أثناء تحليق الطائرات المسيرة فوق رأسها تحفر نورا أحمد قبواً تحت الأرض لحماية أطفالها

كانت المنطقة الواقعة ما بين النهرين (بلاد الرافدين) أي مناطق شمال وشرق سوريا، مسرحاً للحروب والصراعات منذ عهد النظامين الفرنسي والسوري

تحفر نورا شيخموس أحمد من سكان قرية باب الخير في ناحية تل تمر بشمال وشرق سوريا قبواً لحماية أطفالها أثناء تحليق طائرات الاحتلال التركي. مبينةً أنهم ينظمون أنفسهم وفقاً لحرب الشعب الثورية ويقولون للمحتل التركي ومرتزقته "إذا كنتم تريدون اقتلاع جذورنا فلا تنسوا أننا بذور وننمو في كل مكان". 
 
سوركل شيخو
الحسكة - . وكان الهدف هو الاستيلاء على ثراء هذه الأرض، والقضاء على تنوع دياناتها ومذاهبها، وتنفيذ مخططاتهم بدلاً من ذلك. بدأت تركيا بتقسيم وتجزئة الأراضي السورية منذ شهر حزيران/يونيو عام 2016، ولا تزال مستمرة في مخططاتها الاستعمارية بالتعاون مع الدول المهيمنة. وناحية تل تمر وريفها من المناطق التي تستهدف من قبل طائرات ومدفعية الاحتلال التركي. 
هناك أكثر من أربعة جيوش بما في ذلك قوات محلية ودولية، تحاول السيطرة على منطقة تل تمر المعروفة باسم "سوريا الصغرى". في قرى تل تمر التي تتعرض للقصف كل بضعة أيام ويتم استهداف المدنيين، يبتكر مواطنوها طرق ووسائل لحماية أنفسهم من هجوم وقذائف الغزاة. حيث توحد المدنيون مع مقاتليهم وأصبحوا يكملون بعضهم البعض من حيث الحماية والدفاع أيضاً. وفي خضم الحرب، يتطور ابتكار طرق ووسائل الحماية بين المدنيين الريفيين في منطقة تل تمر وينتشر في القرى والأرياف الأخرى. وتستمر أعمال حفر الأقبية في قرية باب الخير الواقعة شمال ناحية تل تمر وعلى طريق تل تمر - زركان التابع لمقاطعة الحسكة شمال وشرق سوريا والواقعة على خط النار. فقد بدأ المواطنون في بناء الأقبية تحت الأرض منذ فصل الصيف. نورا شيخموس أحمد هي إحدى نساء القرية اللاتي بدأن العمل بحفر قبو تحت الأرض لحماية أطفالها. قمنا بزيارة منزلها لمعرفة المزيد عن وضع ومحنة عائلتها. 
 
"رغم برد الشتاء نبني ملجأ للحماية"
قالت نورا شيخموس أحمد إنهم يعيشون في هذا الوضع منذ ثلاثة أعوام "منذ ثلاث سنوات ونحن نتعرض للهجمات والقصف من قبل المحتل التركي ومرتزقته، وأغلبية القذائف المدفعية التي تصل إلى قريتنا وقرية هبوش، تأتي من ثكنة الهوى للمحتل والتي تقع على بعد بضعة كيلومترات فقط من غرب القرية. تستهدف الهجمات المدنيين في الغالب، ودمرت العديد من منازلهم وممتلكاتهم وألحقت أضراراً جسيمة بهم. مرة أخرى قبل أيام قليلة تعرضت قريتنا والمنطقة المحيطة بها لقصف مدفعي، وهرب المدنيون مرة أخرى إلى البرية وناموا في الحقول تلك الليلة تحت المطر وبرد الشتاء القارس. في كثير من الأحيان عندما يبدأ القصف ويستمر، لا يمكننا الخروج من المنزل ولو خطوة واحدة أو الذهاب إلى تل تمر لشراء الخضار من السوق. ولهذا السبب نزرع الخضار في الفناء الخلفي لمنزلنا. المياه الحلوة لا تمر عبر القرية لذلك نسقي حدائقنا بالمياه المالحة. منذ اقتراب المحتل لم يتم حل مشاكل الكهرباء والماء أيضاً. جاءت هيئة الطاقة ثلاثة مرات وأصلحت أعطال الكهرباء ولكن منذ عام نحن بدون ضوء وليالينا مظلمة. المحتلون يستهدفون الكهرباء أيضاً". 
 
