إيران... نساء البلوش تعانين من نقص المرافق التعليمية والصحية
تعاني النساء في محافظة سيستان ـ بلوشستان بإيران، من صعوبات عديدة والتي تتمثل بنقص المرافق التعليمية، والمشاكل الصحية والطبية، العنف الأسري، القضايا الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
زهراء رشيدي
زاهدان ـ بحسب آخر التقارير، فإن وضع المرأة في محافظة سيستان ـ بلوشستان أسوأ بكثير من وضع المرأة في المدن الأخرى، من حيث عدد النساء اللواتي يلدن قبل سن 18 عاماً، وأقل قدرة على الوصول إلى وسائل الإعلام، انخفاض مستوى الوعي حول الوقاية من الإيدز، أعلى نسبة أمية، وانخفاض مستوى استخدام وسائل منع الحمل وارتفاع معدل وفيات حديثي الولادة والأمهات.
بحسب نائب رئيس جامعة الطب في زاهدان مهدي طباطبائي، فإن معدل وفيات الأمهات والأطفال أثناء الولادة في محافظة سيستان ـ بلوشستان يبلغ ثلاثة أضعاف المتوسط في إيران بأكملها، وعلى الرغم من وعود وزارة الصحة تنفيذ خطة التحول الصحي، لا تزال حالات وفيات الأمهات وحديثي الولادة على حالها، وهي إحدى المشاكل الأساسية في أفقر مقاطعة بإيران.
وإحدى المتغيرات التي لها تأثير مباشر على زيادة وفيات حديثي الولادة والأمهات هو انخفاض مستوى مؤشرات الصحة والنظافة والحصول على هذه الخدمات في سيستان ـ بلوشستان، ونظراً لحجم المحافظة، فإن مستوى الوصول إلى الخدمات الصحية والطبية وتوفيرها للنساء يواجه مشكلة، وخاصة النساء اللواتي تعشن في القرية أو في ضواحي المدينة.
وبحسب التقارير الميدانية للنساء في منطقة شيراباد بمدينة زاهدان، لا يوجد سوى مشفى واحد يقدم الخدمات المجانية للنساء الحوامل، إلا أنه يصعب الوصول إليه لبعده عن المدينة، أي أن إمكانية وصول المرأة إلى المراكز الصحية منخفضة، وبالنظر إلى أن هذه المنطقة يبلغ عدد سكانها أكثر من 30 ألف نسمة، فلا يوجد مشفى للولادة هناك، ويستحيل على النساء الحوامل السفر إلى مدينة أخرى، فإن العديد من الأمهات اللواتي تعشن في قرى المحافظة تلدن في نفس القرى، أو تمتن وهن تلدن.
وأوضحت مهناز ريكي النساء في هيمات آباد وشيراباد تواجهن صعوبة في التوجه إلى مشفى أمير المؤمنين خاصة إن لم تكن لديهن وسيلة نقل، مشيرات إلى أن معظم الحوامل تلدن في منازلهن لعدم وجود وسيلة تقلهن إلى المشفى لإجراء الفحوصات الدورية أو أثناء المخاض.
ولفتت إلى أن إمكانية حدوث ولادة مبكرة لدى الحوامل في تلك المنطقة لأن دائرة الصحة لا تعتني بهن "للأسف إحدى النساء الحوامل ذهبت إلى دائرة الصحة ومنحتهم الفحوصات التي أجرتها، إلا أنهم لم يخبروها أن درجة الالتهابات لديها كبيرة، ولم يصفوا لها أي أدوية ليتم معالجتها، حتى أنهم لم يحذروها ويقولوا لها أنها مصابة بمرض السكري، وهو ما أدى إلى فقدانها لطفلها بعد ثلاثة أيام.
وأشارت إلى أن ظروف الولادة أصعب بكثير بالنسبة للنساء اللواتي لا تملكن وثائق وبطاقات هوية "بالرغم من قلة عدد المشافي الخاصة بأمراض النساء والولادة، لا يوجد اهتمام بالنساء في مشفى أمير المؤمنين أنهم يعاملون الحوامل بقلة احترام، على سبيل المثال كانت هناك امرأة استعصت عليها الولادة، وبعد إنجاب طفلها حدث لديها نزيف، لقد قالوا أنه عليها أن تذهب إلى غرفة العمليات وتزيل رحمها دون الالتفات إلى أن المشكلة قد يكون من السهل معالجتها، ولا تحتاج لعملية جراحية على الإطلاق"، وأكدت على أن الكثير من النساء تضطررن للولادة في المراكز الصحية بسبب ارتفاع تكاليف المشفى.
من جانبها تقول مهرى منيري وهي من أهالي منطقة شيراباد، أن النساء الغير مسجلات في الدوائر تعانين من ظروف صعبة، وأن الكثير منهم تضطررن للولادة في المنزل بسبب بعد المشفى.
وأضافت "كانت هناك امرأة مضى على موعد ولادتها أسبوع ثم ذهبت إلى المركز الصحي، ليقول لها الكادر الطبي هناك، أن موعد ولادتها قد فات وعليها الذهاب إلى المشفى لأنها لا تمتلك شهادة طبية، وعند توجهها إلى المشفى طلب منها دفع 5 ملايين تومان ليتم توليدها، ولإجراء العملية القيصرية يجب دفع 7 ملايين تومان، لذا كان عليها أن تعود إلى منزلها وتتحمل آلام المخاض لمدة ثلاثة أو أربعة أيام وتقترض المال ليكون بإمكانها الذهاب إلى المشفى، لتجري في النهاية عملية قيصرية لأنها كانت تعاني من صغر الحوض".
ووفقاً للتقارير، هناك نقص في معدات المستشفيات الضرورية في منطقتي سراوان وتشابهار، كما أن النقص الحاد في جناح الولادة يجعل النساء الحوامل تضطررن إلى السفر مسافة تتراوح بين 400 ـ 500 كيلومتر للوصول إلى مشفى الولادة، وغالباً ما تفقد النساء حياتهن بسبب المسافة الطويلة، كما أنه بحسب الإحصائيات الرسمية، تمت 18 حالة ولادة في سيارة الإسعاف.
وهناك مشكلة أخرى تغذي الزيادة في وفيات الأمهات وحديثي الولادة وهي نقص الأطباء والمتخصصين في هذه المحافظة، لذلك يضطر معظم البلوشيات السفر إلى مدن أخرى لتلقي العلاج، وهو ما لا ينطبق على الولادة، وللأسف يموت العديد من الأطفال بطرق مختلفة أثناء الولادة.
والمشاكل الصحية والعلاجية للمرأة البلوشية لا تنتهي هنا، فالظروف قبل وأثناء وبعد الولادة تؤثر بالتأكيد على صحة الأم والطفل. العديد من الخدمات الصحية والتعليمية ورعاية ما قبل الحمل مثل تحديد النساء اللواتي يشكل الحمل خطراً عليهن، وتشخيص وعلاج أمراض الأمهات ومكافحتها؛ إجراء اختبارات الفحص أثناء الحمل مثل اختبارات الموجات فوق الصوتية واختبارات الدم. لا تتوفر الفحوصات السريرية مثل العلامات الحيوية ووصف المكملات الطبية وغيرها للنساء في معظم مناطق ومدن محافظة سيستان ـ بلوشستان، مما يزيد من الولادات عالية الخطورة التي تؤدي إلى وفاة الأمهات ويؤثر على ولادة الأطفال بإعاقات جسدية وعقلية.