إيران... برغم القيود المتشددة نساء تعملن في مقاهي
استطاعت النساء والفتيات في مدينة كرج تحدي الذهنية الذكورية والقيود والخروج للعمل في الأماكن العامة كالمقاهي التي كانت تحت سيطرة الرجال، بعد أن منعن من العمل فيها تحت غطاء العادات والتقاليد.
سارة زارع
كرج ـ كانت الأماكن العامة مثل المقاهي للرجال فقط، وحرمت هذه الأماكن على النساء، هذا الغياب التاريخي للمرأة لا يقتصر على ذلك فحسب، بل يشمل الحياة الاجتماعية بأكملها والمجال العام.
كانت الأماكن العامة مثل المقاهي في المدن الإيرانية محتلة دائماً من قبل الرجال، ومُنعت النساء من المشاركة فيها، لكن في الوقت الحاضر ومع تشكيل مساحات حضرية جديدة ودخول المرأة إلى الساحات العامة، تم تحدي النظام القديم بالكامل، والآن لم تخرج هذه الأماكن عن سيطرة الرجال فحسب، بل أن عدد النساء اللواتي تعملن فيها أصبح يفوق عدد الرجال.
وتعتبر المقاهي واحدة من هذه الأماكن وأصبحت مكاناً للاستراحة واللقاءات الودية، وأكثر الأشخاص الذين يذهبون إليها من الشباب، كما أنه إضافة إلى الشباب الذين يعملون في هذا المقاهي هناك نسبة من الفتيات، وأغلبهن من الطلاب "في الواقع ينبغي القول أن احتلال هذه المساحات من قبل النساء هو رمز للتغيرات الاجتماعية التي ظهرت في العقود القليلة الماضية، أو بطريقة مجازية أكثر يجب أن يُنظر إليها على أنها غزو لإحدى القلاع الرمزية للنظام الأبوي القديم على أيدي نساء اليوم".
تقول (فاطمة. س) البالغة من العمر 21عاماً وطالبة في السنة الثالثة "أعمل في المقهى منذ أكثر من سبعة أشهر، أحب عملي وهو مناسب لي كطالب، بالطبع كانت عائلتي تعارض بشدة عملي في مقهى لم تكن لديهم الفكرة الصحيحة عن مكان مثل المقهى على الإطلاق، وفي نظرهم أن أولئك الذين يذهبون إلى المقهى والذين يعملون هناك هم أشخاص لديهم مشاكل أخلاقية، وبطبيعة الحال هذا لا يقتصر على عائلتي فقط بل أن العديد من العائلات التقليدية لديها الرأي ذاته، في البداية حاولت تغيير رأيهم لكن عندما أدركت أن ذلك غير ممكن وقفت بحزم شديد وفي النهاية قبلوا هذا الأمر".
ولفتت إلى أن هناك قيود في بعض الأحيان والتي تسبب مشاكل كبيرة "على سبيل المثال خلال الأشهر السبعة التي عملت فيها هنا قاموا بإغلاق المقهى مرتين ولمنع حدوث ذلك مرة أخرى، يتعين علينا ملاحظة بعض الأشياء أثناء عملنا وفي بعض الأحيان يجب أن نخبر المسؤولين عنا بكل شيء. ومن ناحية أخرى نعاني أيضاً من الدوريات التي تأتي كل فترة، وكل ما جاءت نقول أننا سنبقى بدون عمل".
من جانبها قالت (سيلوانا. م) البالغة من العمر 20 عاماً وطالبة في السنة الثانية "أعمل في المقهى منذ قرابة عام أنا أيضاً أحب عملي، بصراحة لم تكن لدى عائلتي أي مشكلة في عملي، والدتي هي من شجعتني، لأنها تعمل بنفسها وتشجعني أنا وأصدقائي على العمل، وترى أن الفتاة يجب أن تتعلم الوقوف على قدميها منذ الصغر لأن الطريقة الوحيدة لاستقلال المرأة هي العمل"، مؤكدةً أنه لا ينبغي للمرأة أن تعتمد على أسرتها، بل يجب عليها أن تستقل مادياً".
وأشارت إلى أن الأجواء في المقهى أكثر انفتاحاً وحرية من العديد من الأماكن الأخرى، من خلال إقامة علاقات اجتماعية مختلفة والتعرف على أشخاص مختلفين، تتشكل صداقات صادقة جداً في مثل هذه الأماكن، العاملين في المقاهي عادة يكونون متعلمين وطلاب، لذلك تجري فيها العديد من النقاشات ويمكن للمرء أن يتعلم من خلالها العديد من الأمور".
وأوضحت أنه "على سبيل المثال المقهى الذي أعمل فيه أقرب إلى مقهى فني وعادة ما يكون الأشخاص الذين يرتادونه أيضاً من الطلاب، أنا نفسي طالبة فنون تضاعف هذه المساحة الفنية سحر لبيئة المقهى بالإضافة إلى ذلك، فإن العمل نفسه يجعل لديك المزيد من الحرية، وعادةً ما تكون روح التعاون بين العاملين في المقهى عالية، لافتةً إلى أن أجواء المقهى رائعة للغاية مقارنة بالعديد من أماكن العمل الأخرى، سواء من حيث التصميم الداخلي للديكور والإضاءة والموسيقى كلها أمور تجعل هذا العمل أكثر جاذبية للشباب".