"حفرنا الأقبية تحت القصف"
أوضحت نورا شيخموس أحمد أنهم ابتكروا طريقة لحماية أنفسهم من القصف الغزاة، وأضافت "لم يعد هناك سبيل للبقاء في الحقول والنوم تحت المطر في الشتاء وفي حرارة الصيف، ولكي نبتكر ونبني طريقة جديدة لا تعتمد على الخروج من المنزل قمنا بحفر الأقبية تحت الأرض. يتكون القبو من حفرة يبلغ طولها 3 أمتار وعرضها مترين. وتم صقل الجدار الداخلي بالتراب. استغرق حفره أسبوعاً، حيث حفرنا نحن والعمال القبو بالمجرفة والإزميل. ومما يجدر التذكير به أنه تم حفر القبو في ظل تحليق الطائرات المسيرة وقصف القرى. ورغم الخطر واصلنا الحفر وأنهينا بناء القبو". 
 
"طرق جديدة للحماية يجري تطويرها في المنطقة"
أشارت نورا شيخموس أحمد إلى أن هذه الطريقة التي تطورت لتوها في المنطقة تنتشر الآن إلى قرى أخرى، "بعد أن بدأنا من منزلنا، بدأت القرى المحيطة بنا أيضاً ببناء الأقبية التحتية. فالنظام السوري أيضاً يلحق أضراراً بمنازل المدنيين، لذا بدأ المدنيين في حفر الأقبية تحت الأرض للبقاء في منازلهم وحماية أنفسهم من قصف العدو. ونحن ككرد يعيشون على طول هذا الخط، بدأنا أولاً في بناء الأقبية تحت الأرض. بعدها بدأت في قرى أخرى وخاصة من قبل عائلاتنا العربية وتتطور يوماً بعد يوم. القبو يشبه الجدار الذي يمكننا الاعتماد عليه والاحتماء به. في كثير من الأحيان نأكل وننام في القبو أثناء القصف".
ولفتت نورا شيخموس الانتباه إلى دور القوات الضامنة الروسية والأمريكية في المنطقة "روسيا والولايات المتحدة الأمريكية فشلا في أداء واجبهما بوقف المحتلين عن القصف. حتى بعد انتهاء القصف وتعرض المدنيين للأذى، لا تأتي القوتان اللتان تتظاهران بأنهما ضامنتان ولا تتفقدان أوضاع وحالة المدنيين ولا تسألان عما إذا كان قد حدث لهم شيء أم لا. لكننا لا نثق بهم، نحن نثق بأنفسنا وبمقاتلينا، لأن مقاتلينا هم القوة التي ستحمينا. نحن ومقاتلينا نستمد القوة من بعضنا البعض".
 
"يريدون اقتلاع جذورنا، لكن ينسون أننا بذور"
ذكرت نورا شيخموس أحمد هدف المحتلين وشددت على أهمية صمودهم في وجه تلك الاهداف "أعداؤنا أرادوا إخلاء قرانا من خلال القصف والحرب الخاصة، لكن لم نخف من قصفهم ولا طائراتهم. أرادوا اقتلاع جذورنا، لكن المرتزقة والمحتل التركي نسوا أننا بذور وننمو في كل مكان. نحن من هنا وسنبقى هنا. لن تستطيع أي قوة إخراجنا من أرض أجدادنا. حتى الآن لا تزال ذكريات أجدادنا موجودة في كل ركن من أركان القرية، لذلك سندافع عن هذه الأرض ضد كل الهجمات التي تحدث. مهما حدث نحن مستعدون للعيش على أرض الكرامة هذه حتى النهاية. حتى إن بنيت لنا القصور فلن نغادر هذه الأرض".
 
"ابنوا الأقبية"
ختمت نورا شيخموس أحمد حديثها بالقول "نحن ثوريون، وننظم أنفسنا وفقاً لثوريتنا. نحن مستعدون للبقاء هنا حتى آخر يوم في عمرنا. إما أن نعيش حياة حرة أو نموت بكرامة. الموت بكرامة هنا، أفضل من أن نهلك على حدود الدول. نحن كمدنيين نستمد القوة من وجود بعضنا البعض. يجب على المدنيين على طول خط النار من تل تمر إلى عين عيسى، وكوباني ومدن أخرى، بناء أقبية تحت الأرض وحماية أطفالهم. إنه الحل الأفضل والأمثل".
 
https://www.youtube.com/watch?v=O6m1m91cpAQ