أطفال المخيمات محرومون من اللعب
حياة المخيمات وازدحامها والضغط السكاني مع عدم وجود بيئة آمنة وحدائق أو متنفس للأطفال هي حياة حرمان يصعب العيش فيها وخاصة بالنسبة للأطفال الذين لا يجدون أمامهم سوى الشوارع والأزقة للعب والتعرض للمخاطر.
هديل العمر
إدلب ـ يتجه أطفال مخيمات إدلب إلى اللعب بالأزقة الضيقة بين الخيام أو الشوارع الزفتية القريبة من المخيمات التي يعيشون فيها والتي لا تكاد تخلو من السيارات المسرعة، ما يعرضهم لمخاطر الدهس في ظل عدم وجود حدائق وأمكنة خاصة بهم في المخيمات يمكن الخروج إليها واللعب بحرية تعبيراً عن طفولة طبيعية بلا عقد ولا حرمان.
لا يملك الأطفال الذين يعيشون في مخيمات شمال إدلب إمكانية القيام بأي من الأنشطة الترفيهية كلعب كرة القدم أو الوصول لصالات الألعاب أو الالتحاق بنوادي أو مسارح أو ملاعب أو حدائق، فالأمر يحتاج إلى إمكانيات مادية ومساحات لإقامة تلك الفعاليات في الوقت الذي تضيق فيه المخيمات بسكانها.
لا تنفك النازحة سلوى البراعمي (29) عاماً، أن تعيد ابنها مصعب البالغ من العمر خمس سنوات إلى الخيمة كلما خرج منها للعب في الخارج، خوفاً عليه من الدهس أو الضياع، وتقول إنها تواجه صعوبة في منع طفلها من الخروج وخاصة وأنه يبكي ويشعر بالملل طوال الوقت وبحاجة للخروج واللعب وهو حقه الطبيعي ولكن عدم وجود مكان مخصص للعب الأطفال في المخيم يحرم طفلها وغيره من التمتع بطفولته.
وتضيف أنه من حق أطفال المخيمات اللعب في حدائق ومتنزهات تتسع لمخيلاتهم، ولا تضيق بشغبهم وصياحهم، وتكون آمنة عليهم ولا تعرضهم للمخاطر.
وأشارت أن النازحين في المخيم يواجهون شتى أشكال الإهمال والتهميش، حيث يقيمون في مخيمات تخلو من أي حياة وحتى الأطفال نالوا ما نالوه من ظلم التهجير الذي بلغ حد منعهم حتى من الخروج واللعب كسائر أطفال العالم.
أما نجوى العلام (32) عاماً فتذكر الجهات المعنية بضرورة إيجاد الدعم اللازم من أجل توفير ولو حديقة صغيرة لكل مخيم تكون "متنفس للأطفال لضمان حمايتهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية باللعب والشعور بالأمان، وتشكل ملتقى لأطفال المخيم من أجل اللعب وممارسة النشاطات المتنوعة والخروج من سجن الخيام والشوارع الترابية والطينية".
وتقول إنها لا تكاد تسمح لأطفالها الثلاثة بالخروج للعب خارج الخيمة حتى يعودوا ملطخين بالطين والوحل، جراء الطرق الوعرة التي تتفرع منها شوارع المخيم والتي تمتلئ بالمياه بعد كل منخفض جوي ماطر ما يعرض أطفالها للمرض والبرد جراء البلل وخاصة وأنهم ما زالوا في أواخر فصل الشتاء.
وأوضحت "الخيمة ضيقة مزدحمة، والشارع ضيق مزدحم، والمدرسة ضيقة مزدحمة، وكل ما في المخيمات ضيق ومزدحم، فليتخيل المرء أي حياة يعيشها الأطفال هنا".
وشددت على ضرورة وجود الحدائق العامة في كل مخيم ورصد المخصصات اللازمة لها، لما توفره تلك الحدائق من متنفس ليس للأطفال فقط وإنما لساكني المخيمات أيضاً الذين يمكنهم الخروج من سقم الخيام إلى مكان نظيف ومنظر يريح النفس ولو قليلاً.
من جهتها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية لمى الحاج بكر، إن اللعب يشكل جزءاً مهماً لنمو الطفل الصحي، فمن خلال اللعب يعبر الطفل عن مشاعره، ويطرح الأسئلة، ويتواصل مع بيئته ويتعلم عن الحياة، واللعب أداة يستوعب ويفهم الطفل من خلالها تجاربه عن طريق استخدام خياله بنشاط، كما يسمح بتنمية حب الاستطلاع ومهارات التعلم.
ووصفت حياة المخيمات وازدحامها والضغط السكاني مع عدم وجود بيئة آمنة وحدائق أو متنفس للأطفال يستوعب أعدادهم، بحياة الحرمان التي يصعب العيش فيها وخاصة بالنسبة للأطفال الذين لا يجدون أمامهم سوى الشوارع والأزقة التي تكمن فيها الكثير من المخاطر لاسيما الضياع والدهس والتعرض لحوادث الكسور والسقوط في الحفر التي تملأ المخيمات ومخاطر السقوط في الصرف الصحي المكشوف أو الآبار المكشوفة، "مما يجعل هؤلاء الاطفال يعيشون طفولة بائسة بعيداً عن حديقة تتسع لطفولتهم ونشاطهم وتنقذهم من الكآبة والملل، وتنقلهم إلى أجواء من الفرح تنسيهم ما مروا به من حرب وخوف وتشرد".