا نعيش من جديد الصدمة التي مررنا بها منذ تسع سنوات".

وأشارت إلى أنه "لقد قاموا بفتح بعض المقابر الجماعية في شنكال وأخذوا العظام التي أخرجوها إلى بغداد، ثم اتصلوا بتلك العائلات وقالوا لهم "أحضروا تابوتاً لعظام موتاكم وتعالوا إلى هنا لتأخذوا عظامهم"، تعيش العديد من العائلات في أوضاع سيئة للغاية لدرجة أنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة التوابيت، وتم تسليم عظام من لم يأخذ التابوت معه في الولاية بوضعها في أكياس قمامة، لا نستحق ما حصل لنا، فعلى الأقل كان يجب عليهم القيام بتسليم موتانا المدفونين في المقابر الجماعية بالشكل الذي يليق بهم".

لقد جرت محاولات لفرض الإبادة العرقية على الكرد والمجتمع الإيزيدي كقدر لهم، لقد رأينا عظام أطفال تسلم إلى عائلاتهم في أكياس شحن في تركيا، وهكذا يكشف الوجه الحقيقي للإبادة الجماعية، هناك عظام العشرات أو حتى المئات من الأطفال المتناثرة على حفنة من التراب ووضعت في أكياس القمامة وأعطيت لهم، والحكومة العراقية لم تتأخر في فتح المقابر الجماعية فحسب، بل أبدت أيضاً عدم احترام كبير للعائلات، أثناء قيامها بتسليم رفات الضحايا.

وعن ما شهدته من الوحشية التي لم يكن لها مثيل في العصور الوسطى، تقول وضحة ميراد "شاهدنا المقابر الجماعية التي تم إنشائها، لقد قاوم أبنائنا وأزواجنا في مواقعهم، ثم قام داعش بصفهم على طول الطريق، وأداروا  ظهورهم الجدار، وقاموا بإطلاق النار عليهم، ولم يكتفوا بكل هذا، فقاموا بنصب مشانق في القرية لا يزال الحبل الذي علقوه على العمود موجوداً حتى اليوم، لقد كان هناك ثلاثة مشانق، قاموا بتفكيك اثنين منهم، وظلت واحدة قائمة، فبعد قيامهم بشنق الأشخاص كانوا يقومون بحملهم بالمجرفة ووضعهم في الحفر التي كانت قد جهزت لتكون مقابر جماعية، كما كانوا يدفنون الأهالي أحياء في بعض المقابر الجماعية الموجودة في شنكال".

وأضافت "لن ننسى هذا الفرمان، ولكن لا ينبغي عليهم تذكيرنا بتفاصيل الفرمان باستمرار والألم الذي عانينا منه، أصبحت هذه المقابر الجماعية جيرانا لنا، ما مدى صعوبته على الأم التي فقدت طفلها، إنه شعور صعب ومؤلم للغاية أن تجلس أمام منزلها كل يوم وهي تعتقد بأن ابنها قد يكون في المقبرة الجماعية التي أمامها، ما زلت لا أفهم كيف تمكنا من البقاء صامدين على هذا النحو حتى الآن، نعيش دائماً مع الموتى، نريد التمسك بالحياة من جديد، ولكن من الصعب القيام بذلك عندما يكون جيراننا الموتى، لا نعلم بالضبط عدد الأشخاص الموجودين في المقابر الجماعية ومن هم في المقابر الجماعية لكن ما نراه ونتوقعه قد يكون 150 شخصاً".

 

"نطالب بأن يتم فتح المقابر الجماعية"

وأشارت وضحة ميراد إلى أنه "كل ما نريده هو فتح هذه المقابر الجماعية، الحكومة العراقية تقول إنها مسؤولة تجاهنا، ولكن المسؤولية تجاه الإيزيديين، تعبر أولاً وقبل كل شيء، القيام بفتح المقابر الجماعية، إنهم يخدعوننا باستمرار بشأن هذا الأمر، ليقوموا لنا بفتح مقابرنا الجماعية، ولا نريد أي شيء آخر منهم، وبخلاف ذلك، يمكننا الوقوف من جديد على أقدامنا ولسنا بحاجة إلى أحد".

ولفتت إلى أنه "في ذكرى الفرمان من كل عام، نجتمع معاً حول المقابر الجماعية، ونضيء النيران، ونضع الورود عليها، نقوم بالدعاء ونطلب من العالم أن يفتحوا هذه المقابر الجماعية، أننا نقوم بهذه الطقوس منذ سنوات".

بعبارة "يجب محاسبة داعش وحلفائه الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية"، عبرت عن غضبها قائلة "يجب عليهم تسليمهم لنا وسنفعل بهم مثل ما فعلوه بنا، بالأساس يجب علينا نحن أن نحكم عليهم، كان ينبغي أن يحاكموا منذ زمن بعيد، أن ما حدث لنا لم يُنسى ولا بد من محاسبتهم على هذا عليهم أن يدفعوا الثمن، في الماضي لم تكن النساء تقاتلن، لكن الآن يمكن للمرأة الإيزيدية القتال أيضاً، لدينا الآن وحدات المرأة الشنكالية YJŞ، وتعلمت العديد من النساء استخدام الأسلحة، لقد تمكننا من بناء قوة يمكنها محاربة داعش في كل ساحة، نحن الأمهات الإيزيديات نريد المشاركة في محاكمة داعش".

والجدير بالذكر أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أعلنت عن محاكمة مرتزقة داعش المعتقلين، وتنتظر وضحة ميراد والعشرات من النساء الإيزيديات هذه المحاكمة.