عام 2021... سنة دولية للقضاء على عمالة الأطفال

يحتفل العالم هذا العام في اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال بتحديده كسنة دولية للقضاء على عمالة الأطفال، التي شهدت زيادة كبيرة إثر النزاعات والصراعات المسلحة

مركز الأخبار ـ .
أطفال يتسولون عند إشارات المرور، تنهكهم أشعة الشمس في الحقول والمزارع، يقضون طفولتهم في المصانع والورش للحصول على مبالغ مالية لا تكفي لشراء الخبز، هذا الواقع المأساوي يعيشه أكثر من 24 مليون طفل في العالم.
تعرف عمالة الأطفال بأنها أعمال تضع عبء ثقيل على الأطفال وتعرض حياتهم للخطر، لما ينتج عنها من حرمان من التعليم أو تحميلهم العبء المزدوج للدراسة والعمل.
 
أعمال تهدد طفولتهم
تتضمن عمالة الأطفال التي يجب القضاء عليها الاستعباد والاتجار بالبشر، وسائر أشكال العمل الجبري منها استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة وأعمال الدعارة الإباحية والأنشطة غير المشروعة، بالإضافة إلى أي عمل يؤديه طفل دون الحد الأدنى للسن المحدد لنوع العمل والذي يعيق تعليمه ونموه التام، ويهدد صحته الجسدية والفكرية والمعنوية.
وكان القضاء على عمالة الأطفال وحمايتهم من البنود الأساسية المدرجة ضمن دستور منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها في عام 1919، ومن الأدوات الرئيسية التي اعتمدتها المنظمة بمرور الزمن لتحقيق هدف القضاء الفعلي على عمل الأطفال، الاعتماد على اتفاقية رقم 138 في عام 1973 التي تتعلق بالحد الأدنى لسن العمل والذي يجب ألا يكون أدنى من سن الانتهاء من التعليم الإلزامي.
كذلك اعتمدت المنظمة اتفاقية رقم 182 التي أدت إلى تعزيز توافق الآراء العالمي بشأن ضرورة القضاء على عمل الأطفال، لتعمل بشكل فعلي للقضاء على هذه الظاهرة.
وحظيت اتفاقيات المنظمة التي اعتمدتها بمصادقة جميع دول الأعضاء والبالغ عددها 187 دولة، والتي تعد الأسرع في تاريخ المنظمة من حيث المصادقة عليها، وتقدر نسبة أطفال العالم الخاضعين لحماية الاتفاقيتين بمقدار 20%.
وبناء على ذلك قررت منظمة العمل الدولية عام 2002، اعتماد يوم 12 حزيران/يونيو من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة عمل الأطفال.
ويهدف هذا اليوم إلى لفت انتباه العالم إلى هذه المشكلة، والتعاون بين جميع دول العالم من أجل الحد والقضاء على هذه الظاهرة، وبذل الجهود اللازمة للقضاء عليها، كما ويتم إلقاء الضوء على محنة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم من خلال اجتماع الحكومات ومؤسسات أرباب العمل والعمال والمجتمع المدني إلى جانب ملايين الأشخاص من كافة أنحاء العالم.
 
"السنة الدولية للقضاء على عمل الأطفال"
تختلف الأنشطة التي يتم تنظيمها للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، بين عام وآخر لتعبر عن أحد أشكال عمل الأطفال ونشر الوعي حوله ففي عام 2003 كان الموضوع بعنوان "الاتجار بالبشر"، وفي عام 2011 "عمل الأطفال في الأعمال الخطرة"، بينما في عام 2012 "حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية"، ليكون موضوع عام 2019 "تجنيب الأطفال العمل بالحقول والاهتمام بمساعدتهم لتحقيق أحلامهم".
ودعت منظمة العمل الدولية في اليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال عام 2020، الدول والمنظمات إلى التركيز على احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً أثناء إدارة الأزمات والتعافي منها، واقترحت عدة محاور كمجالات للعمل على إنهاء عمالة الأطفال بحلول عام 2025 والتي تتمثل بتعزيز الالتزام القانوني بالقضاء على عمل الأطفال، تعزيز العمل اللائق للبالغين والشباب في سن العمل القانوني، بناء وتوسيع أنظمة الحماية الاجتماعية، توسيع الوصول إلى التعليم العام المجاني الجيد كبديل منقطي لعمل الأطفال، حماية الأطفال في حالات الهشاشة والأزمات.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت بالإجماع إعلان هذا العام 2021 "السنة الدولية للقضاء على عمل الأطفال"، لتسليط الضوء على إلزام الدول الأعضاء باتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على العمل الجبري وإنهاء العبودية والاتجار بالبشر، والقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم وإنهاء عمالة الأطفال بجميع أشكالها.
ودعت جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني والأفراد، إلى تنظيم الانشطة التي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية القضاء على عمل الأطفال وتبادل أفضل الممارسات بهذا الشأن.
 
