انتشار مخيف لليشمانيا في ظل نقص العلاج وقلة المساعدات

تنتشر الليشمانيا بسرعة كبيرة وبشكل مخيف في مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا، في ظل أمكانيات علاج متواضعة، وعدم وجود مساعدات إنسانية وصحية للأهالي.

روبارين بكر
الشهباء ـ  
يسكن مقاطعة الشهباء حوالي 20 ألف شخص من أهالي المنطقة، وما يقارب الـ 120 ألف من مهجري عفرين، ويعاني الأهالي فيها من انتشار مرض الليشمانيا بشكل مفجع، إثر ما تعرضت له المنطقة من حرب مدمرة وانتشار الجثث في كل مكان، وإهمال الصرف الصحي وغيرها. 
 
 
تقول سوزان خلو (33) عاماً من قرية كفر صفرة في ناحية جنديرس بمقاطعة عفرين، وهي أم لخمسة أطفال، "في منطقتنا لم نكن نعاني من الأمراض التي تتفشى في الشهباء كالليشمانيا، إذ كانت الأدوية متوفرة والمستشفيات تستقبل المرضى".   
وأصيب جميع أفراد عائلتها بالليشمانيا "نسكن مع أربع عائلات أخرى في المنزل، ويوجد 11 طفل/ة والجميع أصيبوا بالليشمانيا، ووالدة زوجي ظهرت على جسدها 25 حبة، المرضى ساءت حالتهم الصحية".
وتنتشر الليشمانيا أو حبة حلب في غالبية قرى ونواحي المقاطعة، ولا سيما في قرية حليصة ومزارعها، وتل شعير، وبابنس، وفافين ومزارعها، وأحرص، ومخيمات "المقاومة، والعصر وعفرين"، وأغلبية المرضى من الأطفال والنساء، وبلغ عدد المصابين أكثر من 1719 حالة.
تعيش سوزان خلو حالياً في قرية تل شعير في مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا وتقول إنه عند وصولهم إليها كانت الشوارع والمنازل مدمرة وخالية من السكان "عانينا الكثير من المتاعب والمصاعب حتى نظفنا المنزل والأراضي الموجودة حوله، من النفايات ومخلفات الحرب".
الحصار الذي يفرضه النظام السوري على المقاطعة والحديث لسوزان خلو يزيد من تردي الأوضاع الاقتصادية والصحية، إلا أن فرق الهلال الأحمر الكردي سارعت لتدارك الوضع وتقديم العلاج فور انتشار الليشمانيا بين السكان "رغم الإمكانيات القليلة قدم الهلال الأحمر المساعدة للأهالي".
في الشهباء لا تنشط أي منظمة إنسانية دولية عدا الهلال الأحمر الكردي الذي قدم العلاج، لكن مع مرور الوقت بدأ الدواء بالنفاذ "نعاني من نقص في الدواء مع ازدياد أعداد المصابين بالمرض في المنطقة".
وتأمل سوزان خلو أن تضطلع المنظمات الإنسانية بدورها وتقدم العلاج للمصابين وأن تأمن الكوادر الطبية، والرعاية الصحية للمهجرين وخاصة للأطفال مع قدوم فصل الصيف وتفشي مرض الليشمانيا بشكل أكبر في المنطقة.
 
 
وتقول أمينة إبراهيم (40) عاماً إحدى المصابات بالليشمانيا "ظهرت حبة حلب أو الليشمانيا على وجهي منذ عام، وبالرغم أنني أخذت حقنة علاجية، وصنعتُ دواءً طبيعياً، إلا أنني لم أشفى"، وتضيف "أفراد أسرتي جميعهم أصيبوا بالمرض، ولا زالوا يعانون منه حتى الآن وقد حُقنوا بالعشرات من الإبر".
 
 
وحول كيفية تقديم المعالجة والإمكانيات المتوفرة لدى النقاط الطبية ومستوصف مقاطعة الشهباء، تقول الإدارية في الهلال الأحمر الكردي عليا محمد "نواجه الكثير من الصعوبات والعوائق في الشهباء، وانتشر مرض الليشمانيا بشكل مخيف في المنطقة".
وعن أسباب تفشي الليشمانيا، تقول "كثرة الحروب والنزاعات التي دارت في الشهباء وما نتج عنها من آثار مدمرة، إضافة إلى تواجد القمامة في كل مكان كانت أسباباً رئيسية لتفشي المرض، ولكن بالتعاون مع المجالس والبلديات في النواحي والقرى استطعنا تجاوز هذه الكارثة ولو بشكلٍ جزئي".
وأما عن الصعوبات التي يواجهونها خلال تأدية عملهم في محاربة اتساع بؤرة تفشي الليشمانيا، تقول عليا محمد "نعاني من نقص في المبيدات الحشرية والمواد اللازمة لمكافحة الجراثيم والحشرات الضارة، وصعوبة في تأمين الأدوية اللازمة، نظراً للحصار الخانق المفروض على المقاطعة منذ ثلاث سنوات".
النقاط الطبية للهلال الأحمر الكردي يستقبل المرضى يومين في الأسبوع، إلا أن الدواء في الكثير من الأحيان لا يتوفر، "الكمية المتوفرة بين أيدينا لا تسد حاجة المصابين وهي فقط للمرحلة الأولى من العلاج، إذ أن لمرض الليشمانيا مراحل علاجية تحتاج لإعطاء جرعات، وحقن إبر".
وتؤكد علياء محمد على أن إهمال المنظمات الإنسانية في تقديم يد العون والمساعدات لمهجري عفرين، وأهالي الشهباء تؤدي إلى تدهور الأوضاع الصحية وتفاقم أعداد المصابين بالليشمانيا، مما يُنذر بكارثة إنسانية.
والليشمانيا نوع من الطفيليات وحيدة الخلية تم رصدها لأول مرة في عام 1885 من قبل طبيب بريطاني، وفي حلب تظهر بشكل موسمي لذلك تسمى بحبة حلب أو حبة السنة، وتنتقل عبر لدغ الحشرات.