"أنا لست خائفة من القتل، بل أخاف من ألا أحقق الأهداف التي أعمل من أجلها"

الإرادة هي التي تسمح للمرء بتجاوز العديد من المشاكل والصعوبات، وإيجاد حلول للعقبات القائمة، وتحقيق الأهداف والتطلعات. عندما تجتمع تلك الإرادة في امرأة حرة تدرك أن سعيها الدام هو السلام

لا يفارق الخوف من التهديد بالقتل من قبل نساء داعش مخيلة همرين الحسن، ابتداءً من استعدادها لمغادرة المنزل إلى الطريق الذي تسير فيه وصولاً إلى مدخل مخيم الهول، لكنها على الرغم من ذلك تقول "أنا لست خائفة من القتل، بل أخاف من ألا أحقق الأهداف التي أعمل من أجلها".
 
سوركل شيخو
الحسكة ـ ، يتم التغلب على العديد من العقبات الموجودة ويتم العثور على حلول لأكثر المشكلات صعوبةً. بالطبع، هذا ليس بالأمر السهل ويستغرق من المرء الكثير من العمل لتحقيق السلام. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر دائمة مثل تلقي تهديدات دائمة بالقتل والخطف والاغتصاب والاستهداف. ولا سيما النساء الكرديات اللواتي يستمدن الإلهام والقوة من فراشات الحرية ومن مناضلات بلادهم ذات الضفائر الشقراء اللواتي جدلن بتلك الضفائر العديد من قصص المقاومة. كانت عروس أربعة أشهر، ويقال إن زوجها قتل برصاصة مجهولة في بداية الصراع، ومنذ ذلك الوقت لبست ملابس سوداء. تعيش مع ابنها الذي حمل اسم والده. ولكن بعد مرور الأيام، خلعت تلك الملابس السوداء، وقالت "هذه ليست نهاية حياتي، سأبدأ من جديد". وبعد أن عملت في العديد من المؤسسات والهيئات التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، أصبحت مديرة لمخيم الهول والذي يمكن القول إنه أخطر مخيم في العالم. همرين الحسن امرأة كردية من سوريا تعيش في مدينة الحسكة، تخرجت من كلية التربية قسم المعلمين من جامعة الفرات. دعونا نقرأ كلماتها معاً ونتعرف على قصتها. همرين الحسن حمامة السلام وامرأة فولاذية.
 
"المرحلة الثانية من الحرب ضد الإرهاب هي رعاية نساء داعش"
في بداية حديثها أوضحت همرين الحسن أنها أرادت استكمال مقاومة مقاتلات وحدات حماية المرأة من خلال الاهتمام بنساء داعش "لقد كان سطوع نجم المرأة الكردية في روج آفا والتي ألهمت كل العالم وتم الترحيب والاحتفاء بها من قبل المجتمع والقادة في جميع أنحاء العالم مصدر إلهام لي لإكمال عمل بطلات وحدات حماية المرأة. والمرحلة الثانية من الحرب على الإرهاب هي رعاية والاهتمام بنساء الإرهابيين. قد يبدو هذا عجيباً أو غريباً، لكن هذه فلسفتنا ومنظورنا للحياة في هذا الشرق الأوسط حيث يحارب الجميع بعضهم البعض ويحاول الجميع قتل بعضهم البعض. فنحن الكرد نحاول إيجاد حياة مستقرة وحرة لأنفسنا وللشعوب الأخرى في المنطقة، على عكس الحياة التي يريدونها لنا".
 
"يجب أن يكتمل النصر العسكري بتغيير ذهنية عائلات داعش"
أفادت همرين الحسن إنه توفرت أمامها فرص كثيرة للعمل في مؤسسات أخرى تابعة للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، لكن العمل في مخيم الهول جذب اهتمامها أكثر، "كانت هناك فرص عمل كثيرة في مؤسسات الإدارة الذاتية ولكن العمل كمديرة للمخيم الذي يضم الآلاف من عائلات داعش لفت انتباهي أكثر. بالطبع إنها مهمة صعبة وقد يجدها البعض مستحيلة، لكن الأمل في بناء مستقبل أفضل هو السبب في أنني بدأت هذا العمل. يجب أن يتحقق النصر العسكري بتغيير ذهنية عائلات داعش. هذا ما نحاول فعله الآن ونعمل عليه، رغم صعوبة العمل لكننا نحرز تقدما كبيراً".
 