الالتزام بأهداف التنمية المستدامة 
في عام 2015 اعتمد قادة العالم مجموعة من الالتزامات، والتي كانت من ضمن أهداف التنمية المستدامة، وهي تجديد الالتزام بإنهاء عمالة الأطفال، وعلى وجه التحديد الهدف 7 و8 من أهداف التنمية المستدامة التي تدعو العالم إلى اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2050. 
وجاء في تقرير منظمة العمل الدولية "يتعين علينا الآن أن نحول هذا الالتزام إلى عمل متسارع وأن نرسل عمل الأطفال إلى مزبلة التاريخ نهائياً".
 
الأطفال... ضحايا الحروب والأزمات والنزاعات
يمثل الطفل الضحية الكبرى في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، لتلقي بظلالها على الأطفال وتنهي مستقبلهم، وباتت الشوارع وأسواق العمل هي الأماكن التي تجذبهم وتستغلهم في أعمال خطيرة مخالفة للقوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الطفل.
وتشكل الحروب مشكلة كبيرة تزيد من مأساتهم نتيجة الإهمال والظروف التي تمر بها البلدان أثر النزاع، فاضطر العديد من الأهالي لدفع فلاذت أكبادهم لمزاولة الأعمال وكسب المال وسداد حاجات أسرهم وخاصة أن بعض الأسر خسرت معيلها أو فقدت عملها بسبب هذه الحروب. 
وبحسب دراسة أجرتها الجامعة العربية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية ومنظمة "الفاو" حول عمل الأطفال في الدول العربية، فهناك زيادة كبيرة في تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة، سواءً من بين السكان المحليين أو اللاجئين، ونسبة تجنيد الأطفال من الجنسين في زيادة، كما يتم احتجاز واعتقال المئات من الأطفال في تلك الدول، ويتم تقديمهم للعقاب في هذا الإطار، وهو الأمر الذي يجب التعامل معه وفقاً لاتفاقية حقوق الطفل والبروتوكلات الملحقة.
كما انعكست التدابير المتخذة ضد وباء كورونا على تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي نتج عنه فقر وبطالة لآلاف الأسر، الذي دفعت بأطفالها إلى سوق العمل وفاقمت من انتشار هذه الظاهرة.
وكانت منظمتا العمل الدولية واليونسيف أصدرتا بياناً مشتركاً في اليوم العالم لمكافحة عمالة الأطفال في عام 2020، جاء فيه أن "المنظمتين ينتابهما القلق من أن تزيد هذه الجائحة عدد الأطفال الفقراء المهددين بخطر الاضطرار إلى الالتحاق بالعمل، فمع استمرار الوباء حُرمت الأسر من العمل، وتفاقمت نسبة الفقر، وهذا يعني زيادة مخاطر إجبار الأطفال والمراهقين من الفئات الهشة على العمل".
 
إحصائيات 
بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2020 فأن جائحة كورونا تسببت بانهيار اقتصادي وخلل في سوق العمل مما دفع الملايين من الأطفال إلى العمل، فهناك نحو 152 مليون طفل في سوق العمل في الفئة العمرية 5ـ 17 عاماً.
يمارس 73 مليون طفل أعمالاً خطيرة، 48% ممن يعملون بالأعمال الخطرة هم من الفئة العمرية (5 ـ 17) عاماً، 28% من الفئة العمرية (12 ـ 14) عاماً، و 24% من الفئة العمرية (15 ـ 17) عاماً.
يعمل 71% من الأطفال في المجال الزراعي "الصيد والعمل في الغابات ورعي الماشية وتربية الأحياء المائية"، و17% بالقطاع الخدمي، 12% في القطاع الصناعي.
وتحتل أفريقيا المرتبة الأولى في عدد الأطفال الملتحقين بالأعمال المختلفة حيث تبلغ 72.1 مليون، وتحتل منطقة آسيا والمحيط الهادي المرتبة الثانية ويصل العدد إلى 62.1 مليون طفل، و10.7 مليون في الأمريكيتين، 1.2 مليون في الدول العربية، و5.5 مليون في أوروبا وآسيا الوسطى.
ويوجد في مصر 2.8 مليون طفل عامل، وفي لبنان 100 ألف طفل عامل، والأردن 50 ألفاً، وغزة 30 ألفاً، وعدد لا يمكن تحديده في مناطق النزاع كسوريا واليمن وليبيا والعراق.
هذه الممارسات كلها تنتهك القانون الدولي واتفاقيات الأمم المتحدة، ومنها اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن عمل الأطفال واتفاقية حقوق الطفل التي دخلت حيز التنفيذ في 2أيلول/سبتمبر 1990.