"إنهم يحبون إراقة الدماء ونحن نحب الحياة"
أشارت همرين الحسن إلى أن نساء داعش خطرات ودعت إلى بذل المزيد من الجهود من أجل السلام "هذا العمل مرتبط بالهدف الذي أسعى إليه. فالحرب وسفك الدماء والقتل لا تأتي أبداً بنتائج جيدة. ستسيل الدماء، لذلك علينا أن نعمل بجد أكبر من أجل السلام. هؤلاء النساء خطرات وبعضهن قد شاركن في الحروب والعمليات العسكرية ضدنا. ولكن ما يميزهن عن الآخرين هنا هو أننا نحن الكرد نحب الحياة ونفعل أي شيء من أجل السلام".
 
"كل صباح كنت أتساءل عما إذا كنت سأعود من المخيم، أم سأصبح ضحية أخرى؟"
لفتت همرين الحسن الانتباه إلى الخوف والرعب الذي لم يفارقها أبداً وقالت "الصور التي شاهدتها لداعش ومشاهد قطع الرؤوس والقتل، لم تفارق مخيلتي عندما بدأت العمل في المخيم، وكل صباح كنت أتساءل هل سأعود من المخيم؟ أم سأكون ضحية أخرى؟ بصرف النظر عن مخاوفي على العاملين في المخيم وكيف يجب أن أضمن سلامتهم قبل سلامتي، فإن الإدارة قبل سلامتها تتعلق بسلامة الآخرين".
 
"أخشى ألا أحقق الأهداف التي أعمل من أجلها"
وأوضحت أن جميع نساء داعش خطرات وأتوا من نفس البيئة، لكنها تخشى ألا تسفر كل هذه الجهود عن نتائج طيبة، "الموضوع لا يخص فئة معينة، فالجميع يقول إن هؤلاء النساء خطرات، وأتوا من نفس البيئة ويؤمن بنفس الأيديولوجية. الشيء الأكثر أهمية هو كيف يمكننا تغيير عقليتهم وإعادة دمجهم في المجتمع. أكبر مخاوفي الآن هو عدم تحقيق النتيجة التي أسعى وأعمل على تحقيقها".
 
"لم يكن فيلماً أو لعبة، لقد رأيت بالفعل رجلاً ميتاً في المجاري"
استذكرت همرين الحسن الحادثة الأولى التي شاهدتها بعد أن بدأت عملها وقالت "رأيت رجلاً ميتاً في المجاري، لقد مرت الحادثة أمام عيني كفيلم لكن للأسف كان حقيقة وليس تمثيلاً. لن أنسى ذلك اليوم ما حييت، ولكن أثر هذه الحوادث عليّ تضاءل مع مرور الوقت. وكل ما أتذكره من تلك الأحداث الوحشية المروعة يزيد إصراري على أداء واجبي الإنساني".
 
"ذنب الأطفال يقع على عاتق الأمهات والآباء الذين قرروا أن يكونوا جزءاً من داعش"
كما عبرت عن رأيها بأبناء داعش "ذنب هؤلاء الأطفال أنهم ولدوا لأبوين قررا أن يصبحا جزءاً من داعش. هؤلاء الأطفال لم يختاروا هذه الحياة ولكنهم نشأوا عليها. لقد نشأوا على الأيديولوجيات المتطرفة والجهادية. الكل يعلم أن ما يتعلمه الجميع في الصغر في السنوات السبع الأولى من الحياة سيؤثر على حياتهم كلها".
 
"ما دام هناك أمل سيكون هناك حياة أفضل وسلام دائم"
اختممت همرين الحسن بالتأكيد على أنه "بدون أمل لا يمكننا فعل أي شيء، كلما زاد إيماننا بقضيتنا سنتمكن من تحقيق حياة أفضل وحياة أجمل وسلام دائم وحر، وآمالنا وأحلامنا في النجاح ستكون أكبر".